*: عبدالوهاب العمراني
لايزال صدى الاتفاق بين طهران والرياض يلقي بظلاله في الاعلام العربي والدولي على حد سواء
ولاسيما في العواصم الاربع التي صنفت بأنها تسير في فلك ايران وقد انفردت اليمن عن تلك العواصم الثلاث الاخرى بأن تاثير السعودية فيها اكثر من تاثير ايران فالحال في اليمن عكس العراق على سبيل المثال الذي يشترك مع ايران في حدود طويله ويجمعها التشيع إضافة لأحقاد تاريخية اخرها الحرب العراقية الايرانية لثمان سنوات
وعليه فالتباين بين العواصم الاربع في المشرق العربي مختلف بين مجتمعات الدول الاربع من حيث ردود الافعال لدى الرأي العام شعبيا والمواقف الرسمية .. فكلا يغني على ليلاه وليلى لا تقر لهم وصالاً
بمعنى ان العواصم الاربع كل يفسر تداعيات الاتفاق بين ايران والسعودية في ضوء واقع الحال ومعطيات الحالة والوضع الراهن
وعليه سيتم التركيز في هذه المقالة على الحالة في اليمن التي تطحنها الحرب لثمان سنوات بالكمال والتمام ودور الاقليم عربا وعجم في اذكاء الصراع في اليمن وجعلها حربا بالنيابة لمجرد وكلا مرتزقة والمنقسمون بين ما يسمى بسلطة الامر الواقع في صنعاء ومجلس القيادة الرئاسي الذي تم فرضه وتشكل خارج حدود الجمهورية اليمنية والذي بدوره منقسم على نفسه وبين اعضائه خصومة تزداد يوما بعد يوم رغم ان جميع اطراف الشرعية وابرزها الشرعية المرتهنة والطرف الانفصالي وميلشيات اخرى ابرزها فصيل طارق محمد عبدالله صالح الذي يعده التحالف ليحكم اليمن وكأن ثماني سنوات من التنكيل لا تكفي وهاهم يرسمون مستقبلنا ومن يحكمنا وشكل اليمن، هل بلد واحد ام دولتان او يتفتت لأكثر من كيان كما هو حاصل اليوم على ارض الواقع ( عدن بقية محافظات الجنوب الانتقالي مارب والساحل الغربي)
من خلال هذه المعطيات يخلق للمراقب والراصد رؤية واضحة يستطيع من خلالها توقع سيناريوهات مفترضة لمألات الازمة في هذه البلدان على خلفية يوميات الحرب لثمان سنوات عجاف وتقييم حصيلة تدخل دولتي التحالف التي نكلت باليمن على مدار الساعة لمحاربة الفرس المجوس مع ان العرب اشد كفرا ونفاقا بدليل ان من يضحك في الاخير هو الطرف المنتصر وبداهة فاليوم كلا من ايران وحليفها في اليمن هما المنتصران دون سواهمِ
تحدث محللون سياسيون عن تأثير عودة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران على مجريات الأوضاع الدائرة في اليمن
ويكاد يجمع اغلبهم أن التأثير سيكون إيجابيا على الملف اليمني لأنه كان أحد أبرز محاور المفاوضات السعودية – الإيرانية التي انتهت بصدور البيان الثلاثي المشترك بين السعودية وإيران والصين
وتوقعوا أن يترجم ذلك في الإعلان عن تمديد الهدنة الأممية في اليمن لفترة معينة وقد تكون الأخيرة وبأن هذه العام قد يشهد نهاية رسمية لهذه الحرب
والشروع في جولات حوار سياسي بين الحكومة اليمنية والحوثيين، بعد الوساطة العمانية بينما شكك خبراء يمنيون في التوصل إلى حل للأزمة اليمنية بشكل كلي بعد الاتفاق بين الرياض وطهران، مؤكدين أن تعقيدات الملف اليمني لا يمكن تفكيكها بناء على هذه التفاهمات الإقليمية المؤثرة في الملف اليمني
واستبعدوا أن تتوقف طهران عن دعم الميليشيات الحوثية بالمال والأسلحة وخصوصا الطائرات المسيّرة والصواريخ الايرانية كما أنه من غير المحتمل أن تتوقف الرياض عن دعمها العلني للحكومة الشرعية، لكن مع إمكانية التوقف عن التدخل بشكل مباشر في الصراع
ويشير هؤلاء إلى ان الاتفاق بين الرياض وطهران سيعمل على تغيير قواعد الاشتباك السياسي والعسكري في المنطقة بما في ذلك الحرب اليمنية، التي ستخضع لمرحلة عقلنة في الصراع القائم، ومن ضِمن ذلك إحياء المسار السياسي والتراجع المتوقع في سخونة المواجهات العسكرية
وبات بحكم المؤكد ان هناك انعكاسات مباشرة حيث أن خفض مستوى التوتر بين الدولتين ينعكس على حلفائهما المحليين، لكن السؤال إلى أيّ مدى
بين الجانبين الايراني والسعودي الضغائن والخصومات الكثير بقدر ما هو محاولة لإعادة عقلنة التنافس والصراع بينهما، ولا يمكن للطرفين وخصوصا إيران التنازل عن الشوكة التي لديها في اليمن والتي يمكن لها إعادة استخدامها وتفعيلها في مواجهة خصم مثل السعودية
الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران له جوانب إيجابية كبيرة إذا صدقت إيران في الالتزام بتعهداتها والتزاماتها واحترام القوانين الدولية، مشيرا إلى أن هذا الاتفاق ينعكس على الملف اليمني كون الاتفاق يحيّد إيران عن تدخلاتها في اليمن ودعمها للميليشيات الحوثية بالسلاح والخبراء العسكريين والأموال وهذا يجعل الميليشيا الحوثية في موقف أضعف في مواجهة تحديات كبيرة
وأجمالا معركة اليمنيين ضد الميليشيا الحوثية مستمرة والشعب اليمني ماض في معركته سواء بمساندة الإقليم أو دونه كما قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في مؤتمر ميونخ.
يحتمل أن يكون للاتفاق تداعيات واسعة على الاتفاق النووي الإيراني والحرب الأهلية في اليمن،
السعوديون يدعمون الحكومة المعترف بها دوليًا في حرب أهلية استمرت ثماني شكليا وعمليا سعوا لاستنساخ انقلاب اخر في عدن وليس فقط شرعنتهم بل اصبح هو الشرعية ومن يخالف ما يسمى بمجلس القيادة يعتبر متمرد كما حصل في محافظة شبوه وقد يستنسخ في أي محافظة جنوبية اخرى
وتأمل المملكة العربية السعودية في أن توقف إيران ضربات الطائرات دون طيار والصواريخ على المملكة، وأن تساعد إيران في ذلك
من ضمن الثغرات التي لها اكثر من تفسير فأن الاتفاق ينص على “عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية”
تباينت المفاهيم والتحليل للحالة الراهنة فهل هذا يعني ألا تتدخل السعودية في شؤون إيران الداخلية في الأهواز وعدم نشر أخبار وسائل الإعلام السعودية لتوترات الداخل الإيراني، كما تطالب إيران؟
هل هذا يعني أن تلبي السعودية طلب إيران المتكرر بعدم التدخل في اليمن وبأن تتخلى السعودية عن دعم الشرعية اليمنية ومفهوم الشرعية الدولية وعن مرجعيات اليمن الثلاث للتوصل لحل سلمي شامل؟
هل هذا يعني فقط ألا تتدخل إيران في تأجيج شيعة السعودية في المناطق الشرقية والجنوبية؟
هل هذا يعني أيضا أن تتوقف إيران عن إرسال الخبراء العسكريين والسلاح والطائرات المسيرة والصواريخ والنفط المجاني للحوثيين في اليمن؟
هل هذا يعني أيضا أن تتوقف إيران عن تسليح وتمويل حزب الله في لبنان؟
هل هذا يعني أيضا أن تتوقف إيران عن الاستعمار الاستيطاني لجنوب العراق وخنق بغداد بميليشيات الحشد الشعبي؟
الإجابة:
ستتوقف السعودية عن نشر أخبار مظاهرات النساء والشعب داخل إيران.
لن تعرف السعودية بعلاقة إيران بشيعة السعودية لأنها سرية.
لن تتخلى إيران عن ميليشياتها وأصدقائها في اليمن ولبنان وسوريا والعراق.
سيتجمد الصراع في اليمن لعقود طويلة وهذا لصالح الحوثيين والإيرانيين وخراب وهزيمة للسعوديين واليمنيين.
المكاسب والإنجازات الحوثية والإيرانية هائلة
الحوثيون ونتيجة لأفعال التحالف على الارض طيلة حقبة الحرب وما قبلها فقد تحولت ميلشيا الحوثي من حال الى حال فبمجرد ان يقارن المراء كيف كان الحوثيين قبل سقوط صنعاء بتواطئي “وطني” تحالف صالح والحوثي وسكوت هادي بضوء اخضر عربي قبل ان يكون اعجمي
لقد حققوا غنائم ضخمة وشرعنه وقانونية
وأجمالاً سيتجمد الصراع في اليمن كما هو اليوم حياة البرزخ لا حرب ولا سلم وقد عرف الحوثي نقطة ضعف كلا من “الشرعية” والتحالف وعليه فانه يشعر بحالة اطمئنان وانه ايضا في وضع مناسب للغاية والايرانيين نفس الشيء وبنفس المسوغات تقريباً .
وهذا بداهة ربح كبير للحوثيين ما كانوا يحلمون به بداية الحرب
السبب الوحيد لعقد الاتفاق، هو إيران يعتقد بعض المراقبين للشأن اليمني بأن الطرف الوحيد الذي قد يفشل الاتفاق هو ايران وهو الامر نفسه لأدواتهم في اليمن الحركة الحوثي
وربما، ستتغاضى كل من السعودية والصين عن فشل الاتفاق او تتنصل جزئيا في تفسير الفشل وعدم الالتزام واجمالا كل ما تتمنه السعودية، هو عدم قصفها بمسيرات وصواريخ إيران والخروج من غرامات ومشاكل اليمن ولهذا فاي اتفاق مفترض بان الحوثيين والسعودية سيوافق الحوثي على استحداث منطقة عازله حدودية لعدة كيلو مترات وبضمانات دولية ربما الصين وروسيا وسلطنة عمان
في حين اولويات الصين هو تقزيم الدور الامريكي اقليميا والظهور بصورة القوة العظمى ضمن نظام احادي القطبية الذي بداء يتداعى على خلفية الحرب في اوكرانيا والتقارب الصيني الروسي
*كاتب وسفير في الخارجية اليمنية
عذراً التعليقات مغلقة