عبدالواسع الفاتكي
كاتب ومحلل سياسي من اليمن
حصاد مر حصيلة تسع سنوات من انقلاب المليشيات الحوثية على الجمهورية والدولة اليمنية ، جعل اليمن في أدنى درجات التمنية والأمن والاستقرار وأعلى درجات العنف والفساد والتطرف .
على المستوى السياسي منذ نكبة ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ م تجمد العمل السياسي ، وتوقف الانتقال الديمقراطي ، وأسدل الستار على المرحلة التوافقية الانتقالية ؛ لتدخل اليمن مرحلة العنف والحرب الأهلية وساحة صراع إقليمي ودولي تمثل الأجندة الإيرانية ، بالنسبة للحوثيين أولوية قصوى يسعون من خلال الحرب ؛ لفرضها على الشعب اليمني لصالح مشروع طهران التوسعي المعادي لليمن والأمة العربية .
اقتصاديا قدرت بعض التقارير المهتمة بالشأن الاقتصادي خسائر الاقتصاد اليمني ؛ جراء انقلاب الحوثيين حوالي مائة مليار دولار ؛ إذ تم تدمير الاقتصاد الوطني ، وتوقفت عجلة التنمية ، دمرت البنية التحتية ، واستولى الحوثيون على مؤسسات الدولة الاقتصادية ، وسخروها لصالح مجهودهم الحربي ، وبسطوا أيديهم على القطاع الخاص ، الذي بقي في مناطق سيطرتهم ، وأرهقوه بالضرائب والجبايات الفادحة ، مارسوا سياسات مالية وأساليب سطو متعدده على رأس المال الخاص ، والأنشطة التجارية المختلفة ، ما اضطر كثير من رجال الأعمال للهجرة بأموالهم خارج الوطن ، وهو ما جعل القطاع التجاري والاقتصادي يدخل مرحلة الغيبوبة ، إن لم يكن الموت السريري ، ناهيك عن تأسيس الحوثيين لقطاع مالي ومصرفي مستقل عن مناطق الشرعية ؛ من خلال رفضهم التعامل بالعملة الجديدة ، الأمر الذي خلق مجالا للمضاربة بالعملة في السوق السوداء ، الذي أضعف من قيمتها ، وزاد من تدهورها بشكل سريع ، كل ذلك وسع رقعة الفقر والبطالة بشكل غير مسبوق وبصورة مخيفة ، انعدم معها سبل العيش الكريم لملايين اليمنيين .
إنسانيا تدهور الوضع الإنساني فأصبح ملايين اليمنيين معتمدين على ما تقدمه لهم المنظمات الإغاثية والجمعيات الخيرية ، وارتكب الحوثيون جرائم وانتهاكات جسيمة تنوعت بين القتل ومصادرة الأموال والإخفاء القسري ، والاختطاف والاعتداء بالضرب المبرح ، والتعذيب في السجون والمعتقلات ، وغير ذلك من أصناف الانتهاكات المنافية للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان ، فضلا عن الدستور والقانون اليمني ، ناهيك عن القيم الدينية السمحة والتقاليد والأعراف اليمنية الأصيلة .
بفعل الانقلاب تمزق النسيج الاجتماعي وتشتت الأسر ، وأصيبت العلاقات والوشائج بين الأسر والقرى والمناطق اليمنية بالتهتك ، وكثرة الثأرات ، وتنامى الاحتقان الاجتماعي والكراهية ، وزادت نسبة الجريمة بل ظهرت جرائم غريبة على اليمنيين كجرائم قتل الأقارب .
تعرضت الهوية الوطنية على يد الحوثيين للمسخ والتجريف بهوية سلالية ، تقدس الفرد والسلالة ، وتجعلهما بديلا للوطن والهوية اليمنية ، وشاعت ثقافة الولاية مكان ثقافة الديمقراطية ، حتى التاريخ اليمني تعرض للسطو عبر تغيير المناهج ، وإلغاء الاحتفال بأعياد الثورة اليمنية كثورة ٢٦ سبتمبر وإحلال محلها الاحتفال بمناسيات طائفية تخص الحوثيين .
عمل الحوثيون على إفراغ قطاع التعليم من مضمونه ؛ ولذلك تم استهدافه بعدد من الممارسات ، التي أخرجته من الفاعلية ؛ فتسرب ملايين الأطفال من المدارس ، جزء منهم استقطبوا لجبهات القتال وجزء آخر ذهب للبحث عن العمل ؛ ليعيل نفسه أو يساعد أسرته .
منذ أن انقلب الحوثيون نحن أمام دمار شامل ، وكارثة عظمى حلت باليمن ، نحتاج للتعافي منها وقتا طويلا وحهدا كبيرا .
عذراً التعليقات مغلقة