من وحي الصيام
رمضان زيدان
نحو السماء توجّه السعداءُ
وأفاضوا من عبراتهم وأضاءوا
في كل يومٍ بالخشوع نواصياً
يزهو على أنوارها الحنفاءُ
غسلتْ دموع الخَلق من أدرانها
نفساً تؤوب وقد حواها صفاءُ
جاءوا إلى ربٍ رحيمٍ غافرٍ
للمرء يحلو من لدنه عطاءُ
رفعوا الأكف بليلةٍ تعدو لها
روحٌ أطل بعينها الـخُلصاءُ
ومن الضراعة تستنير بصائـرٌ
يهفو على أهدابـها أنداءُ
تتراءى من بين الشمائل ومضةٌ
قبسٌ يشّع على الربوع يضاءُ
عين الرجاء توسّلتْ بدموعها
ربّـــاً أتى غفرانَه العتقاءُ
نبضات قلب الساجدين تحيطها
بين العباد محبةٌ وثناءُ
وتجمّلَ الشهر الكريم بحُلّةٍ
ألِقتْ لها وتوهّجت أضواءُ
جمعٌ غفيرٌ بالإنابة ضارعٌ
لله جلّ تقدّستْ أسماءُ
وتأوه الصوت الشجي بتوبةٍ
وبكل نفسٍ تنمحي أهواءُ
وتبتّلتْ روحٌ تتوق لربها
نوراً عليه تبدّدت ظلماءُ
ويظلنا غفران ربي بالسنا
يرنو إليه العابد البكّاءُ
هي دعوةٌ كلٌ يلوذ بسترها
قد ذاب في ترنيمها البلغاءُ
والناس بين مُسبّحٍ ومهللٍ
وبكل منعطفٍ أطل سناءُ
هذي بيوت الصائمين منارةٌ
تعدو إليها الوهجة الشهباءُ
حدّث عن الشهر الكريم مناقباً
يمشي على نبراسها الحكماءُ
هَدْيٌ عظيمٌ يستزيد بنفحةٍ
قامت على أخلاقها الأرجاء
روح الصيام مقادنا لمفازةٍ
بين المروج يسودها النبلاءُ
صوم النهار لكل نفسٍ طُهرةً
وقيام ليلٍ جاءهُ الشرفاءُ
ودعاء خيرٍ للمعالي صاعدٌ
فجراً يطالع وجهه الرفقاءُ
خير الليالي قد علمنا قدرها
فيها تحقق للعباد رجاءُ
تُبدي لنا نفحاتها أكرم بها
من ليلةٍ فوق الرُبى علياءُ
وعلى ضفاف القائمين لربهم
روحٌ تطوف وحولها سرّاءُ
في كل معوجٍ تُقوّم أنفسٌ
حتى تقوم عزائمٌ ومضاءُ
واذكر يتيماً قد أطل بوجهه
حزنٌ تغشّى مقلتيه عناءُ
هذا قيام الليل رجعة تائبٍ
تبدو عليه فضائلٌ ورِواءُ
فأدعو الإله بلحظة القرب التي
يلتف حول جلالها النُجباءُ
وارفع يديكَ إلى القوي مناجياً
بالليل يسري للسماء دعاءُ
واجعل من الأسحار وِرْد تضرعٍ
حصناً يلوذ بركنه العقلاءُ
تهفو القلوب إلى عطايا ربها
كرماً يجلُّ صنيعه الأمناءُ
الله اكبر حينما سطع الهدى
ليقوم في محرابه الفضلاءُ
فرص الرجوع تعود فاغتنم الرضا
ليســــود بين العالمين رخــاءُ
…..
zidaneramadan@gmail.com
عذراً التعليقات مغلقة