جبار عبدالزهرة
النجف / العراق
منذ ان قامت قائمة الحكومات العراقية على انقاض ترحيل نظام البعث الصدامي في العام 2003م من قبل التحالف الدولي بزعامة امريكا كانت هذه الحكومات متهمة من قبل العراقيين قبل غيرهم بانها حكومات تحمل توصيف التعامل بمكيالين على المستوى المذهبي بين الشيعة والسُنة ،وعلى المستوى القومي والعرقي بين العرب وغيرهم من الجذور القومية والعرقية الاخرى، ناهيك عن التعامل على مستوى الوجود المناطقي او الثقافي او الفكري، لذلك اخترت ان يكون عنوان مقالتي هذه (ازدواجية المعايير)0
ولكن هذه الازدواجية في عهد حكومة السيد محمد اشياع السوداني رئيس مجلس الوزراء تتمظهر اليوم واقعا وبشكل جلي لا يقبل اللبس والغموض او التاويل المنحاز لأنّ الشواهد الواقعية تثبت عدم مصداقيته وذلك حين نعود الى الوراء قليلا الى اول عملية فساد تبناها السوداني ووعد في حينها بانه سيتخذ الاجراءات المطلوبة بحق اللصوص والتي توزاي حجم ذلك العمل الاجرامي والتي سميت في حينها بـ(سرقة القرن ) على مستوى صفقات السرقات المالية العالمية لان مبلغها كان (5ر2) مليار دولار وفي حينها اصدر القضاء العراقي اربع مذكرات توقيف بحق اربعة مسؤولين عراقيين كبار 0
غير ان القضية بعد فترة وجيزة تمت لفلفتها والتغطية والتعمية الرسمية عليها بسبب تورط شخصيات نافذة فيها ضمن طاقم الحكومة السابقة حكومة الكاظمي لا بل ان المتهم الرئيسي فيها نور جاسم هيئت له حكومة السوداني طائرة خاصة نقلته الى تركيا وبحوزته بعض هذا المبلغ المذكور وان ادعاء الحكومة بانها استعادة بعض مبالغ من قيمة هه الصفقة ليعيش به في بحبوحة من الرغد وفي حالة من الـ (BEAUTIFUL LIFE) A ) انما هو محض هراء من اجل حفظ ماء الوجهة من جهة وتزييف المصداقية لحكومة السوداني وهو امر لم ينطل ِ على العراقيين الذي باتوا يعرفون ان حكوماتهم بعد العام 2003م قد دخلت موسوعة جينز لانها من اكثر حكومات العالم شأنا في الكذب والتدليس والحلف بالقرآن الكريم 0
هناك سرقة اخرى توازي في ضخامة مبلغها مبلغ (سرقة القرن) وهي السرقة التي قام بها الشيخ فايد الشمري رئيس مجلس محافظة النجف ورئيس مجلس ادارة مطار النجف السابق والذي غادر الى استراليا وحاز على جنسيتها ومعه المبلغ الذي سرقه من المال العام ومقداره (650) مليون دولار وقد سئل اعلاميا فايد الشمري عن هذا المبلغ فاجاب وهو يضحك بانه لم يسرق هذا المبلغ وانما سيحتفظ به كامانة عنده سيسلمه الى المهدي المنتظر عندما يظهر وهو بذلك يستهزء بالحكومة العراقية ويسخر من العقيدة الخلاصية وهي من صلب مرتكزات المذهب الشيعي والتي تفيد ان هناك رجلا من آل النبي محمد (ص) اسمه (المهدي المنتظر) انه سيخرج ذات يوم وينقذ الارض من الظلم والفساد 0
ورغم ان يوم خروج المهدي المنتظر غير معروف فان فايد الشمري يسخر من وجود هذا الرجل ويستهزيء من المعتقد الشيعي الذي يتبنى خروجه، وتتجلى سخرية فايد الشمري وكانه محيط بيوم خروجه ولا يحصل هذا الاّ لمن احاط بعلم الغيب الالهي تعالى الله عما يصف هذا الفاسق السارق علوا كبيرا 0
غير ان السيد وزير الداخلية عبد الامير الشمري ( من حزب الدعوة) الذي كان على علم وثيق بسرقة القرن ومن ثم تهريب القائم بها نور جاسم (من حزب الدعوة ايضا ) من قبل جهات حكومية، وكذلك السرقة التي قام بها فايد الشمري احد ابناء عشيرته ولم يصدر منه تعهدا في اطار الغضب على نور جاسم ولاعلى فايد الشمري كما فعل بازاء هروب سعد كمبش حين تعهد بانه لن يفلت من يده وقد وفي بوعده فقتل الرجل ثناء مطاردته في الموصل ولنقل مات على حساب الحياد وعدم الانحياز0
غير ان وزارة الداخلية العراقية ولإزالة الشك والغموض وتبرئة ساحتها في حادث الوفاة ، روت في بيان صحافي تفاصيل عملية القبض على كمبش قائلة: «في لحظة هروب المحكوم سعد كمبش تم تشكيل فريق عمل مختص ميداني من وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية لملاحقة المحكوم، وبجهد فني وبإشراف وزير الداخلية ومتابعة القائد العام للقوات المسلحة، وبعد أن انتقل هذا المحكوم في عدد من المناطق، استقر في إحدى أحياء مدينة الموصل، حيث تمكنت القوة من تطويق مكان تواجده وأثناء عملية إلقاء القبض حاول الهرب، إذ باشرت القوة بمطاردته واصيب بالإعياء وتدهورت حالته الصحية، خلال ذلك نقل المحكوم إلى مستشفى الموصل العام ووصل متوفيا وتم تأكيد الوفاة سريريا».
وأضاف البيان، أنه «تم إحالة الجثة إلى الطب العدلي وتشكيل لجنة من ثلاثة أطباء اختصاص لغرض التشريح ومعرفة أسباب الوفاة» مشيرا إلى أنه «لا توجد آثار شدة خارجية على جسده ( المقصود بذلك ضغط على رقبته كما اشاع البعض ومنهم النائب السابق مشعان الجبوري في محولة لتحميل فريق العمل المختص في اسره من انه مات مخنوقا بسبب الضغط على رقبته من قبل احد افراد القوة التي القت القبض عليه كما يظهر في احدى صور الامساك به ) وكما تبين بحسب البيان انه كان يعاني من الأساس من بعض الأمراض المزمنة 0
اما دور السيد رئيس الوزراء محمد اشياع السوداني فقد امر باغلاق ملف قضية سعد كمبش وهذا يعني من بين ما يعنيه قد يكون ان السيد رئيس الوزراء لا يريد ان يؤدي ذلك الى اهتزاز ارضية حكومته ويقوض حالة التوافق بين مختلف الاطراف السنية والشيعية والكردية وغيرها التي افضت الى تشكيل هذه الحكومة الضعيفة والمتخبطة في ادارتها وسياستها للبلاد واكبر دليل على ذلك اضافة الى عدم نزاهة بعض افراد طواقمها هو الجدل القائم والدائم في عدم الوصول الى المصادقة على اقرار الميزانية 0
وفي هذا السياق يبدو ان حكومة السوداني لن تقوم بمصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة التي سرقها هذا المتهم كما فعلت مع غيره وان مسلسل السرقة سرقة المال العام سيستمر بسبب هذا التهاون الحكومي مع السراق والفاسدين لقول العرب (من امن العقاب اساء الادب) وستكشف ذلك قادم الايام وهذا السلوك يندرج ايضا ضمن اطار ازدواجية المعايير فالحكومة ستاخذ بتقارير النزاهة ضد المسؤولين الفاسدين ماليا واداريا ولكنها ستتغاضى عن جرائمهم كما فعلت مع الذين سبقوهم فهي تتعب نفسها وتتعب لجان النزاهة دون طائل او ثمرة تنفع الشعب او على الاقل تثبت فيها نزاهتها للشعب 0وتبقى متابعة وملاحقة سعد كمبش رئيس ديوان الوقف السني السابق حتى التسبب بوفاته وصمة عار في سياق السلوك القضائي والتنفيذي للحكومة الذي يؤكد ازدواجية معاييرها وفي ظله ادعو الحكومة الى الغاء عنواني الوقفين الشيعي والسني فهما اضافة الى تكريسهما حالة الطائفية الدينية وحالة المذهبية التفتيتية فهما يسهمان في تفريق لا بل اشد التفريق بين المسلمين ويؤديان الى الفساد وان دمج هذين الوقفين تحت التسمية الادارية السابقة بشكل عملي وهي ( وزارة الاوقاف ) فان ذلك سيسهم في تحييد حالة الطائفية والمذهبية العدوانية ويقلل ايضا من حالات الفساد المالي والاداري 0
عذراً التعليقات مغلقة