جدول أعمال التشاور السّياسي بين المغرب والسّعودية

آخر تحديث : السبت 8 أبريل 2023 - 6:05 صباحًا
جدول أعمال التشاور السّياسي بين المغرب والسّعودية


عبدالحميد جماهري

كاتب وإعلامي من المغرب 

كلّ شيء كما لو كان معتادا، في اجتماع لجنة التشاور السياسي – ولجنة المتابعة على مستوى كبار مسؤولي وزارتي الخارجية بالمملكة المغربية والمملكة العربية السعودية، وهو الاجتماع الثالث من نوعه الذي عقد الأربعاء، منذ تأسيسها وإعادة تنشيطها بالرياض.

الجانبان المغربي والسعودي «تباحثا حول سبل تعزيز العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات، كما تبادلا وجهات النظر حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وترأس مساعد وزير الدولة لشؤون الدول الإفريقية السفير د. سامي بن عبد لله الصالح، الجانب السعودي، فيما ترأس الجانب المغربي السفير فؤاد يازوغ، المدير العام للعلاقات الثنائية…

حضور مساعد وزير الدولة لشؤون الدول الإفريقية، عوض مدير يعتبر في العرف الدبلوماسي رفعا من تمثيلية الدولة السعودية، ولا يَعْدَم دلالةً ومعنىً، كما أن انتظام الاجتماعات الخاصة باللجنة هو بحد ذاته عنصر تقييم إيجابي، لكن الاجتماع العادي يأتي في سياق غير عاد تماما وهوما سيفعل فعله ولا شك… فاللجنة آلية تجتمع في منتصف الفترة الفاصلة بين اجتماعات اللجنة المشتركة، وهي لجنة مهامها ذات طبيعة تشاورية، وتقييمية، بحيث أن الجانب التقني فيها يهم الإطلاع المشترك على ما تم إنجازه، من خلال اللوائح المتفق عليه بينهما، كما أن اجتماعاتها تنظر في الملفات التي حصل فيه تقدم من اتفاقيات قد تكون جاهزه للتوقيع والتأشير والدخول في المرحلة التنفيذية.

وطبعا لا يعني بأن هذه اللجنة لن تتأثر بالمرحلة التي تنعقد فيها، ولن تكون فرصة لتبادل وجهات النظر حول المجالات المشتركة…


وفي الجانب السياسي الحتمي، في لقاء من قبيل لقاء المغرب والسعودية، لا يمكن أن تغيب التوافقات الإيرانية السعودية الأخيرة.

وفي هذا الباب يمكن أن نفكر في مستويين اثنين على الأقل:

هو أن الحل، الذي يجب أن يتفق عليه العرب، لا يمكن أن يكون إلا جماعيا، وبالتالي فإن الحلول الثنائية تظل محددة التأثير بل محدودة النتيجة إذا كان الأمر يتعلق بدولة لم تثبت وفاءها بالتزاماتها مع جيرانها العرب وغير العرب.

والمغرب في هذا الباب، بالذات، يمكن أن يقدم ورقته الخاصة، ورقة الاتفاقيات مع إيران التي تدوس عليها طهران بمجرد أن تتغير براديغمات السياسة الدولية أو تظهر عناصر عمل جديد ترى أنه يفتح لها فضاءات ودوائر جيوستراتيجية جديدة كما هو حال المغرب الكبير.

والورقة الثانية تهم الخطر الإيراني كما يراه المغرب، وهو يعتبره خطرا يهم القارة الإفريقية وشمالها، واللعب على التوترات القديمة الجديدة في المنطقة، وقد بينت التجربة أن المغرب الذي مر من تجربة طهران يمكنه أن يقدم قراءة لا يفترض فيها إجباريا أن تكون متطابقة مع الرياض.

المغرب يقدس سيادة الدول، من منطلق تقديس سيادته، ويعتبرها حجر الزاوية في بناء فضاءات نشاطه الجيوستراتيجي.. وبالتالي لا يمكن إلا أن يتفهم القرار السعودي، ويحترمه، مع إبداء رأيه في استحقاقات التفاهم بين البلدين، في ما يتعلق بالاستقرار السيادي والترابي والروحي للدول المعنية بتحركات نظام الملالي..
ومن هنا لا بد من التذكير بما يلي:

لقد تم الإعلان عن الاتفاق في نفس اليوم الذي اجتمعت فيه اللجنة العربية الرباعية، التابعة للجامعة العربية، وأصدرت فيه بيانا يدين التدخل الإيراني في الشؤون العربية (في الشرق العربي كما في الغرب).. وهو موقف أشاد به المغرب كثيرا.

والمثير في الحدث نفسه أن المملكة العربية السعودية هي التي ترأست اجتماع اللجنة الرباعية المذكورة أعلاه..
هذه الإدانة التي تستند إلى شرعية عربية (باعتبار اللجنة كانت من بنات الاجتماع غير العادي للمجلس العربي في الإمارات في 2015) وشرعية دولية (باستنادها على القرار الأممي 2216 الصادر في 2015 بمنع تسليح المليشيات)، هي قرار برعاية سعودية، ومن ثمة يضع إيران في قفص الاتهام، ولم يكشف البيان الثلاثي السعودي الصيني الإيراني الصادر حول التقارب طبيعة العلاقة البعدية بين المدين والمدان، اللهم إلا من بند واحد يدعو إلى التزام البلدين بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.. بدون سند مادي وآليات لتنفيذ هذا الالتزام…

المغرب يتهم إيران بوضوح بأنها تسعى إلى نقل «البراديغم الشرق أوسطي وبؤر توتره إلى منطقة شمال إفريقيا والساحل جنوب الصحراء»، ضمن استراتيجية طهران في التوسع الإيديولوجي عبر «الأدوات المساعدة»،والتي تتمثل في تصدير تجربة حزب لله من الشرق الأوسط إلى دول الساحل وشمال إفريقيا… عبر البوليساريو…».

من المنطقي أن السعودية التي تحتضن القمة العربية المقبلة في مايو/ آيار القادم ستقدم دليلها. الكاطالوغ – الدبلوماسي والسياسي لإقناع الدول العربية بهذا التقارب، فهي فاعل أساسي في العالم العربي وهي صاحبة المبادرة، وهي التي تخوض الحرب الضارية في جبهات تشعلها طهران (سوريا ـ اليمن نموذجا)…

مقال خاص لصحيفة قريش  – لندن

كلمات دليلية
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com