بقلم المراقب السياسي
يبدو للوهلة الأولى أنه لا يوجد عنوان أكبر من استثمار الغاز العراقي، السائب، في زيارة امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الى بغداد.
هناك خبرات كبيرة في استثمارات الغاز تمتلكها قطر تكاد تكون من خلالها المتصدرة عالميا مع القلة من الدول، والعراق لايزال في اول الطريق في هذا المجال بالرغم من إمكاناته الكبيرة على انتاج الغاز لو توافرت له البنية التحتية ووسائل التصدير. وهنا ستتحرك قطر بحذر في هذا المجال لكيلا تبدو مشجعة للعراق للاستغناء عن الغاز الإيراني الذي كبّل العراق بالديون المستمرة من أجل تشغيل محطات الكهرباء التي تشتغل على ذلك الغاز.
الأجواء في بغداد منذ فترة تشكيل الحكومة الأخيرة، إيجابية باتجاه قطر، التي تقيم علاقات مستقرة وذات نفع مشترك مع إيران بغض النظر عن كل الأجواء الصاخبة في التصعيد الإيراني الأمريكي في الخليج.
نبض بغداد يتبع النبض الإيراني في الانفتاح على قطر، لذلك سكتت المليشيات الموالية لمرشد ايران علي خامنئي عن التصعيد ضد هذا التقارب، بل انها ترسم لنفسها أدواراً معينة فيه، وخاصة حينما يتحوّل واقعاً.
هناك فرصة ثمينة للعراق للإفادة من دور قطر في مجال استثمارات الغاز، ولابدّ من تحقيق رأس جسر البداية مع هذه الدولة العربية ذات الثقل النوعي في المنطقة بالرغم من صغر حجمها الجغرافي والسكاني، فالعاملان الحاسمان في عالم اليوم في رفع معايير القوة للبلدان، هما الإمكانات المالية الاستثمارية والتحالفات الإقليمية والدولية الناجحة التي توفر الحماية والسلام والتنمية.
علاقة قطر الاستراتيجية مع تركيا، حاضرة بثقلها في بغداد عند مناقشة المشروع الجديد المسمى طريق التنمية الذي يربط تركيا بالخليج عبر العراق. وسيكون لدعم قطر في هذا المشروع الاستراتيجي الكبير دور حاسم لنجاحه، لأنها تثق اكثر من سواها بين دول الخليج بالطرف الاخر للمشروع وهو تركيا.
لكن التجارب القريبة توحي بأنّ سقف التوقعات لا يمكن ان يكون عاليا في ظل تقلبات سياسية مفاجئة قد تهب في العراق، وتربك الاتفاقات الإقليمية،لاسيما ان اجواء الفساد مخيمة على بغداد مهما قيل عن خطوات النزاهة.
كما انّ الوضع الإيراني لايزال غير محسوم مع أمريكا، وهو أمر قد ينعكس على العراق، لذلك تريد الدوحة ان تؤكد لبغداد انها ليست في معرض أي صراع جديد ينشب في الخليج، وهي رسالة مزدوجة لتعزيز هذه القناعة عند طهران ايضاً.
عذراً التعليقات مغلقة