الثورة والعسكر والسلم المجتمعي
د. توفيق رفيق التونجي
“طباع البشر تحت أرواحهم، لا تخرج إلا بخروج روحهم”
حكمة تركمانية
علميا، يأتي التغير او الانقلاب الفكري بمستويين الاول من الدرجة الأولى والتالي من الدرجة الثانية. وتشمل التغير في الفكر النمطيللبشر لكنه أحيانا يكون منعطفا حادا في حياة الإنسان. جرى استخدام المصطلح “ البراديغم” باللاتينية Paradigma للمرة الأولىمن قبل العالم توماس كوهن في كتابه ” بنية الثورات العلمية ” عام 1962 , كي يفسر عملية التغير في أسلوب ونموذج التفكير عند الإنسان. ها هنا التغير و التحول بمفهومه الجذري منه العقلاني والواقعي وما يسمى بالدرجة الثانية من التغير، وهو تغير تطوري فيالسلوك في حين هناك تغير هامشي طفيف من الدرجة الأولى غير جذري كما عليها عمليات التجميل لأنها تخاطب الغرائز والعواطف عند أبناء المجتمع.
المجتمع العراقي تغير كثيرا في القرن الأخير من مجتمع يسوده الطابع العثماني الى مجتمع حديث ومن النواحي كافة. كل تلك التغيرات كانت من الدرجة الأولى ما لبث الا ان عاد الناس الى الوراء في سلوكهم وحتى في اسلوب حياتهم. التغير الكبير جاء مع إعلان الدولة العراقية واستمر بخطوات ثابتة في العهد الملكي وصولا الى يوم إعلان الجمهورية حيث تسارعت التغيرات.
هذه سفرة في مجتمع مدينة كركوك ألتعددي. في مادتي هذه سأحاول الرجوع القهقرى بالحوادث الى الماضي القريب أي عشية انتهاء فترة الحكم الملكي وبدء الجمهورية انطلاقا من مجتمع مدينة كركوك الذي يشمل اللواء في العهد الملكي, المحافظة في العهد الجمهوري والتغيرات التي رافقتها في المنطقة الجغرافية بتغير حدودها لاحقا. المدينة كنموذج لما حصل في المدن العراق الأخرى. اعتمادا على ذاكرتي ومعايشتي الفعلية المباشرة مع الحدث. سأحاول الابتعاد كذلك عن الإشارة الى الأسس العلمية للبحوث وإتباعها لتسهيل وصول الفكرة الى القارئ الكريم.
نحن أبناء الرافدين لسنا بعاجزين عن تغير حياتنا وملائمة الظروف الجديدة لذا بعد ألانقلاب العسكري الدموي (ثورة تموز) انتهى عصر النظام الملكي المؤسساتي البرلماني في العراق، وفي صبيحة يوم الرابع عشر من تموز من عام ١٩٥٨. العسكر سيطروا على أجهزة الحكم وانتهى عهد النظام البرلماني الديمقراطي والانتخابات النيابية بكل محاسنه ومساوئه، حيث انعكس ذلك الصراع على النفوذ والسيطرة وما يسمى محاربة التيار الشيوعي، التهديد القادم من الشرق أي من اتحاد الجمهوريات السوفيتية السابق على المجتمع العراقي. ذلك الصراع بين المعسكر الرأسمالي والاشتراكي كلف الشعب العراقي خيرة أبنائه.
رغم وجود اختلافات في تركيب المجتمع التعددي في مدينة كركوك مقارنة بالمدن العراقية الأخرى. كان هناك دوما صراعات بين الأفكار القومية والأفكار المعتدلة واليسارية (الاشتراكية والشيوعية). اشتد الصراع بنجاح انقلاب العسكر على النظام الملكي في مصر. وبات تصدير فكرة الثورة على الأنظمة الملكية هما وهدفا للضباط الأحرار بعد وصول جمال عبد الناصر الى سدة الحكم. في البداية كانت الأولويات للعسكر التوجه لمحاربة النظام الملكي في العراق وخاصة رئيس الوزراء نوري السعيد. بدأ صراع دموي بين القوميين الذين ادعوا بأنهم فجروا الثورة بزعامة عبد السلام عارف والمتأثر بأفكار جمال عبد الناصر والاتحاد الاشتراكي العربي من جهة والمؤتلف مع حزب البعث العربي، وبين الزعيم الأوحد عبد الكريم قاسم والذي سانده القوى اليسارية والحزب الشيوعي والبارتي (الحزب الديمقراطي الكوردستاني) على الأقل في السنوات الأولى للثورة. كما ذكرت فإن الثورة تعني التغير وهذا يفرح الجماهير والأطفال بالدرجة الأولى. هذا الصراع أثر سلبا على ابناء جميع مدن العراق وأدى الى تغيرات جذرية في سلوك ابنائها.
كانت سيارات الإسعاف العسكرية تدور في شوارع المدينة اذ يذيع أحد الجنود البيانات العسكرية من مكبر الصوت ويسمع أصوات الموسيقى العسكرية (المارش) وبين الحين والآخر يعلن أيام العطل لتلاميذ المدارس.
الثورة على الأقل كان مفرحة للأطفال ومقلقة للكبار. العهد الملكي بحسناته وسيئاته أرسى دعائم الدولة المؤسساتية الحديثة وبدأ بأعمار البلاد والبنى التحتية والجسور وشارك المهندسون الانكليز في تصميم بغداد على غرار عمارة لندن العاصمة البريطانية، ومن ثم عاد الطلاب الذين درسوا في الجامعات البريطانية واستمروا على نفس تلك التصاميم.
يتذكر العراقيون دوما ان الإذاعة العراقية في كل الانقلابات العسكرية كانت تستهل بإذاعة بيان رقم واحد مع الموسيقى العسكرية والأناشيد القومية الحماسية والوطنية. ثم ياتي البيان تلو الآخر ويمنع التجول وتتلى برقيات التأيد.
لا تسعفني الذاكرة، عزيزي القارئ الكريم ان أتذكر الكثير والتفاصيل من حوادث العهد الملكي الا بعض اللحظات العابرة واللقطات القصيرة ولكني كنت طفلا، 1958 حين شاهدت الملك الشاب فيصل الثاني قبل الغدر به وهو يفتتح محطة قطار “التون كوبري” الواقعة في منتصف الطريق بين كركوك و اربيل. لكن تلك الصورة المسالمة لملك يتمشى مع مرافقيه على خطوط السكك الحديدية ودون اي مظاهر عسكرية اختفت تماما بعد 14 من تموز والى الأبد. هذا التغير اي عسكرة المجتمع وتسليح المدنيين أدى الى ظهور الميليشيات المدنية وتعدد تسميات تلك المجاميع الى ان وصل بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 الى فوضى عارمة حيث كل سياسي او مسؤول ورجل دين يحميه جيش مسلح من العاطلين. اي ان هذا التغير أصبح صورة مقبولة في المجتمع.
كانت مدينة كركوك قد شهدت حادثة واحدة في العهد الملكي أثرت على السلم الاجتماعي . حيث جرى صراع بين قوات الجيش المسماة قوات الليفي (الجيش الأشوري) وكان معظمهم من المسيحيين (قبائل تیاري العلیا والسفلى وتخوما وباز) لعبت تلك القوات دورا مهما في خدمة سلطات الانتداب البریطاني بين أعوام 1920 الى 1932 ، حيث قام فـي 4 أیـار 1924 وحسب الروايات هاجمـت قـوة متكونة من رجـلاً 44 وقتلت وجرحت 56 مواطنا معظمهم من التوركمان* . وكان الصراع اثر نقاش حاد بينهم وبين المدنيين في السوق الكبير ادى الى سقوط الضحايا. ان وجود المسيحيين في المدينة ووجود الكنائس جنبا الى جنب المساجد والجوامع والحسينيات وانتشارهم في احياء مثل عرفة وشاطرلو و الماس وطبع القلعة قبل هدمها اثر أيجابا على التطور الفكري واسلوب الحياة لابناء المدينة.
تكررت تلك المآسي مرة اخرى ابان احتفالات ابناء المدينة بمرور عام على ثورة تموز عام 1959 حيث جرت مجارز بحق الناس ودمرت ونهبت العديد من المتاجر واستمرت لمدة اربعة أيام في المدينة بحق التوركمان ، وكان من نتائجها ظهور عداء في المجتمع بين أبنائها من القوميات والعقائد المختلفة، ولم تتمكن الأحزاب السياسية التي شاركت بصورة مباشرة او غير مباشرة في تلك المآسي تدارك الأمر وتقديم التحليل المناسب لأسباب تلك الحوادث المؤلمة وتقديم البديل لتامين الأمن المجتمعي لأبناء المدينة، وكما ذكر بان الحزب الشيوعي قدم الاعتذار عن دورها في مجازر كركوك و الموصل.
لم يتمكن أبناء المدينة من تجاوز تلك الحوادث وما نتجت عنها والعودة إلى صفاء القلوب والسلم المجتمعي. بل بقت تلك الجروح تفعل فعلتها في أرواح الناس ويستخدم المتطرفون من القوميين تلك الحوادث لتهديد العامة من الناس لحد يومنا. هذا رغم أن العديد من الحوادث و الأكثر إيلاما جاء على أبناء المدينة لاحقا، لذا نجد انعكاساته في الوئام المجتمعي بين أبناء المدينة. كما ان تلك الحوادث أدت الى عمليات ثأرية عكسية و أدى لاحقا الى إعدام العديد من أبناء المدينة في السنوات ما بعد انقلاب 1963. لنرى كذلك مثلا كيف تغير مجتمع كركوك المسالم مع انطلاق الحركات العسكرية في كوردستان في بداية الستينات من قبل سلطة هذا الانقلاب الدموي والذي بدوره مهد الى مجيء البعث للسلطة ولمدة تسع أشهر للحكم حيث ساد جو من الإرهاب جميع مدن العراق واصدر سلطات الرئيس عبد السلام كتابا “المنحرفون” تتحدث وبالصور عن تلك التجاوزات للحرس القومي. الجدير بالذكر بان الرئيس العراقي عبد السلام كان قد زار المدينة عددا من المرات حيث اغتيل في حادث تحطم طائرة هليكوبتر في البصرة في 13 نيسان 1966 وأشير بإصبع الاتهام آنذاك الى حزب البعث كمدبر لتلك الجريمة. كما زارها من بعده أخوه الرئيس عبد الرحمن عارف وافتتح رئيس الوزراء طاهر يحيى محطة تلفزيون المدينة عام (1967) ** وكان البث بالعربية ثم لاحقا بالكوردية والتوركمانية والسريانية وكان تاثيره كبيرا على ابناء المدينة. نرى ان تسمية الانقلاب العسكري يومي 17 و 30 تموز الذي قام بها حزب البعث كان يسمى من قبل الانقلابين ب”الثورة البيضاء”.
المظاهر العسكرية في المدينة ازدادت كثافتها بعد تجدد القتال في جبال كوردستان ( الثورة بدأت في ايلول من عام 1961) إبان حكم عبد السلام عارف، وتحولت المقاهي في المدينة الى ثكنات عسكرية يصدع من مذياعها (الراديو) الأغاني الريفية العربية. هذا التغير، اي عسكرة المجتمع هز سلوكيات أبناء المدينة وخاصة بالنسبة للنساء حيث اختفوا من الشوارع خوفا من سلوك الجنود خاصة الصنف الذي كان يسمى “المغاوير” رغم وجود الانضباط العسكري لحماية ابناء المجتمع ولكنهم تحولوا الى تهديد مباشر خاصة للشباب وتقيد حركاتهم بطلب إبراز هوياتهم والتحقيق معهم. هذه الصورة لم أراه في بغداد او المدن العراقية الأخرى في زياراتي وانتقالنا لاحقا للسكن هناك اي في العاصمة في الستينيات.
لا ريب ان الحركات العسكرية ومع كثافتها كان عدد القتلى من الجنود والجرحى في زيادة ،وكانت الطائرات المروحية تنقلهم الى المستشفى العسكري القريب من مقر الفرقة الثانية الجديد في أطراف المدينة اما الطائرات العسكرية الروسية فقد كانت تضيف الى أجواء المدينة أجواء مرعبة بصوت هدير محركاتها من القاعدة الجوية وسط المدينة التي تحولت اليوم الى مطار كركوك المدني. هذه التغيرات في عسكرة المجتمع جاء مع زيادة ما يسمى ب الوعي القومي السلبي لدن ابناء المجتمع من جميع القوميات وزاد سياسة الدولة القومية في محاولاتها تعريب المدينة باستقدام أبناء العشائر العربية من أرياف جنوب العراق الى المدينة وإعطائهم العديد من المزايا في العمل والوظيفة والسكن. تلك السياسة اثرت على التكوين السكاني للمدينة وبات مشكلة مستعصية لحد يومنا هذا. وقد ازداد حدتها ابان 35 سنة من الحكم الدكتاتوري وسياسة التغير الدراسات السكانية (الديمغرافيا) للنسيج السكاني في المدينة مما ادى الى ان العديد من عوائل المدينة (خاصة من التوركمان ) غيرت انتماءاتها القومية الى تلك العربية من اجل المحافظة على بقائها وكينونتها وحصولها على سكن في المدينة . “التقية ” احد أهم مبادئ البقاء على الحياة للبشر ولا يلام الشخص عليها ولا تعتبر جريمة ولكن مع الأسف هناك من ينظر إليها ويصورها على أساس أنها من سلوك الجبناء.
استقرت الأمور لمدة قصيرة في المدينة بعد اذار عام 1970 وساد السلام والاستقرار عموم مدن كوردستان اثر إعلان بيان الحادي عشر من اذار للحكم الذاتي لكوردستان وكانت أربع سنوات ساد فيها السلام في عموم العراق وتفاءل أهل العراق بالتغير في الحكم الجديد وانتهى معاقبة المواطن على أفكاره وانتمائه وإعلان الجبهة الوطنية وحصل التوركمان والسريان على الحقوق الثقافية كذلك وساد جو من الإبداع الأدبي والفني في المدينة وفي ربوع الوطن كافة.
تلك السنوات الأربع انتهت باندلاع الحرب بعد أربع سنوات في جبال كوردستان اثر عدم الاتفاق الكامل بين الحكومة والكورد على ما يسمى اليوم بالمناطق المتنازع عليها والمادة الدستورية 140 وما تلاه.
واختتمت الحرب بلجوء الثوار الى إيران اثر اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران وبرعاية دولة الجزائرعام 1975. وتلت الحرب حروب بدأت مع سقوط شاه إيران محمد رضا بهلوي ونظامه والغاء اتفاقية الجزائر مع اعلان الجمهورية الإسلامية في ايران. حيث كانت السنوات ما بعد اندلاع الحرب مع الجارة ايران عام 1980 التي استمرت ثمانية اعوام عصيبة في حياة ابناء المدينة والعراق بصورة عامة راح ضحيتها الآلاف من القتلى و المعوقين والأسرى والمفقودين، لا توجد إحصائيات دقيقة ومحايدة من الطرفين المتحاربين حول الخسائر المادية منها والبشرية ، وهرب الملايين تاركين العراق الى خارج الوطن.
أنتهت الحرب الأولى، لتبدأ “ام المعارك” حرب ثانية بغزوها الجارة دولة الكويت ومن ثم احتلالها. و جاءت على أثرها أعوام من القحط والحصار لا يمكن ان ينساه الذاكرة الجمعية العراقية امتد حوالي 13 عاما من الحصار الدولي اثر قرار الأمم المتحدة المرقم 661 الذي صدر في يوم 6 آب أغسطس 1990 اثر انسحاب الجيش العراقي من أراضي الجارة الكويت التي اجتاحها في غزو عام 1990 والذي استمر الى عام 1991 . انتهى الحصارعام 2003 باحتلال العراق من قبل قوات التحالف الدولي تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
تغيرت الأمور لأبناء المجتمع الكركوكي، ولكن تراكمية كل تلك الحوادث تبقى حتى بعد عام 2003 اي بعد الاحتلال كالجمر تحت الرماد ستنفجر أجلا ام عاجلا من تحت الرماد. الجدير بالذكر بان تواجد القوميات المتعددة في المدينة ليست طارئا على المدينة بل تاريخية ولكن الحس القومي السلبي منه أدى الى التفرقة بينهم بعد ان كان هناك حوار حضاري تزاوجوا وتصاهروا بينهم الى نهاية الحرب العالمية الأولى وانهيار الدولة العثمانية. مما أدى الى تقوقع كل قومية على نفسها وتحولها الى مجتمع مغلق لا يتجاور او يتزاوج مع أبناء القومية المخالفة. لكن تحول سياسة الدولة الى تعريب المدينة أدى الى الى زيادة التفرقة والعنف بين أبنائها.
ومن مجازر 1959 الى حملة الأنفال في قرى وقصبات كرميان (سهل كركوك) سيئة الصيت والمقابر الجماعية . اما فترة الحكم البعثي فتميز بالقمع الجماعي والتطهير العرقي وعمليات الترحيل ومئات الآلاف من عمليات الإعدام لكل من لا يؤمن بالحزب ويغرد خارج السرب ( كل عراقي منتمي الى الحزب وان لم ينتمي) من متدينين او علمانيين شيوعيين وكل من وقف ضد الحرب وكذلك تم تصفية هؤلاء البعثيين من مؤيدي النظام البعثي في سوريا وتم إعدام منتسب القوات المسلحة عند ألاشتباه بانتمائه الى الحزب الشيوعي او حزب الدعوة او مؤيدا للحركة الكوردية.
لهذا نرى بان سنوات الأخيرة اي القرنين الأخيرين شهدت تغيرات جوهرية في العلوم وفي السياسة.وفي جميع انحاء العالم. جزئيا تغيرت بعض الامور في المجتمع العراقي و اثرت مباشرة على سلوك البشر في المجتمع العراقي عامة. يبقى ان نعلم بان قدرة المجتمعات البشرية على التجديد المستمر والتغير بسرعة وما يسمى ب التسارعي Agility واخذ القرارات الصائبة في عالمنا اليوم هو مفتاح النجاح تلك المجتمعات. ونتيجة لقبول التغير والتجديد ورفض هيمنة الفكر القديم خاصة المطلق منه بعد الثورة الفرنسية غيرت مفاهيم التفكير وأدت في النتيجة الى التقدم والتطور في الغرب.
مجتمع كركوك اليوم فسيفسائي بديع من عقائد من قوميات وطوائف دينية ورغم .ووجود مناطق في المدينة احادية القومية. ووجود اختلاط قومي وطائفي في مناطق وسط المدينة وانقسام حاد في تركيبة مناطق طريق اربيل والسليمانية ذو اكثرية كوردية بينما نرى طريق تكريت يختلط فيه العرب مع التوركمان وطريق المؤدي الى بغداد مختلط. ورغم كل هذه التركيبة المعقدة تبقى حب المدينة لأهلها وحبهم لمدينتهم “قاسم مشترك” يوحد الجميع ويمحو اي حدود يفصل بينهم.
اما مجمل كل تلك الحوادث التاريخية خلال 65 عاما على إعلان الجمهورية فستبقى في ذاكرة الشعب العراقي الجمعي وتبقى كذلك “الثورة” او الانقلاب العسكري هاجسا مخيفا يخيم على أرواح العراقيين. ليس فقط لوجود مغامرين وخاصة من العسكر والمتطرفين يتربصون حالمين بالاستيلاء على السلطة والحكم بل لان هيكل الدولة العراقية بقت وستبقى غير مستقرة وهشة البنيان. لان تركيب المجتمع العراقي كان دوما عائقا لتكوين امة عراقية موحدة ذي قاسم مشترك موحد. هذا التركيب القومي والعقائدي والديني وتناقضات الأفكار السياسية وتدخل دول الجوار في الشأن العراقي من ناحية والمصالح الدولية من ناحية أخرى، تكاتفت كلها مكونة بوتقة متناقضة وهاجسا مخيفا سيبقى ومع الأسف الشديد يهيمن على روح المواطن العراقي أينما كان حتى في المستقبل.
* للمزيد حول الموضوع راجع: بریطانیا وقوات اللیفي في العراق ١٩٣٢-١٩٢٠ م.د. عمار یوسف عبد الله، جامعة الموصل / كلیة التربیة الأساسیة، في مجلة أبحاث كلیة التربیة الأساسیة، المجلد ٧ ، العدد رقم واحد.
**حول تلفزيون كركوك راجع مادة الأستاذ ياسين الحديدي تحت الرابط التالي:
https://www.algardenia.com/maqalat/41465-2019-09-03-16-16-51.html
الأندلس
2023
عذراً التعليقات مغلقة