نُطْقُ الْغَرْقَدِ
“شَجَرَة الْيَهُودِ”
إدريس الملياني
شاعر من المغرب
لِمَاذَا يُعَادَى
عَلَى مَرِّ كُلِّ الْعُهُودِ
الْيَهُودِي
بِلَا أَيِّ وَازِرَةٍ !
..
وَيُعَادِيهِ حَتَّى الْإِلَه
وَيُفَضِّلُهُ عَلَى مَنْ عَدَاه
وَيُدَمِّرُ صُورَتَهُ
فِي جَمِيلِ مَا صَنَعَتْهُ يَدَاه !
..
وَقُبَيْلَ الْقِيَامِ
يُعَادِي
الْيَهُودِي الشَّجَرْ
وَالْحَجْرْ !
وَيُنَادِي :
يَهُودِي وَرَائِي أَمَامِي
تَعَالَ يَا عَبْدَ الْإِلَه
فَاقْتُلْه !
..
وَبُعَيْدَ الْقِيَامِ
يُنَادَى
هُنَا…لِكَ عَبْدُ الْإِلَه :
هَذَا فِكَاكُكَ مِنْ نَار !
..
وَإِنْ عَظُمَتْ كَالْجِبَالِ الْجِسَامِ
ذُنُوبُكَ يَحْمِلُهَا
عَنْكَ ضَالٌّ
وَمَغْضُوبٌ عَلَيْه !
لالة سوليكة هَاتْشْوِيل
“إعدام يهودية مغربية”_سول هاتشويل، في لوحة للفنان الفرنسي ألفريد ديهودينك، مشهد قطع رأسها في ساحة بفاس أمام عامة الناس. سول soul بالإنجليزية الروح، وصول sol بالإسبانية الشمس. شابة طنجاوية حسناء _1817_ 1834_ لالة سوليكا، تحولت قصتها المأساوية إلى أسطورة، بطلة، صديقة، قديسة، لدى يهود المغرب والعالم، والمسلمين أيضا، أطلقوا عليها اسم لالة زوليخا، لالة صُليقة، الصِّدّيقة صُليقة. أصبح قبرها محجا مزارا لكل من اليهود والمسلمين على حد سواء.قصتها المأساوية مصدر إلهام الفنانين والكتاب، الأقارب الأجانب أكثر من الأجانب الأقارب. إعدامها اتهامها بالردة عن الإسلام دون التحول إليه على الإطلاق، بل ليس إلا غراما وانتقاما ومن الحب الوحيد الجانب ما قتل! كانت جريمة أن تكون سول جوهرة كريمة في حيازة اليهود المغاربة ! “الجالية اليهودية”_ المغربية الأجنبية!_ التي كان عليها دفع مقابل، نقدا وذهبا، لاستعادة جثتها ورأسها المقطوع ودفنها خفية في “الميعارة”! قطع رأسها في ساحة بفاس أمام عامة الناس 1834 وعمرها لا يتجاوز سبعة عشر ربيعا! حكم القاضي أيضا بان يتحمل تكلفة دفنها والداها! كان الحكم عليها إعداما وإحراقا! كان ردها على تهمة اليهودية المسلمة المرتدة قولها الشهير أمام الملأ الأدنى والأعلى : “أنا يهودية، ولدت يهودية، وأموت يهودية “! جارتها، “صديقتها” الخبيثة واسمها “الطاهرة” أخت ابن الجيران، الخائن الولهان، أشاعا معا بين الناس، افتراء و إرشاء وشراء لشهود الزور بدخولها الإسلام! رفعت قضيتها إلى قاضي طنجة، الذي أحالها إلى الباشا، وأثناء استجوابها دار بينهما حوار طريف ومخيف جدا، كان وعيدا وتهديدا خطيرا ووعودا! وأخيرا سجنها في زنزانة مظلمة، مغلولة الرقبة واليدين والقدمين! ثم أرسلها إلى فاس حيث سيقرر مصيرها السلطان. وكان على والديها دفع رسوم نقلها أو العقاب بمائة جلدة! وقع في سحر جمالها السلطان واقترح عليها أن تكون في حريمه شرط إسلامها، وكان رفضها أمرا بقطع رأسها غراما وانتقاما! ومن الحب ما قتل! ناشد والدها نائب القنصل الإسباني، دون خوسي ريكو المساعدة، فعل ما في وسعه لتحرير الفتاة لكن جميع الجهود باءت بالفشل! طلب منها الجميع، والداها، اليهود، القاضي، السلطان، وحتى الحاخام والجلاد أيضا، الإسلام والاستسلام ولو تقية ونفاقا للنجاة والحياة! أمر السلطان الجلاد بجرحها قبل القتل على أمل أن يخيفها مشهد دمها لقبول التحول! استدعى القاضي الربيين الكبار، وأنذرهم بأن الفتاة اليهودية إن لم ترجع إلى دينها الإسلامي، فسيقطع رأسها وسيعاقبون هم أيضا! وعلى الرغم من شدة الضغط عليها لإنقاذ حياتها وطائفتها المغربية اليهودية أيضا من العقاب، كان رفضها أقوى من كل الوعود والوعيد! كان الحكم عليها إعداما وإحراقا! لكن أحد الحاخامات _رفائيل_ اتصل بكبار الأعيان ورجال المخزن من أصحاب القرار، وأعطاهم أموالا طائلة، مقابل انتشال جثتها من المحرقة، لدفنها حسب الشريعة الموسوية. وقد دعوه إلى حيلة لأخذها، بحيث لما وضعت الجثة في المحرقة، ألقى الحاخام بقطع نقدية ذهبية كثيرة وغزيرة في الهواء، فاتجهت أنظار المكلفين بحرق الجثة إلى جمع النقود المتناثرة ، وفي اللحظة ذاتها تمكن أعوانه من سرقة جثة الفتاة ورأسها المقطوع لدفنها خفية في المقبرة اليهودية، صديقة، مباركة، وقديسة، شهيدة. كان الجلاد مأمورا بأن لا يقتلها في أول الأمر، بل أن يصيبها بجرح، لعلها تخاف في آخر لحظة، لكنها قالت للجلاد كلماتها الأخيرة : ” لا تجعلني أنتظر، اقطع رأسي بضربة واحدة، أنا بريئة من كل جريمة، إله إبراهيم سينتقم لموتي” وبانتظار انتقام “إيلوهيم” رب إبراهيم العظيم ورجوع رأسها المقطوع إليها لها وعليها السلام وألف ” شالوم”!
سُولِيكَا
صُولِيقَا
صُولِيحَا
زُولِيخَا
سُولْ soul
هَاتْشْوِيلْ
حَاتْشْوِيلْ
صُولْ sol
أَيْنَهُ اسْمُكِ
مِنْ كُلِّ تِلْكَ الْأَسَامِي!
..
وَأُمُّكِ
سِيمْحَا وَحَايِّيمُ
أَبُوكِ
وَإسَّشَارُ أَخُوكِ
وَقُنْصُلُ إِسْبَّانِيَا
وَحَتَّى الْحَاخَامُ
لَمْ يَسْتَطِيعُوا
فِدَاءَكِ بِالْمَالِ
أَوْ يَدْفَعُوا
عَنْكِ أَيَّ اتِّهَامِ!
..
شَهِيدَةُ إِيمَانِها
الرُّوحُ :سُولْ
الشَّمْسُ: صُولْ
مَبَارَكَةُ بَيْنَ جَمِيعِ النِّسَاء
جَوْهَرَةٌ مَسْرُوقَةٌ مِنْ قَلَائِدِهَا
قِدِّيسَةٌ، صِدِّيقَةٌ،
بَيْنَ كُلِّ الْوَلِيَّاتِ وَالْأَوْلِيَاء
سَلَامٌ لِشَمْسِ جَمَالِكِ مُشْرِقَةٌ
مِنْكِ أَنْوَارُهَا
وَلِرُوحِكِ أحْلَى سَلَامِ!
..
جَمَعَتْ تَنُّورَتَهَا
بَيْنَ رِجْلَيْهَا
لِكَيْ لَا يَرَوُا فِتْنَتَهَا
الْتَقَطَتْ أَنْفَاسَهَا
وَأَطْلَقَتْ صَرْخَتَهَا
مُدَوِّيَةً نَحْوَ وَالِيهَا
وَقَاضِيهَا وَسُلْطَانِهَا :
وُلِدْتُ يَهُودِيَّةً وَيَهُودِيَّةً سَأَمُوتُ
وَلَنْ أَرُدَّ عَلَى: “أَسْلِمِي اسْتَسْلِمِي
تَسْلَمِي تَغْنَمِي!” بِغَيْرِ ابْتِسَامِي!
..
أَبَداً لَمْ أَتَحَوَّلْ
وَلَنْ أَبَدِّلَ دِينِي
وَلَوْ مَنَحُونِي
خَزَائِنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ
ثُمَّ قَالَتْ لِجَلَّادِهَا :
عَجِّلْ
بِقَطْعِ رَأْسِي
وَلَا تَنْكَأَنَّ جُرُوحِي
فَرُوحِيَ لَا تَخْشَى دِمَائِي
وَلَوْ أُرِيقَتْ أَمَامِي!
القصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة