بيروت- أبو حسنين كوثراني :
كشفت مصادر سياسية عراقية، على مستوى عال من الاطلاع، تفاصيل جديدة عن اختفاء الصحافيّيْن العراقيّيْن، مازن لطيف، وتوفيق التميمي في العراق بعد عودتهما من زيارة قاما بها إلى “إسرائيل” العام 2019، بصورة شبه علنية بعد اطلاع قيادات عراقية عليا على نيتهما في الزيارة والايحاء لهما بضرورة اتمامها بكل جدية وجرأة من دون القلق من أي تداعيات.
وأفادت المصادر في اتصال مع مراسل” قريش” في بيروت انّ لطيف والتميمي، أرسِلا في مهمة صحافية تنطوي على رسالة واضحة إلى إسرائيل بمباركة او غض نظر في اقل التقديرات من كل من رئيسي الجمهورية السابق، برهم صالح، والحكومة السابق، مصطفى الكاظمي ،على طريق التجديد لهما في المناصب .
وبحسب مصادر متطابقة فإن هناك ترجيحا لتصفية الصحفيين المذكورين تحت ستار اضطرابات ثورة تشرين وما صاحبها من اختفاء ناشطين .
وكان مصدر في الحشد الشعبي قد سرب معلومات تفيد بأن الصحفيين سافرا برا الى اسرائيل ، وحصلا عن بطاقتي دخول من دون ان يجري ختم جوازي سفرهما ، وان الحكومة العراقية تعرف بما اقدما عليه ،بحسب افادتهما في التحقيق الاولي.
وكان الدافع وراء ترتيب المهمة الصحافية بحسب المصادر، هو حرص كل من برهم صالح ومصطفى الكاظمي على مد جسور التعامل وجس النبض، وان ارسال مازن لطيف وتوفيق التميمي كان من اجل اظهار الجدية بانّ رئاسة جمهورية العراق ورئاسة الحكومة يدعمان توجهات التطبيع وإقامة العلاقات مع إسرائيل.
الصحافيان، اطمئنا إلى نتائج المهمة قبل ان تبدأ ولم يقلقا من شيء، على اعتبار انهما “مدعومان” من السلطات العليا في العراق، وبالتالي فانّ لا خشية من تداعيات الزيارة.
وبالفعل وصل الصحافيان الى تل أبيب، برفقة وفد اعلامي عربي يدعو إلى التطبيع.
وكانت رسائل برهم والكاظمي بحسب المصادر المطلعة ،واضحة عبر “الترتيب السري” لهذه المهمة، وهي:
مستعدون للتطبيع اذا تم دعمنا
في حسم مستقبل السلطة في العراق لنا، ودعمنا بشكل واضح. وبحسب المصادر فقد استند برهم والكاظمي في خطوتهما الى المعلومات الموثقة عن زيارات واتصالات قيادات شيعية وبنسبة اقل سنية مع إسرائيل، وان أجواء اثارة رفض التقرب مع تل ابيب خفت الى درجة كبيرة، ولم تعد كما كانت يوم بادر مثال الالوسي النائب العراقي الأسبق الى زيارة تل ابيب مما ترتبت عليه احكام قضائية اضطر على إثرها لمغادرة بغداد.
وتقول المصادر، إن مازن لطيف وتوفيق التميمي التقيا قيادات إسرائيلية كبيرة، بينها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فضلا عن شخصيات امنية وأخرى من الخارجية.
بل إن لطيف والتميمي حرصا على القول لنتنياهو أنها صحفيان عراقيان مرسلان من برهم صالح ومصطفى الكاظمي، اللذين يقودان جهودا “سرية” للتطبيع مع إسرائيل.
وقالت المصادر ان فصائل شيعية موالية لايران تولت اعتقال لطيف والتميمي اول مرة، كخطوة ردع ايرانية للكاظمي وبرهم
ووفق المصادر، فانّ متغيرات طرأت على موقف كل من برهم صالح ومصطفى الكاظمي، تتعلق بمصالحهما مع القوى المنافسة في العراق، بعد اكتشاف ردة فعل حلفاء لهم من الشيعة إزاء التقارب مع تل ابيب وكذلك اللوبي الإيراني في بغداد الذي باشر الاشتغال على هذه الثغرة لتحقيق شعبية مفقودة في الشارع لاسيما بعد اندلاع ثورة تشرين. وابدى المسؤولان العراقيان الخشية من انكشاف دوافعهما للتطبيع، لاسيما انهما كانا منخرطين في دور استباقي تنسيقي للتقرب من القوى المقاومة للتطبيع، المتحالفة مع إيران، في التخطيط لمرحلة التجديد لهما، الامر الذي اضطرهما إلى التخلي عن مازن لطيف وتوفيق التميمي، وتجاهلهما بشكل كامل، بحسب المصادر التي سخرت من كون برهم والكاظمي لا يعرفان تفاصيل اختطافهما ومَن هي الجهات التي قامت بذلك، وهي جهات نافذة يسعى برهم والكاظمي إلى كسب رضاها في البقاء في السلطة، ليقدّما هذين الصحافيين كبش فداء.
وتقول المصادر ان خطة الكاظمي واستاذه برهم، كانت تعتمد جس النبض بالرسائل الخارجية، وعدم التعاطي مع مفردة التطبيع في الداخل لكون العقلية العراقية لاسيما الشيعية غير مهيئة لتقبل ذلك. وتعزو المصادر نكث برهم والكاظمي بالوعود التي قطعاها لمثال الآلوسي لتسوية القضايا القانونية” التطبيعية” ضده الى استراتيجية عدم تبني الدفاع عن التطبيع في الداخل .
وتسوق المصادر دليلا عمليا بقولها ان ما يؤكد ذلك، هو إن برهم صالح ومصطفى الكاظمي، ابتعدا تماما عن الملف ولم يشرعا في أي جهد جدي للكشف عن مصيرهما، من اجل حسابات السلطة والعلاقات التخادمية.
وعلى الرغم ممّا فعله برهم والكاظمي بتقديم اثنين من الصحافيين العراقيين، كبشي فداء على عتبة مشروع السلام ” المفترض”مع إسرائيل الا إن ذلك لم يسعفهما في البقاء بالسلطة، بعدما ظنا إن مجرد تناول التطبيع مع إسرائيل، كفيل بذلك، وسيجد من يصغي لهما من الحلفاء الشيعة الذين يراعون التوازنات مع الاكراد المتهمين بغض النظر عن أي توجه للتلاقي مع إسرائيل .
وكان في 22/7/2019، زار وفد عربي إسرائيل يضم ستة اعلاميين بينهم مازن لطيف وتوفيق التميمي، وتجول في البلدة القديمة للقدس، وزار متحف تخليد ذكرى المحرقة (الهولوكوست)، والكنيست الإسرائيلي وعقد اجتماعات مع أعضاء في الكنيست وعدد من الدبلوماسيين.
وكان توفيق التميمي محررا حتى يوم اختفائه في صحيفة الصباح الحكومية ولا يزال يتقاضى راتبا يرسل الى اهله بسبب عدم البت في اختفائه.
وكان مازن لطيف الذي له عدة مؤلفات عن الجالية اليهودية والتراث اليهودي في العراق، يعمل مديرا لمكتب رئيس شبكة الاعلام انذاك ..
عذراً التعليقات مغلقة