فارس الخطاب
زيارة رئيس الجمهورية التركية، رجب طيب أردوغان، لبعض دول الخليج العربي والتي ابتدأها بالمملكة العربية السعودية ثم، قطر فالإمارات العربية المتحدة، جاءت في ظل أجواء إيجابية يتوقعها الشارع التركي بعد فوز أردوغان بفترة رئاسية ثانية نهاية شهر مايو/آيار الماضي وبداية عهد جديد قد يشهد متغيرات واضحة مقارنة بالفترة الرئاسية الأولى وعلى رأس هذه المتغيرات؛ علاقات تركيا بمحيطها العربي وموضوع إعادة مباحثات ضمها إلى الإتحاد الأوروبي.
بدأ الرئيس التركي جولته الخليجية إلى الدولة التي وصفها بإنها ” من أهم دول المنطقة ونريد تطوير العلاقات الاقتصادية معها” ، ولا يخفى على أحد أن بعض دول الخليج ما زالت تتحفظ في تعاملاتها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، لكنها ، ومع الكثير من الإجراءات التي إتخذتها الحكومة التركية للحد من تخوفات قد تبدو مشروعة في لحظة تاريخية بعينها ، بدأت في رفع القيود المتعلقة بحركة الأموال ومشاريع الإستثمار وحتى الأنشطة السياحية التي تعول عليها تركيا كثيراً.
لقد بذلت دول الخليج الكثير من الجهد لخلق حالة من التوازن في سياساتها الاقتصادية والسياسية مع تركيا، لكن مازال في جعبتها الأكثر بكثير، لجعل تركيا عنصراً مساعداً في أمن وإستقرار دول الخليج العربي وتطور إقتصادياته بشكل موازٍ لتطور قطاعات النفط والغاز ، وبحسب الرئيس التركي ، فإن هناك “تعهدات من دول خليجية بضخ إستثمارات كبيرة في بلاده تصل إلى ماقيمته 25 مليار دولار، وأبدى خلال لقاء صحفي معه قبيل جولته الخليجية ، رغبته بتعزيز “التطبيع وتوثيق التعاون” بين الطرفين .
إن الشعار الذي تريد دول الخليج من تركيا رفعه هو؛ “إن أمن واستقرار دول الخليج من أمن واستقرار تركيا”، وبالتالي يصبح موضوع الشراكة الإستراتيجية بينهم هو أداة من أدوات إستقرار منطقة الخليج وإزدهار الاقتصاد التركي وهو ما سينعكس بشكل مباشر على أمن وإستقرار الشرق الأوسط.
إن حجم التبادل التجاري والعلاقات الاقتصادية بين دول الخليج العربي، وعلى الأخص المملكة العربية السعودية وقطر الإمارات العربية المتحدة كبير جداً، وسيكون أكبر وأوضح تأثيراً بعد زيارة الرئيس التركي للمنطقة سواءً في المجالات العسكرية والتصنيع العسكري، الإنشاءات، الشؤون الصحية، المنشآت الصناعية، والزراعية وقطاع الطاقة وغيرها.
لقد حرصت تركيا على عقد اتفاقيات تبادل تجاري ولجان تنسيق عليا على أعلى مستوىً، بينها وبين كل دولة من دول الخليج العربي تقريباً، وقد نشطت هذه اللجان بشكل متسارع ، وحولت بنود أي إتفاق إلى واقع ملموس على الأرض بما دعم سمعة وإمكانات كل طرف من أطراف لجان التنسيق العاملة مع الجانب التركي لكل دولة خليجية ، ورغم بدايات العلاقات العميقة بين الأطراف الخليجية مع تركيا لتحفظات سياسية إلا أن وجود تركيا في حسابات المحاور المحيطة بدول الخليج العربي دفعت بالأوضاع الجيوسياسية فيها إلى قدر مشهود من الاستقرار والسلام .
لن أتكلم هنا عن الاتفاقيات التي وقعها أعضاء الوفد المرافق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع كل بلد خليجي زاره، لإنها الجزء الظاهر فقط من العمق الإستراتيجي للاتفاقيات ، أما الغاطس منها فهو أكبر بكثير خاصةً مع تحجيم الدور الإيراني المعلن بعد الاتفاقية السعودية-الإيرانية التي رعتها الصين ، حيث أتاحت “الهدنة” التي أوجدتها هذه الاتفاقية للرياض دراسة نقاط القوة والضعف في مواجهتها للحوثيين المنيبين عن إيران في حرب اليمن ، وإيجاد الوسائل الكفيلة بحماية أرض وسماء المملكة من الصواريخ والمسيرات التي إستهدفت منشآت ومطارات ومواقع مدنية في المملكة ، وهنا ستقدم أنقرة أحدث التقنيات والمنصات التي تم تجريبها بنجاح في أكثر من دولة في العالم وأن قطاع الدفاع العسكري التركي سيكون منفحتاً دوماً على إقامة مشاريع مشتركة مع المملكة العربية السعودية .
ما يقال عن المملكة العربية السعودية يقال عن دولة الإمارات العربية المتحدة، فالعلاقات الاقتصادية والتجارية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وتركيا، إزدهرت بقوة، خلال العامين الماضيين، بما ساهم في انتعاش العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ودفع الطرفين لتوقيع “إتفاقية الشراكة الشاملة”. ومع زيارة الرئيس التركي ستشهد حجوم التبادل التجاري والإقتصادي والإستثماري نمواً كبيراً يتجاوز بحسب المراقبين ضعف الأرقام المتحققة خلال السنتين الماضيتين، ولعل سياسة تركيا المتوازنة وحكمة قيادة دولة الإمارات جنّب الطرفان الوقوع في مناكفات سياسية تمنع التواصل البنّاء بين البلدين.
أما دولة قطر فقد شهدت العلاقات الاستراتيجية بينها وبين تركيا تطورا ملحوظا،وفي شتى المجالات الاقتصادية والتجارية والسياسية، والعسكرية والثقافية والسياحية، ففي الوقت الذي بلغ فيه حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2022، حوالي 1.8 مليار دولار، يراهن المتابعين لملف العلاقات القطرية-التركية ، أن التبادل التجاري بين البلدين سيرتفع خلال السنتين المقبلتين إلى 5 مليارات دولار . وقع الجانبان في تركيا يوم 19 ديسمبر 2014، اتفاقية “التعاون في مجالات التدريب العسكري والصناعات الدفاعية”، دخلت حيز التنفيذ عام 2017. وفي ديسمبر 2019م افتُتحت القاعدة الجديدة للقوات المشتركة التركية القطرية بالدوحة، بحضور كبار القادة العسكريين من البلدين، وأُطلق عليها “قاعدة خالد بن الوليد”.
ما يجمع دول الخليج المعنيين بزيارة أردوغان للمنطقة هذه المرة موضوع آخر مهم للغاية بالنسبة إلى تركيا، ودول الخليج مجتمعةً، إذ كرس الرئيس التركي جانباً من أحاديثه مع قادة الدول الخليجية ، على طريق التجارة السريع أو “طريق التنمية” الذي سيربط بينها وبين دول الخليج عبر العراق مبيناً دور هذه الدول في إنجاز الطريق وتسريع تشغيله من خلال دعم العراق لتنفيذ العديد من مشاريع البنى التحتية الاستراتيجية لهذا المشروع. لقد أوضح الرئيس التركي لقادة الدول التي التقى بهم أهمية “طريق التنمية”، في تسهيل وتيسير إعادة الاندماج مع دول منطقته.، مبيناً أن دولته ترغب في المشاركة في هذا المشروع بإشراك قطاعيها العام والخاص.
إن المستقبل القريب سيشهد صوراً أكثر أماناً وإستقراراً وتنميةً من تلك التي يمكن تشبيهها بالكابوس المزعج والتي إمتدت لعقود عدة، سنوات مقبلة سيكون فيه عناوين الاقتصاد والنمو والإزدهار هي واقع حال شعوبها ، إن لم تتدخل قوى الشر في تعكير مياه المتغيرات الإيجابية التي أتت بقادة منفتحين لقيادة دولهم المهمة نحو المتغير المنشود وهو ما يتطلب الكثير من الحنكة السياسية لوأد الأزمات في مكانها وزمانها.
أبو ضاري -انقرة منذ سنة واحدة
بس اريد اعرف صحيفة قريش على اي دين اذا عدهم دين
آزاد مازن سمو – السويد منذ سنة واحدة
استاذ عزيزنا ,انت يفترض انه تركيا تتغير وتسوي مواقف جيدة مع العرب والكورد. لا يخاف انت دكتور اشوفك بالقنوات، قول الحقيقة حول اضطهاد شعب الكورد ، الكورد اخوة للعرب، لكن ما يصير اخوة مع تركيا.
ازدهار الشيخلي -ديترويت منذ سنة واحدة
الاستاذ الدكتور الكاتب المحترم ، نتمنى ان توضح لماذا تتعهد دول الخليج ضخ استثمارات 25 مليار دولار في تركيا التي كانت ولا تزال تنظر للعرب نظرة دونية، وليس من المعقول تغيير نظرتها وتآمرها على الامارات والسعودية ناهيك عن سوريا والعراق لمجرد المصالحة. لماذا لا يرسل العرب المليارات الى دول عربية تحتاج الاستثمار.ما فائدة تركيا لبلد عظيم مثل السعودية ، لا شيء ابدا .
سامي ابو فدعم الراشدي- الحلة منذ سنة واحدة
العرب ضعيفين وتركيا تبتزهم، ليش خايفين من تركيا لا ادري .
محسن القادري -امستردام منذ سنة واحدة
هذا المقال لا يسمن ولا يغني من الجوع ، هناك عنصرية ضد العرب في تركيا ورئيسهم يريد أستثمارات في السعودية والامارات ، لماذا يعطي العرب الاموال الى تركيا بسهولة ، المقال لا يجيب ويعيد الاخبار.