كلمة في رحيل سعد الجادر

د . سيّار الجميل

كندا

الصديق الاستاذ سعد الجادر  في رحلته الأبدية 1941- 2023 
وافتني الأخبار المؤسفة صباح هذا اليوم  الاربعاء 19 تموز / يوليو 2023  عن رحيل الصديق الاستاذ الفنان سعد الجادر في لندن على اثر مضاعفات صعبة ألمّت به في الايام الأخيرة ، وكان الرجل يشكو منذ سنين من عجز الكلى عن اداء وظائفها بشكل سليم  .. رحل اليوم  سعد الجادر عن عمر يناهز  الثانية والثمانين من العمر 1941 – 2023  في العاصمة البريطانية لندن التي عاش فيها  لاكثر من نصف  قرن  وهو ابن الموصل ام الربيعين ومن  بيت آل الجادر  المعروفين فيها  وعندما التقيته قبل سنوات بعد افتراق زمني طويل دهشت  لما اصابه من وهن  واوجاع .. 

عرفته منذ زمن بعيد ايام اقامتي  في بريطانيا ابان السبعينيات والثمانينيات  ،وكان واسطة العقد للجالية العراقية  والمغتربين في بريطانيا ، وعرف بدماثته  وكرمه  وطيب معشره  واخلاصه  لوطنه مع رهافة المشاعر  ووقوفه مع في  كلّ المحن التي  مرّ  بها العراق في العقود الاخيرة من القرن العشرين ، وكان سعيه  كبيرا في  تبرعاته السخية ، وقد خسر الكثير من المال ، اذ كان يرسل حملاته  الى العراقيين  المحتاجين لها  ، وكان بيته  يستقبل  فيه كل المثقفين  والفنانين وكل الاصدقاء من العراقيين والعرب  .. 

 كتب لي يوما بعد أن أتمّ قراءته كتابي ” تفكيك هيكل ”  انه يوافقني في كل الحيثيات التي تضمنها الكتاب  وسخريته من ادعاءات هيكل  ولم ازل احتفظ برسالته الكريمة . وفي السنوات الأخيرة  ، كان يصّر على ان نلتقي  دوما اثناء زياراتي لبريطانيا ، ويحضر بنفسه  بعض محاضراتي ليأخذني بسيارته  ، ونقضي  وقتا  ممتعا باحاديثه الشيقة  ومسلسل ذكرياته عن العراق   .. كانت ذاكرته  ممتازة  ، وكان فنانا  قديرا وله ثقافة عليا  واحتراف كبير في الغناء والموسيقى ، وكان ذواقا ومثقفا حقيقيا ..  يجمع في مكتبته  الموسيقية الرائعة  مجموعات نادرة من التسجيلات  وكان يعرف طبقات الصوت ويميز الالحان  ويعرف المقامات  وقد جمعته في حياته  لقاءات واحاديث  مع كبار الفنانين  العراقيين والعرب ، كما كانت له  علاقاته المتميزة  مع مثقفين وفنانين كبار  ..

 ارسلت له  قبل عام  تسجيلا نادرا  للموسيقار محمد عبد الوهاب  ، فردّ  عليّ  برسالة  يقول  فيها :    عزيزي الدكتور سيار.  شكراً على هذا التسجيل الرائع ,في التسعينات تعرفت على السيدة نهلة القدسي زوجة المرحوم محمد عبد الوهاب.  اعطتني صندوق ملئ بالكاسيتات التي كان عبد الوهاب يسجلها دائماً.

 كان مغرم بتسجيل كل ما يفعله من تلحين او تحفيظ الحانه لمشاهير المغنينقمت بنقل تلك التساجيل من خلال ستوديو لدي وحولتها جميعاً الى تسجيلات رقميه خاليه من الضوضاء.  المجموعه تحتوي على الكثير من الالحان التي لم تذاع مثل اغنية انت عمري التي لحنها لأم كلثوم ولكن يغنيها هنا بلحن وكلام مختلف . تحياتي سعد.

وفي كل مرة يكتب لي الاخ الصديق سعد ..  يطالبني ان اعلمه بسفرتي الى بريطانيا  ليحتفي  بي  ويحرص على حضور  محاضراتي العامة  ..  رحم الله الصديق الفقيد  الاستاذ سعد الجادر  رحمة واسعة  وخالص التعازي  وعميق المواساة لآل الجادر الكرام في الموصل  واهله كلهم وجموع اصدقائه ومحبيه  ، فهم كثر  في هذا العالم  .. اسكن الله سعدا  الجنان  والهمكم الصبر والسلوان  .  لقد افتقدناه حقا  ، فقد كان من  الاوفياء المخلصين ,