حياة أخرى في قصائد من جسد وروح.. حوار مع الشاعرة السورية مرام المصري

حياة أخرى في قصائد من جسد وروح.. حوار مع الشاعرة السورية مرام المصري

آخر تحديث : الجمعة 28 أبريل 2023 - 1:56 صباحًا
Screenshot 2023 04 28 at 01.49.40 - قريش

هل هي جريمة

أن ارقص

أن اكتب

أن اغني

أن ارغب

أن أحب

هل جريمة أن أولد

في بلد يشنق عنق الحرية؟

Screenshot 2023 04 28 at 01.48.31 - قريش

حياة أخرى في قصائد من جسد وروح.. حوار مع الشاعرة السورية مرام المصري

حاورها : د. توفيق رفيق التونجي

 تكاد تكون التجربة الشخصية للإنسان مرآة تعكس روحه ووجدانه. التعبير شعرا عن مآسي البشرية وما يجول في الفكر والسلوك الإنساني من خوف يتمثل في استخدام العنف والشدة في التعامل مع الأقربين من أبناء العائلة . هذا السلوك الإنساني السلبي يكاد ينحصر عند الذكور وللقاعدة استثناء. استخدام مصطلح “العنف الأسري” للدلالة على ما يجري داخل جدران البيوت من استخدام الشدة والعنف في معاملة “الذكر” في الغالب، ورب الأسرة مع أبناء عائلته، مصطلح حديث التداول رغم كونه سلوكا إنسانيا متأصلا. الأعراف الشرقية تستخدم كلمة “الستر” لتفادي الحديث والبوح بإسرار العائلة وقلما نجد شكاوى في سجلات الشرطة. 

هناك العديد من العوائل المهاجرة في المجتمعات الغربية، فقدت حق حضانة أطفالهم او ابعدوا الأطفال من عوائلهم جراء المعاملة السيئة لهم من قبل الوالدين من ضربهم وتعنيفهم وكذلك إهمال تربيتهم وامور أخرى كتعاطي الوالدين للكحول والمخدرات والبيئة الغير الصحية. القانون الدولي يحمي الطفل ويعتبر مراعاة مبدأ اختيار” القرار الأفضل بالنسبة للأطفال ” أولا، أساسا في اتخاذ جميع القرارات. القانون في معظم دول العالم لا يعطي الحق للرجل استخدام العنف الأسري كأسلوب لتعامل مع إفراد داخل العائلة.

في حواري اليوم مع الشاعرة مرام المصري سأحاول ان أقدم لكم ، قارئي الكريم أجوبة الشاعرة حول السؤال حول : 

كيف  يتم توظف الشعر في هذا الموضوع الشائك؟. وكيف يمكن التقاط تلك اللحظات في العجز في السلوك البشري السلبي؟  وتقديمها للقاري عن طرق الشعر وخاصة ترجمة عواطف الضحية شعريا، سألتها.

Screenshot 2023 04 28 at 01.48.46 - قريش


الشعر كنص أدبي سهل الوصول الي القاري او المستمع. لكن كيف تعاملتم مع النص الشعري كرسالة تربوية أخلاقية واجتماعية؟


لأنني اعتقد ان للشعر دورا كبيرا بصياغة أرواحنا . ولأنني أومن بقوة الكلمة بأهميتها في تأسيس الإنسان والمجتمع . كم حرب بدأت بكلمة . بكل بساطة حاولت ان اعمل منظر ا بانوراميا للعنف اعتمدت على فبركة بطاقات هوية التي هي عنوان القصيدة او باب للدخول اليها . وكشهرزاد قصصت حكايا النساء من كل المستويات والأعمار ومن كل البيئات . بدون محاكمة بدون إعطاء دروس . فقط عرض الحالة . الشعر والأدب والفنون والفلسفات في بحث دائم لإعطاء معنى للحياة ولمحاولة سبر غموضها . معرفة الاخر تسهل معرفة الذات فالإنسان يحتاج دائما ان يقارن نفسه ان يحدد موقعه وعلاقاته بكل ما حوله .

لماذا لا تذهبين إلى الطبيب

ليعيد لك ابتسامتك

ابتسامتك العذبة

يا أمي.

عندما كنت صغيرة أتذكر ان أمي قد روت لي قصة وحش عملاق يسود على الأرض استبدادا وفجرا يحطم كل شي إثناء ركضه بلا هوادة كان هو محكوما بشره فلا يستطيع التخلص منه لأنه إذا عمل خطوة للوراء يموت وان استدار يموت أثناء ركضه تخرج ام من منزلها ترجوه ان لا يهدمه وان لا يقتل أطفالها . غنت له كلاما عذبا القت عليه شعرا فرق قلبه فاستدار . ربما هذه الحكاية ما جعلتني اكتب شعرًا ليتغير العالم القاسي ويصبح رؤوما لكي أساهم بجعله أكثر إنسانية.

في ثقافة “ألانا” في المجتمعات الغربية يتحول الفرد مجموعة متكاملة ” أناني”  في تصرفاته
يتحمل بنفسه فقط تبعات أعماله. أما الشرقي فينتمي الى ثقافة “نَحن” وبذلك يحاول دوما اعتبار فعل الآخرين جزء من شخصيته وطبعا يؤدي هذا بالنتيجة الى اعتبار الآخرين وخاصة الأقربون ملكا خاصا به وأفعالهم، جزء من فعله هو. أي خطا يرتكبه أحد أفراد “العشيرة” مثلا “عاراً “على الجميع.
كيف تمكنتِ من عكس هذه الإشكالية في أشعارك؟

Screenshot 2023 04 28 at 01.49.02 - قريش



لا ادري فيما إذا كنت حقا قد استطعت ان اقلب المعادلة ؟
بالنسبة لي الثقافة الفردية ليست هي هدف هدفي وليس هدف شعري ما أهدف إليه هو جعل الأخر يفهم بانه جزء من المجتمع. أفعاله توثر على الأخر. لأننا في النهاية جميعنا نعيش على هذه البسيطة . ناكل من ثمارها ونشرب من مائها نشن حروبا نبني حوائط نحتمي من الاخر نسن أنظمة . هل راقبت الناس في المترو وهم يصعدون السلالم وهم يمشون في الممرات .هل راقبت السيارات عند ساعة الحشد . لا تستطيع تخطي الأخر من يسوق بطيئا يعرقل السير يصبح الجميع خاضعين لنفس السرعة أظن إننا مسئولون عن الآخرين بشكل ما .

حاولت استدراج ذاكرتها

 في آخر مرة رأت فيها وجهها الحقيقي

 لا تتذكر؟

 إنها واثقة كل الثقة من كونها هي، هي لعلها ماتت 

لعل جسدها أثر تلك الصفعة – هجرها 

وفضل أن تقطن روحها

في جسد آخر

 المجتمع سجادة محاكة بتلك العلاقات التي تربطنا ببعضنا مرئية وغير مرئية هذا ما يجعل منا مجتمعا انسانيا بالوقت نفسه انا معك بانه ليس من الطبيعي ان نتحمل أخطاء الآخرين ولكن على الرغم من كل شي لكوننا مرتبطين عاطفيا بالآخرين يجعل من الامر صعبا ان نشعر بعدم الإحساس بالمسؤولية . حتى بوجود قوانين لا تعاقب الجماعة لحسن الحظ الا ان هناك الجانب العاطفي الذي يحملنا هم الاخر ويجعلنا مرتبطين بمصائرهم . اشعر بمسؤولية عندما ارى احدا ما ينام في الشارع صحيح لست مسئولة عنه قانونيا الا ان شعوري الإنساني يحملني همه .

معالجة الظواهر الاجتماعية في الشعر العربي يعتبر تجديدا وقد حاول الشعراء العراقيين أمثال الزهاوي والرصافي وصولا الى الشاعر مظفر النواب، حاولوا نقد الموروث الثقافي والأعراف. كدعوتهم لسفور النساء وصولا الى نقد الحكومات وسياستها وحتى الحكام. كيف تم التعامل مع أشعارك التي اتخذت من نقد المجتمع وتحريرها من الإرث البالي والقديم؟


المجتمع او المجتمعات هي بشر يعيشون بالقرب من بعضهم يتشاركون المكان الماء وثروات الأرض يتحابون وأيضا يتقاتلون . الأديان والفلسفات وكل مظاهر التعبير هي أنتاج أنساني مثله مثل القمح والزيتون والقطن للتبادل وللتعارف وللعيش بسلام ومع هذا لا تزال الحروب تشتعل هنا وهناك بفضل او بسبب الانترنت المجتمعات أصبحت مكشوفة إلا من قبل طبعا المناطق النائية الذي من الممكن ان لا احد يعرف ما يحدث هنا وهناك .


الحجاب

 تمرين.. 

غراب أسود

يلبسك

 يضمك بجناحيه

غطاء يلف جسدك

جسد الشهوة

جسد الخطيئة 

بيت الشيطان

فصدقت

تعودين لبطن العدم

راضية أن تُمحي

حجاب

عباءة

تشادور

غطاء

قبر
كنت يوما في مطار الدنمارك مرت بالقرب من عائلة عربية او بالأحرى مسلمة.  الأب يمشي في المقدمة والباقي من افراد العائلة تلحق به في عباءات سوداء ونقاب وفتاة في العاشرة او التاسعة تقفز لاعبة لاهية على رأسها ايضا حجابا . كان المنظر محزنا ومؤلما كان بودي ان اقول للفتاة اخلعي حجابك لا تطيعي أباك كان بودي ان اقول للام اخلعي هذا السواد كان بودي ان اقول للأب بانك ظالم وجاهل . تسالت حقا الى اي مدى نستطيع ان ننقذ من لا يريد ان ينقذ لربما كنت انا بالنسبة لهم المنظر المؤلم لخروجي عن مفهومهم و عن معتقداتهم . وهل لي ان أحرض فتاة على الخروج من طمأنينتها ؟ يقال ما نجهله لا نحتاجه ؟ لماذا اخلق لها حاجة . بالوقت نفسه هل هي حياة تلك التي تعاش بجهل دون اختيار دون معرفة ؟

التحرر من قيود المجتمع ليس بالأمر الهين للمرأة في المجتمعات الشرقية. كيف عالجتم تحرر المرأة شعريا؟

كما عالجته من قبلي الكاتبات والكتاب الذين اهتموا بوضع المرأة وساهموا بتوعيتها وتفتيح ذكاءها .وهناك الكثير الا انه كما تعلم المعرفة ليست بمتناول الجميع . هناك من يسبح في جهله
وهو سعيد .

كنت أرى أبي

شادا شعر أمي

جارا إياها الى

 الحمام

فاختبئ في الخزانة

حتى ينتهي العراك

في وسط الصالون

صورة تمساح

سميناه وأخوتي

بابا

التحرر ليس امرا هينا وبالخص في المجتمعات الشرقية. حيث القيود اكثر إحكاما حيث القيود تاخذ صبغة دينية اي مقدسة وكل ما يلمس المقدس لانه راسخ ومهيمن من الصعب جدا ان لم يكن هناك احتكاك مباشر . يبدو ان غسل الدماغ لا يحصل الا لتحويل الناس للأسوأ ؟

اكتب بدون محاكمات وبدون تنظير وبدون استعلاء . اعرض أنواع العنف من خلال قصائد كالحكايات واترك للمتلقي ان يفهم وان يقرر. 

العنف الأسري ينعكس على روح الأطفال وهم الشهود والضحية على ما يجري خلف الجدران. لديك محاولات في هذا المسعى. كيف تلقى المجتمع الشرقي تلك النصوص الشعرية؟

لسوء حظي هذا الديوان وبقية دواويني لم يحظوا بالنشر في البلاد العربية بينما كتبي مترجمة ل تسعة عشرة لغة ! رفضت وزارة الثقافة السورية طبع كل كتبي بعد “أنذرتك بحمامة بيضاء ” لأسباب ما لا يقال . وعندما قدمت “أرواح حافية” لظني انه عمل اجتماعي رفض أيضا او بالأحرى قبل بشرط حذف قصيدتين فلم اقبل بالعنف الأسري والاجتماعي في مجتمعاتنا هو امر شائع لغياب دولة الحقوق ولتأصل فكرة بان الأبناء ملكية أهلهم يفعلون بهم ما يشاءون . لهذا لا يزال هناك جرائم الشرف وما يسمى بالتقويم في الدين كالرجم الذي يصل الى درجة القتل وما اليه للأسف .


أم في عطالة

 ممنوع 

أن أمارس أمومتي

أن أحضر لأطفالي الطعام

أن أسمع تنفسهم

وضجيجهم

 صبرت حتى

 وجدت نفسي نصف ميتة

أبحث عن وجوه أطفالي

وأحاول إعادة 

حبي لي

مصرة ان أصبح أمهم

التعليم والتثقيف كما القوانين الحازمة التي تحمي الطفولة هما واذهب بأبعد من هذا ان يكون هناك فحص نفسي برنامج تعليمي للآباء لكي تستحق الأبوة والأمومة لطالما تركنا التربية للفطرة أظن ان المجتمعات تغيرت ولم تعد الأبوة والأمومة مجرد فطرة.

في ختام حوارنا هذا أقدم شكري الجزيل للشاعرة الدائمة البسمة مرام المصري متمنيا ان تصل دوما الى مرامها.

أنا ، التي تشكرك لاهتمامك بشعري ولاهتمامك بالقضية النسوية وبالأطفال .

الشاعرة مرام المصري:

شاعرة سورية ولدت في مدينة اللاذقية العام  1962.

درست الأدب الإنكليزي في جامعة دمشق؛ شاركت كل من شقيقها الشاعر منذر المصري والشاعر محمد سيدة في إصدار ديوانهم الأول «أنذرتك بحمامة بيضاء» ، عام 1984. 

استقرت في فرنسا منذ العام 1982. 

صدر ديوانها الشعري الثاني «كرزة حمراء على بلاط أبيض» في تونس من دار نشر «تبر الزمان»، والذي نالت عليه جائزة أدونيس  للإبداع الفكري في العام 1997 في باريس. ترجم أشعارها إلى عدة لغات:        الفرنسية، الألمانية، الإنكليزية، الإيطالية، الإسبانية، الصربية والتركية.

المؤلفات:

  • أنذرتك بحمامة بيضاء 1984 بالاشتراك مع الشاعرين منذر المصري ومحمد سيدة عن وزارة التربية والتعليم السورية.
  • كرزة حمراء على بلاط أبيض 1997 دار تبر الزمان للطباعة والنشر في تونس.
  • أنظر إليك 2000 عن الشركة اللبنانية للطباعة والنشر في بيروت.
  • العودة، عنوان مجموعتها الرابعة الذي صدر باللغتين العربية والإسبانية عن دار إسكريتو الإسبانية.
  • من نبع فمي عن دار برونو دوسية.
  • أرواح حافية الأقدام عن دار تامب دو سيريز Le Temps des cerises , 2009 ، الذي نالت علية جائزتين في 2011 و2012 .
  • اقلب الصفحة لجان كلود مارتان (مترجم) – دار التكوين 2011.
  • يلزم كل شيء لصنع العالم وأكثر (ترجمة) – دار الفراشة 2014.
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com