الانتخابات التركية في الجولة المفصلية التاريخية

تاريخية و مفصلية الانتخابات التركية(2)  

“أتعهد بألا  ينام طفل وهو جائع  في تركيا عندما أصل لسدة الحكم.” 

كمال قليچداراوغلو  

د. توفيق رفيق التونجي

كنت قد كتبت قبل إجراء الانتخابات بان السيد كمال قليچدار أوغلو يحمل هموم شعب تركيا بجميع اتجاهاته . وبعد اجراء الانتخابات التي اسفرت الى نتائج متباينة ولكنها في المحصلة لم تسفر عن أغلبية لرئيس الجمهورية الحالي السيد رجب طيب اردوغان. 

النتائج غير النهائية والمعلنة بعد فتح 99,9 %, من صناديق الاقتراع وعددها 191 صندوق كما يلي:

رجب طيب اردوغان 49,5%

كمال قليچدار أوغلو 44,89%

سينان اوغان 5,17%   

محرم اينجة  0,44 % ( انسحب المرشح عشية الانتخابات).

 النقاش الجاري اليوم في الأوساط المحلية والعالمية حول الجولة الثانية من الانتخابات ومن سوف يكون الفائز يغطي على نتيجة الانتخابات مجلس تركيا أي البرلمان الذي يتكون من 600 عضو منتخب في دورتها 28 و الذي حصل فيه الحزب المقاعد التالية:

تحالف الجمهور 49,37 % وحصل على 322 مقعد

هذا الإتلاف يضم الحزب الحاكم أي حزب التنمية والعدالة مع ائتلاف مع حزب الحركة القومية، 

تحالف الشعب 35,12% وحصل على 213 مقعد

تحالف العمل والحرية 10.53% وحصل على 65 مقعد

تحالف الأجداد 2,45% لم يحصل على أي مقعد.

رغم فوز ائتلاف الشعب بأغلبية في المدن الكبيرة الثلاث العاصمة انقرة، استانبول و ازمير فان أعضاء من الحزب لا يزالون ينتقدون أداء كمال في هذه الانتخابات. كما ان الحزب جاء بالأغلبية في المنطقة الكوردية ومدن ساحل البحر الأبيض المتوسط ومدن اخرى. 

خريطة الانتخابات وتوزيع الأصوات المصدر: ان تي في

من المحتمل فوز اردوغان في الجولة الثانية من الانتخابات وهو متاكد من ذلك حسب ما قاله ابان ظهور النتائج الأولية للتصويت مؤكدا احترامه لرأي الشعب التركي في انتقال الى الجولة الثانية من الانتخابات. لان شروط  السيد سينان اوغان للتصويت لكلا الطرفين  تعتبر تعجيزية لهم، ولكن لا توجد مستحيلات في عالم السياسة، وكما نعلم. لكننا نعرف اتجاهاته السياسية من انتمائه السابق الى حزب الحركة القومية المتحالف مع اردوغان وذو التوجهات القومية السلبية والفاشية و المعادية للكورد بصورة عامة ولحزب العمال الكوردستاني خاصة، سيكون ذلك العامل الأقوى في تصويت أعضائه لرئيس الجمهورية القادم و يعارض السيد د. سنان كذلك سياسة الهجرة للسيد اردوغان مطالبا اعادة اللاجئين السوريين الى بلادهم. اما السيد كمال قليچدار أوغلو فقد قال في أول خطاب له بعد ظهور النتائج الأولية  الغير نهائية ، انه من المحقق فوزهم في الجولة الثانية. 

هناك دوما احتمال ظهور نتائج مختلفة عن تلك المتوقعة في التخمينات التي تجري لمعرفة اراء الشعب. هناك دوما عامل المفاجئة خاصة بين لهؤلاء المصوتين المترديين اللذين قد يغيرون أرائهم حسب ميل ميزان القوى او خسارة جهة معينة او ضعفها. 

اما أصوات مواطني تركيا في الخارج فقد كانت غير متوقعة حيث أشارت الى غلبة المصوتين لتحالف اردوغان وربما لعدم تأثرهم المباشر بسياسات اردوغان الداخلية ومشاكل الاقتصاد واللاجئين السورين ومأساة الزلزال والتدخل في شؤون الدول العربية (العراق، ليبيا، مصر ودول اخرى) وتوجهاته المعادية لحف ناتو ورفضه انضمام مملكة السويد الى الحلف وشرائه الأسلحة الروسية وموقفه المؤيد للحرب الجارية رحاها في اوكرانيا والحالة الاقتصادية المتدهورة وامور اخرى كان يشعر بها مباشرة مواطني تركيا في الداخل. وقد يكون كل ذلك رد فعل على السياسة الأوربية تجاه تركيا ونوع من الجحود البشر لدول تواجدهم في الغرب وعدم تكاملهم في تلك المجتمعات. من المتوقع ان نسبة مشاركتهم قد تقل كثير عن النصف في الجولة الثانية للانتخابات.

من الواضح كذلك من نتيجة التصويت ان مدن تركيا الكبيرة الثلاث اللاتي يتجمع فيها أكثرية سكان تركيا اليوم وكذلك الحال بالنسبة لمعظم المدن الكوردية ومدن ساحل البحر الأبيض المتوسط والتي قررت التصويت لانتخاب السيد كمال قليچدار أوغلو وتحالفه . 

رئيس وزراء تركيا ابان السبعينات المرحوم بولند اجويت مع رئيس حزب الحركة القومية الب اصلان توركيش.

المدن الحدودية مع سوريا ترجح تحالف اردوغان لان سياسة السيد كمال قليچدار أوغلو فيما يخص بعدم التدخل في شؤون دول المنطقة وإعادة المهجرين الى دولهم له صداه بين ابناء تلك المدن والتي ربما استفادت وعلى الأقل اقتصاديا ( العمالة الرخيصة) من تواجد هؤلاء المهجرين السوريين بينما نرى وبوضوح آثار المنطقة التي كانت فيها الزلازل المدمرة والتي اختارت ابنائها تحالف السيد كمال قليچدارأوغلو. كما نرى تغير توجهات مدن مثل (اظنا و مرسين) السياسية حيث كانت تميل الى حزب الحركة القومية وفي هذه الانتخابات توجهت الى اليسار كما نرى في مدن (ارتفين) الحدودية مع ارمينيا توجهات سياسية في التصويت ل حزب وسط اليسار أي حزب الشعب الجمهوري، تاريخيا.

هذه النتائج تثبت ان السيد اردوغان لم يعد يمثل أكثرية الشعب التركي كرئيس للبلاد من ناحية ومن ناحية اخرى نرى بان حزبه قد فقد العديد من المقاعد ولم يعد حزبا مسيطرا على المدن الكبيرة الثلاث. 

أعيد القول مرة اخرى متمنيا ان تكون هذه الانتخابات فاتحة خير على جميع دول الشرق وتعيد السلام والاطمئنان الى شعوب المنطقة والسلام العالمي بعيدا عن مغامرات العسكر والقوى القومية والطائفية.

الى لقاء بعد 28 من ايار، مايو الجاري حيث الجولة الثانية من الانتخابات.

مملكة السويد

2023-05-16