الرباط – قريش :
أصدر الكاتب المغربي الحبيب الدائم ربي، مؤخرا، ثلاثة كتب عنيت بمجالات مختلفة. فقد نشرت له دار”مقاربات” كتابا بعنوان “جبل الشعر المغربي العائم: شواعر بأصابع محترقة”تناول فيه سؤال الشعر من زاوية كون الدواوين المنشورة ليست وحدها هي مشمول الخارطة الشعرية المغربية، كما أن الدواوين المقروءة والمتاحة، بل والرائجة نقديا، هي جزء يسير من الريبيرتوار الشعري لعوامل منها محدودية التوزيع و ضعف التداول. وضمن هذا المتن الذكوري، في أغلبه، على تواضعه توجد دواوين لشواعر، قلة قليلة لها بعض الحضور والرواج، فيما تظل أسماء نسائية أخرى لها تميزها الخاص غير معروفة ولا مدروسة. وقد تولى الكتاب مهمة إخراج بعضها من غفليتها ومقاربتها بنيويا وفنيا. وهو مقسم إلى قسمين: قسم نظري تولى طرح أسئلة همت مدخلا لبسط الموضوع في الشعر لتقليب النظر فيه من خلال وقفات عند ضرورة الشعر في الحياة، وما لا يكونه الشعر وما لا يكونه النثر، والشاعر الجيد والقصائد القديمة، والحاجة إلى الشعراء والشواعر، وفي نقد الحاجة إلى الشعر،و بؤس الغزل . أما القسم الثاني فقد تتبع نماذج شعرية وزجلية نسائية متفاوتة التجارب والأجيال.
وعن دار “إيديسيون بلوس” تم إصدار كتاب بعنوان” مدخل إلى الأدب الوجيز أو كتابة الما بعد” سعى فيه الكاتب إلى بسط واستشكال ما بات يصطلح عليه بالأدب الوجيز، بما هو كتابة ورقية ورقمية مطبوعة بالوجازة والتكثيف، مبرزا الأسيقة السوسيوتاريخية التي ساهمت في بروز هذا الإبدال الجديد في الكتابة بصورة أجلى وأقوى. إلى درجة أنه أصبح ملاذا للمتطفلين والأدعياء وعديمي الواهب في غياب مواكبة نقدية، من شأنها رسم المعالم لتنميته وتطويره. ويعرض الكتاب إلى قضايا شائكة، غالبا ما تم فهمها على غير وجهها، رافقت “الأدب الوجيز”، منها مفهوم الوجازة نفسه. هذا إلى جانب مفاهيم ومصطلحات أخرى منها الطول والقصر والكثافة والإضمار والحذف. ورغم أن التجديد مطلب تاريخي وضرورة، فإنه في بعض الأحيان يغدو مهلكة، سيما حينما لا يرتكز إلى أسس نظرية صلبة، وهو ما لم يحصل إلى الآن في ما سميناه بـ”كتابة المابعد”. إلى ذلك تطرق الكاتب إلى كتابة “الإيموجي” التي طغت على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال التعبير عبر الرسوم والصويرات والإيقونات والإيموجيات، ضمن أفق ينذر بموت الكتابة، وموت النقد أيضا، خاصة وأن خاصية النقد صارت بدورها مقرونة بتعابير إيقونية مراوحة بين الإعجاب والاستهجان والتعجب .من دون أن يعني ذلك أن النصوص الوجيزة تفتقد كلها إلى الجودة والفنية، فهناك نماذج لها تميزها توقفنا عندها بالدراسة والتحليل.
أما الجمعية المغربية للباحثين في الرحلة فقد أصدرت للكاتب مؤلفا بعنوان” تنانير قصيرة في شارع طويل” وهو محكي رحلي يستعيد فيه الكاتب رحلة قادته إلى الشرق الأقصى ، وخاصة إل مملكة ماليزيا وجزيرة بالي الأندونيسية. حيث تم رصد مختلف الأوجه التاريخية والثقافية لهذه الجغرافيات، المحاذية لخط الاستواء، المتنوعه التضاريس والإثنيات والديانات. والكتاب مليء بالمعلومات والطرائف والمظاهر التي تبدو غرائبية بالنسبة للزائر ، حيث يقدم نمط الحياة لدى الهندوس والبوذيين نموذجا مختلفا، تتعايش فيه الأرواح والطقوس الدينية مع الواقعية والانخراط في روح العصر بإيقاع سريع وهمة لا تعرف الفتور.
عذراً التعليقات مغلقة