جبار عبدالزهرة
النجف/ العراق
يقال والعهدة على القائل ان هناك حكاية تراثية عربية شعبية او عراقية خاصة تفيد:- ان رجلا دخل ذات يوم على ملك البلاد وهو جالس لوحده في مجلسه العام وقد تفرق الناس عنه وكان الملك حاسر الراس ولكن في راسه قرون فدهش الرجل لما راى وما هي الا هنيهات حتى تعاوره اتباع الملك فاقتادوه واوقفوه بين يدي الملك الذي هم بضرب عنقه خوفا من ان يفضحه بين الناس غير ان الرجل اخذ يبكي وتوسل الى الملك ان يعفو عنه لانه فقير الحال وكثير العيال وليس لهم من معيل سواه 0
فرقَّ طبع الملك له وأمر َباخلاء سبيله، بعد ان اشترط عليه ان لا يخبر احدا من الناس بما راى لانه ان فعل ذلك فان الملك سيامر باحضاره ويقطع راسه فما كان من الرجل الا ان اعطى للملك عهدا قويا بانه لن يخبر الناس بما راى على الاطلاق فامر الملك بتركه وشانه 0
بيد ان الرجل بعد ايام شعر بضيق في صدره وحرج في نفسه يدفعانه الى البوح بما راى غير ان الخوف كان يتملكه من الملك فاوحى له رايه ان يذهب الى البئر القريب من داره فذهب ووضع راسه فيه واخذ يصرخ باعلى صوته (إن الملك له قرون إن الملك له قرون) فشعر ببعض الرفاهة الجسدية والراحة النفسية 0
وانا والله حالي كحال ذلك الرجل لدي مؤآخذات لا تعد ولا تحصى على السيد رئيس مجلس وزراء العراق محمد اشياع السوداني الذي اعطى وعودا للشعب بالرفاهية والاستقرار والتنمية الاقتصادية والبشرية وقطع عهودا على نفسه بمحاربة آفة الفساد بمختلف اشكاله في العراق حتى يضع له حدا وسيحاسب المسؤولين عنه مهما كانت درجاتهم الحزبية ومواقعهم الوظيفية غير ان العراقيين لم يسمعوا له جعجعة ولم يروا له طحنا وانا واحد منهم 0
ولكن الخوف يصدني من ان ابوح ببعضها بين الناس تحسبا من ان يطالني قانون عقوبات الجرائم الالكترونية الذي يتعارض مع المادة 38 من الدستور العراقي التي تضمن حرية التعبير وتكفل صيانة التصريح والراي والموقف للمواطن العراقي ذلك القانون المجحف الذي طال نفر من ناشطي البيئة الذين نادوا وينادون الحكومة الى الاسراع في معالجة الاوضاع الماساوية في منطقة الاهوار الحيوية فهذه المنطقة اصابها الجفاف بشكل مخيف اضافة ال اختفاء الحزام الاخضر فيها وبدلا من ان تستمع اليهم حكومة السوداني وتبادر الى وضع حلول لهذه المشكلة البيئية التي تهدد معلما مهما من معالم العراق الجغرافية الزاهية والجميلة سارعت الى تخاذ اجراءات عقابية قاسية بحقهم وهذا ما :- أكدته منظمة «هيومن رايتس ووتش» المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، إن النشطاء البيئيين في العراق، يخضعون لتهديدات ومضايقات واحتجاز تعسفي، على يد عناصر تابعين للحكومة والجماعات المسلحة، وفيما دعت إلى إيقاف توظيف النظام القضائي لمضايقتهم والانتقام منهم، رأت أن حكومة محمد شياع السوداني، تعد منظمات المجتمع المدني (غير الحكومية) «تهديدا، وليست شريكا لها».
وخوفا من الحساب والعقاب الحكومي بحثت عن بئر لاضع فيه راسي في منطقة سكني لافرغ فيه الثقل الجسدي والنفسي الذي ينتابني لانتقاداتي للحكومة والذي بات يرهقني عضويا ونفسيا فلم اجد فراودتني فكرة ان افتح صندوق سياراتي واضع راسي فيه لاقول :- تذكر لنا وسائل الاعلام العربية والعالمية على الدوام اخبارا عن محاولات رئيس الوزراء العراقي محمد اشياع السوداني والتي لا تنقطع عن مكافحة الفساد المالي والاداري منذ توليه وظيفته العليا كرئيس لمجلس الوزراء غير انه لم يحالفه النجاح في أي ميدان من ميادينها فقد كان الاخفاق حليفه المزمن في أية معالجة طرحها لمكافحة الفساد المزمن ولو لشكل واحد من اشكاله التي لا اعد ولا تحصى في العراق0
ولكن عندما فشلت جهوده الشخصية ومحاولاته الرسمية في اطار القانون العراقي سعى الى الاستعانة بمنظمة الشفافية الدولية للحصول على الفائدة المرجوة من خبرتها في هذا المجال الموبوء بمختلف طرق واساليب الفساد الملتوية التي يمارسها حتى اكبر المسؤولين العراقيين ، وارجو تصديقي فهذا الكلام استلهمته من الاسئلة التي اطرحها بشكل عفوي على نفر من المواطنين في الشارع فياتي الجواب منهم ايضا عفويا بان جميع المسؤولين العراقيين هم حرامية وفاسدون 0
غير اني اعتقد على انه لن تستطيع منظمة الشفافية الدولية ان تقدم شيئا للعراق في هذا الاطار ولن تستطيع ان تحرز تقدما فيه لان الحكومة العراقية مكبلة الايدي ومسلوبة الارادة من قبل جهات خارجية يخدمها الفساد في العراق وجهات داخلية تعتاش عليه وتخدم اجندة خارجية لا يسعها التنصل من خدمتها ولدي شاهد قريب واقعي ولموس وهو الرجل الذي كان محور سرقة القرن في العام الماضي والذي قيل ان اسمه نور جاسم قد تم اطلاق سرحه من قبل حكومة السوداني تحت ضغوط من جهات متنفذة داخل اروقة السلطة العراقية وقد خصصت له حكومة السوداني طائرة خاصة لتنقله الى تركيا مع مبلغ لا يقل عن مليار دولار من سرقة القرن نفسها وهو المتهم الرئيس فيها عبر ادارتها وتنفيذها 0
ولا ادري والحال بهذه الصفة من الازدواجية والتعامل بمكيالين كيف ينادي السوداني بمكافحة الفساد وله اكثر من تصريح واعمال تصب في مجرى الدعوة والشروع في مكافحة الفساد ولكن هو في تعامله مع الراس المدبر لسرقة القرن قد وفر الطرق غير المشروعة لحماية هذا الحرامي وآخرين غيره وساعده على مغادرة العراق وبحوزته مبلغ كبير مسروق من اموال الشعب 0
اعتقد ان اللجوء الى منظمة الشفافية الدولية من قبل السوداني هي حركة ملتوية لخداع الشعب العراقي لكسب متسع من الوقت في المماطلة والتسويف ومن ثم تغطية فشله في التصدي للفساد ومشاركة الفاسدين في التخلص والتملص من الحساب والعقاب فاذا كان القانون لم يسعفه في توفير الغطاء والطرق القانونية لمكافحة الفساد ماذا ستفعل له ؟؟ خبرة وتجارب المنظمات والهيئات الدولية في قضية داخلية لا يحق لها التدخل فيها سوى تقديم المشورة والنصيحة وقد لا ينفعان في الظروف المتجذرة وملابسات الاوضاع الجارية في العراق تحت مطرقة وسندان احتلالين وهما الاحتلال الامريكي والايراني0
وهذه امر يؤكده واقع حال تعامل رؤساء مجلس الوزراء للحكومت السابقة مع اللصوص فلم تتخذ اية خطوة عقابية قانونية من قبل أي واحد منهم بحق اللصوص السلطويين رغم انهم يعرفونهم ويعيشون معهم تحت قباب ابنية السلطات الثلاث ورغم تاكيدات الواحد منهم الرسمية والاعلامية ان من اولويات برنامج حكومته ومن بين اهمها هي مكافحة الفساد 0
ان الافادة من التجارب الدولية في كشف مواطن الفساد وبؤره وتعزيز ذلك بخبرة منظمة الشفافية الدولية في هذا الاطار الحيوي يستدعي المصداقية في الطرح والعزم المضاء وهي من الامور التي يفتقر اليها أي مسوؤل عراقي وفي المقدمة رئيس مجلس الوزراء والذي بيده كافة امور الحل والعقد وذلك من اول حكومة في العام 2006 م الى يوم الناس هذا 0
لذلك فانا اقدر واتنمى ان اكون على خطأ ان العراق سينهار اقتصاديا وماليا في وقت قريب اذا بقيت نفس الثلة تحكمه وهي ثلة انجبت السوداني مثلما انجبت من سبقوه من رؤساء الحكومات الماضية الذين، زاد كل واحد منهم طين الفساد بلة ،فتراكمت تركته الثقيلة بين ربوع ارض الرافدين ،وشكلت حملا ثقيلا على كاهل كل مواطن عراقي والمشتكى الى الله 0
عذراً التعليقات مغلقة