“هو.. وهي”
مسرحية
نشوان عزيز عمانوئيل
ستوكهولم
المشهد الأول :
(تفتح الستارة على غرفة مظلمة. يجلس “هو ” في الظلام، يداعب بيده اليمنى سكيناً، في حين ترتعش يده اليسرى على كوب من القهوة التي تناثرت قطرات منها على الطاولة الخشبية وأختلطت بأعقاب سكائر مرمية هنا وهناك.. هناك أيضاً على الطاولة بقع سوداء تُشبه اوهامه وأحلامه حين يغرق في اللاجدوى
(يظهر صوت يتحدث من الخلف)
الصوت: هل تنوي القيام بذلك؟
هو : (لا يبالي) وقد ارتسمت على وجهه ملامح الضجر.. نعم.
الصوت: لا يوجد شيء في هذه الحياة يستحق ذلك.
هو : (ينظر نحو الصوت، بدون أي اهتمام) الحياة؟! ماذا عنها؟ لم يعد لدي شيء يستحق العيش من أجله.
الصوت: وماذا عن حياتك أنت.. والمتعة والحب؟ الأسرة؟ الأصدقاء؟
هو : (يضحك بسخرية) الحياة ؟! أية حياة ؟ لم تكن لدي حياة قط.. الحب.؟من يحبني بعد الآن؟ الأسرة؟ انهارت بسببي، والأصدقاء؟ لقد غادروني جميعًا.
الصوت: (بهدوء) فلماذا لا تعيش ببساطة؟ لماذا تريد الانتقام؟
هو : (بصوت ينم عن الغضب) البساطة؟! كيف يمكنني العيش ببساطة بعد كل ما حدث؟ أنا لا أريد الانتقام، أريد الرحيل فحسب من هذا العالم المظلم… لا انتظر شيئاً ولااريد شيئاً.. ولا اتوقع شيئاً
الصوت: (بهدوء) لن تحل المشاكل بالتهرب منها. هل تستمر في التفكير في السكين أم أن لديك أي أفكار أخرى؟
هو : (ينهض من مكانه، ويحمل السكين) ليس لدي أي فكرة أخرى. سأفعل ما يجب علي فعله.
(يقترب “هو ” من الصوت، ويقترب الصوت منه. تختفي الستارة ببطء، ويتم إيقاف العرض)
المشهد الثاني :
(تفتح الستارة على منظر لشقة في وسط المدينة، يتواجد فيها “هو ” و “هي ” وهما زوجان شابان. يقفان في وسط الغرفة وهما ينظران بصورة طويلة إلى بعضهما البعض)
هو : (بصوت متأنٍ) لقد تعبت من الحياة هذه الأيام.
هي : (تحاول تهدئته ) لا تتحدث هكذا، عليك أن تتذكر أننا نحظى بحياة مثالية.
هو : (يترجل عن ذلك) لكن وجودنا كله هو المشكلة، . الوجود نفسه يبدو فارغاً مظلماً تعيساً .
هي : (تحاول مجددًا تهدئته ) ولكن هل ليس لدينا كل شيء؟ النجاح، الثراء، وحتى بعض الأشياء التي نحتاجها في الحياة.
هو : (ينظر إليها ) ولكن لماذا؟ ما الغرض من كل هذا؟ لماذا يجب علينا أن نعيش؟
هي : (بصوت هادئ) للنعيم. النعيم هو الغرض من وجودنا هنا.
هو : (يهز رأسه) النعيم؟! هل هذا كل ما هنالك؟ هل هذا هو الغرض الحقيقي وراء الوجود؟
هي : (تبدو متحيرة) إذا لم يكن النعيم هو الغرض، فماذا يكون؟
هو : (بصوت منخفض وأجَش ) ربما لا يوجد غرض حقيقي. ربما الوجود نفسه هو الجحيم.
هي : (بتردد) لكن… ماذا عن الأحلام، والأمل، والحب؟
هو : (ينظر إلى إليها بجدية) الأحلام والأمل والحب؟! كل هذه الأشياء الجميلة هي مجرد إلهاءات لتسكيننا من واقعنا الصعب.
هي :(ترتعد قليلاً وتحاول التمسك بالأمل)
هي مجدداً : (بصوت ضعيف) لكن… ربما يكون هناك شيء آخر هنا. شيء يعطي الحياة معنى حقيقي.
هو : (بصوت هادئ) ربما. ربما يجب علينا البحث عن ذلك الشيء.
(يتوقف الاثنان قليلاً، ثم يرتدي هو معطفه الأسود ويأخذ مفاتيح السيارة)
هو : (يبتسم) هيا، دعينا نذهب ونبحث عن ذلك الشيء.
هي : (تبتسم معه) نعم، دعونا نفعل ذلك.
(يخرج الاثنان من الشقة ويقفان في الشارع. ينظران حولهما، يشعران بالغموض والترقب)
هو : (ينظر إليها ) هل تشعرين بذلك؟ هل تشعرين بأننا نبحث عن شيء مهم؟
هي : (تبتسم) نعم، أشعر بذلك.
هو : (يضع ذراعه حول كتفيها ) في النهاية، ربما الوجود نفسه يكون الجحيم، ولكن معًا، نستطيع أن نجعلها أفضل.
(يبتسمان لبعضهما البعض، ويسيران بشكل متماثل إلى الأمام)
المشهد الثالث :
(يفتتح المسرح بساحة وسط المدينة ، مع بنايات عالية وشوارع مزدحمة بالناس.
يشعر الرجل بالإحباط من قيوده الشديدة ويبدأ في البحث عن الحرية. يقابل في الطريق رجلاً غامضًا يعرض عليه فرصة الهروب من المجتمع المقيد، ولكن بشرط أن يتحمل مسؤولية حياته وقراراته.
يعاني الرجل من المخاوف والشكوك حول قراره، ويتعرض للاختبار في رحلة بحثه عن الحرية. يواجه العديد من المصاعب والصعوبات في طريقه، ويكتشف أن الحرية ليست بالأمر السهل كما يعتقد. يجد نفسه في مواجهة قرارات صعبة يجب عليه اتخاذها بنفسه وبمسؤوليته الكاملة.
يأتي من البعيد صوت متردد ومنخفض
صوت: “كل هذا الصخب والضجيج يجعلني أشعر بالغربة، بالوحدة في هذا العالم الضخم. هل يوجد أحد هنا يشعر بنفس الشيء؟”
(يظهر شاب في العشرينات من عمره، ويجلس على مقعد بالقرب من أحد المباني. يحاول التفكير وسط الزحام)
(يتبدل المشهد إلى منزل، ونرى الشاب وهو يجلس على سريره في غرفته، يحاول النوم)
الشاب: “لماذا لا يمكنني النوم؟ لماذا تتجول أفكاري بلا هدف وبدون توقف؟ هل يوجد أحد آخر يشعر بالوحدة الداخلية هذه؟”
(يتبدل المشهد إلى مكتب، حيث يجلس الشاب ويحاول العمل)
الشاب: “لماذا يبدو كل شيء خاليًا من الحياة؟ لماذا يشعر كل شيء بالإحباط؟”
(يتبدل المشهد إلى الشاب وهو يتجول في الشوارع)
الشاب: “أريد أن أجد شيئًا ما، شيئًا يعطي الحياة معنى ويقودني إلى السعادة الحقيقية.”
(يتوقف الشاب قليلاً، ثم يرفع رأسه وينظر حوله وقد تلاشت خطواته فوق الرصيف البارد.. تنطفئ الأضواء تدريجيًا، وتنتهي المسرحية
المسرحية خاصة لصحيفة قريش – لندن
عذراً التعليقات مغلقة