انتقل آخر فرصة مولاي علي الفلالي إلى الرفقة الأبدية
آخر تحديث : الخميس 31 أغسطس 2023 - 12:35 صباحًا
بقلم : عبد القادر العفسي
بسم الله الرحمن الرحيم (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُور) صدق الله العظيم إن الحزن ، أضحى سمة عامة لمفارقة الأحبة و الرفاق و الإخوة و الأصدقاء …كأنها عادة يومية بحيث نفجع كل لحظة و حين ، بالتالي لا تريد مفارقتنا و لا تفسح لنا مجالا للبكاء و التأمل في زمن صعوبة العيش و قتل المجال بكل تصنيفاته ، فها هو الأب و الصديق ” مولاي علي الفلالي ” ينتقل إلى رحاب البقاء الأبدي .
بقلوب ملؤها الحزن والأسى العميق و الإيمان بقضاء الله وقدره ننعي اليوم الأب و الصديق الأستاذ ” مولاي علي الفلالي ” الإطار البنكي (بنك المغرب) و الناشط المدني و الكاتب السياسي الذي وفته المنية يوم الأربعاء 2023/08/30 ، متوجا بناشين البطولة و النضال و المسيرة الطيبة حافلة بالعطاء و الغنى الفكري و المطارحات الجادة متحرر من كل أشكال الفساد السياسي و الخضوع له مُدافعا عن بلاده و عن مدينة العرائش التي أحبها حبا حتى أصيب لأجلها بتعب شديد ، متميزا عن بعض المخلصين بالاستمرارية في المجابهة و الصمود ساعيا للشمل وتوحيد الكلمة و التصدي للانهيار الكلي للدولة بهذه المدينة و الإقليم ، و نتيجة هذه المواقف الوطنية و رباطة الجأش و النفس الطويل و هذه العنوانين العريضة لم يجامل أحد بل قدم مصلحة الوطن و المدينة على حياته العامة و الخاصة .
قال رسولنا الأكرم ص :” لا خير في جسد لا يصيبه أذى ” صدق رسولنا الكريم ، إن الفقيد هو من طراز المثقفين باللغة العربية و الفرنسية في نثر الثقافة التقدمية و الولاء للعرش و العائلة ” العلوية ” الكريمة بتشربه لتاريخ هذه الأمة المجيدة ، فرغم تموج عدة تيارات فكرية غازية للمجتمع ( الليبرالية ، الاشتراكية …) كان ضلعا متينا للهوية المغربية و مناضل صلب يقارع بالحجة و البيان باعتباره أن التحرر من الاستلاب (القهر و إفساد الحياة…) هي أقدس القيم لضمان تقدم الوطن و استمراريته و تنمية الفضائل بإشعال القلب بشعلة الوعي بدل الطبيعة الذي اكتسبوها معظم السياسيين و الإداريون و مسؤولي الدولة بهذا الحيز التي افتقدت إلى الإنسانية و تحولها عبارة عن قرود صعدت سلم التطور و احدث شكل أكثر همجية من التوحش و الأقنعة الأكثر قتامة تسقط عند بروز الحاجة و الرغبة البدائية الغريزية ، و التي تتجلى في أبهى حلتها لدى هؤلاء ! لأن الفقيد رحمه الله وسنوات المعرفة العميقة التي جمعتني معه كان يضع فرقا دائما بين المناضلين و المتناضلين ( المغامرين ، من قطر بهم السقف ) ، فالمناضلين (برأي الفقيد) من اجل الإنسان و هذه الأمة العريقة خاضعون لقانون الحركة بالمقاومة و منطق الفكر ، أما الصنف الثاني المتناضلين / المغامرين لهم مميزات الحماس و التخابر فقليل من المال و النفوذ ينفلت و يلحس العقل بالتالي يقفزون إلى التآمر و الفساد و الخيانة…وهناك الكثير من الدلائل الحية حتى أصيب بأذى نفسي لكنه كان يردد ” لا خير في جسد لا يصيبه أذى” .
إن الفقيد ” مولا علي الفلالي ” فارقنا لينظم إلى الرفيق الأعلى و إذ نعتز به لأنه قامة نضالية وشخصية سياسية ملتزمة وجسورة سواء من حيث نظافة اليد كموظف أو من خلال تحمله للمسؤولية بجماعة العرائش كباقي الذين ساروا في درب الجلجلة و قضوا إلى ربهم بصفحة بيضاء ، و سيبقى حيا في وجداننا و الذاكرة الجماعية … إني حقا أكتب عن الفقيد العزيز الشهم و لن أفي بالكتابة الواجبة كقدوة لنا و كل صادق ومحب لوطنه بالرغم أن خلافي العميق مع الفقيد في الآونة الأخيرة كانت ذات طبع عميق أدت الى القطيعة بيننا ، لأنه كان يرى و يؤمن بنظرية ” قص الأجنحة ” و سرعة الرد الكاسح على الفسدة و العملاء في عدة كتابتنا الساعية إلى وحدت الهدف الكفاحي ، بدل ما كنت ولازلت أنهجه من توجيه الضربات إلى ” مركز الثقل “و تشتيت الخصوم المرتكزة على الهدوء و اختيار الزمن و اللحظة المناسبتين تجنبا لأي قراءة سيكولوجية أو ترك مجالا للخصم أو لأي انتصار زائف وهمي …
لقد رحل الفقيد قبل أوانه وعزائنا فيه أنه بقي شامخا مدافعا عن الحق المبين وقد خسره العرائشين والشرفاء والأحرار ، حقا إن قلوبنا تعتصر برحيل الفقيد لكنه رحل بالجسد و سيبقى خالدا و تستمر المعركة لأجل استنشاق هواء نظيف مهما كانت الخسائر و الأضرار و المتآمرين ، لأنها معركة يتقرر فيها حسم للوطن و إظهار مستقبله و مستقبل الأجيال … ندعو للفقيد بالرحمة و المغفرة و يسكنه فسيح جنانه و يلهم أهله و أبنائه وكل الأصدقاء بالصبر و السلوان الى جانب الأنبياء و الصديقين و الشهداء .
إنا لله وإنا إليه راجعون ، وداعا يا أخر فرصة العرائش
عذراً التعليقات مغلقة