قصائد :
سعيد بن الهاني
شاعر من المغرب
ظِلُّ الغائِبِ
أيّتهَا اليَابسةُ
في ماءِ صَمْتِكِ
وبكثافةِ النّحلِ
ألملِمُ شَظايا الكونِ
في شمسِ نافذَتِكَ
وقد أصبحتْ عشبًا
ترفرف فوقه فراشات
تتلمَّسُ رذاذَ المطَر
هنا سيكبرُ ظلّك
ليروي عطش السّنين
في هذا الخريف
أراكَ تحلّق بجناحين من حلم
تبحث عن شجرة
لتُودِعهَا نشيد الماء
بغبطة طائرٍ
يشدو على شجر السّرو
اترقّبُ
بقليلٍ من الحبرِ
ازهرار الضّوء
في كلماتك
والهواء يحرسهَا
من برودة اللّيل
اليوم،
تغريني السّماءُ
بالتشظّي
فوق ترابك
جريحًا
في غربة المرايا
في ابتسامة الهلال.
الكلماتُ
الكلماتُ
في صمتِ البحيرةِ
تقرعُ الأجرَاس
كي تتحوَّلُ إلى ظِلالِ
إلى دمٍ
لأقحوانة بيضاء
طالَ انتظارُها
في شفاه العاشقين
وحورياتُ الغابةِ
وقد أصابها جنون التّحليق
من غصنٍ لآخر
إني أراها الآن نائمة
في حديقة
مملكة اللّيلِ .
صوتٌ يُرَى مِن شَبابيكِ الموتِ
أرى نزوحَ الصّوتِ إلى ذاكرَة السُّنْبُلَةِ ،
أرى الظِّلالَ تنعمُ بحُرِّيَةِ الماءِ
أرى البحرَ يرْقُصُ قبلَ المغيبِ
أرى الصّمتَ نَقِيًّا في بياضِهِ
أرى أبِي يمرِّرُ أصابعهُ على ذرّاتِ الزّمنِ
كأمواجِ ضوءٍ في زَهْرة الغُرباءِ
الذكرياتُ هي موائد السَّمَاءِ
حجارةُ الجرْحِ الأخيرِ
على أعتابِ وحْشَةِ البَرزخِ
هل عدتَ إلى ذاكرة الخلق الأولى؟
الوعودُ كلّها تجذبُ المعادنَ
إلى النّهر
إلى الصّخورِ السّماويّةِ
لرثاء المُدن اللّقيطة بأرقامِ الصّيارفة
ظمأُ الشّوقِ هو إيقاعُ الفجْر الذي لايُرى
هو وداعٌ في أُصُصِ وَرْدٍ
هو عودة إلى طفولة الماءِ
إلى أحاسيس الغابة
قبل انقضاض النّسر بطباعه
ليجلِدَ الخلائق
في معابر ضيّقة ممرّاتُها
! يالجنون الزّهرات في الهواء الطّلق
تأويلُ الرِّيحِ
هكذا سأركض في براري حديقة الغموض الجميلِ ، قبلَ أن توشكَ الشّمسُ عنِ الغروبِ . قصّة الخلقِ تروى للأطفالِ ذات فجرٍ ،لإطعام جوع الغمامِ بعدَ أن خرّبَ الشكُّ اليقينَ .في تأويلِ الرِّيحِ صمت الطّيورِ في الأعشاش: تعبُرُ الظلّ بأبجدية استأثرت بالأمومة في واحاتها المثقلة بليلِ الغياب.
لي أنْ أَصنع أجنحة لأوراقِ الأشجار ،لأنّها لاتجيدُ الطّيرانِ ،تتوالى الرّيحُ عنيفةً ،ونحنُ ظلالٌ تحتها ،نخفّفُ حدّة المفارقة ،نسكبُ الماءَ في مساحاتٍ مجنونةٍ اكتظَّتْ بالخوْفِ .
القصائد خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة