د.محمد عياش
– كاتب وباحث سياسي فلسطيني
نأى القلم في هذه الأيام أن يجري على الأوراق متناولا ً أي شيء آخر غير الشأن والألم الفلسطيني ، وقفزت إلى الذاكرة أصداء عبارة فاه بها الكاتب والصحافي الفلسطيني غسان كنفاني ، قال فيها ، نحن نقف مع فلسطين ، لا لأننا فلسطينيون أو عرب ، بل نقف معها لأنها امتحان يومي للضمير العالمي .
ضمير العالم بغالبيته غائب وحاضر بنفس الوقت ، غائب فيما يتعلق بالحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني الذي تُنفذ فيه أبشع المجازر والإبادة الجماعية Genocideويبرر تحت ما يسمى حق «إسرائيل» بالدفاع عن نفسها ! أما النظر لأسباب و، ؛ من حصار للقطاع ، واعتداء على المقدسات الإسلامية ، وانسداد كامل في عملية ‘‘ السلام ’’ ، وتصوير المجندات قصراً للنساء بالتعري أمام بعضهم البعض وهنّ أي المجندات يضحكن لاهيات غير مكترثن بكرامتهن وعفتهن .
في ظل هذه الحكومة الفاشية التي يقودها المأزوم بنيامين نتنياهو ، وما يسمى وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير ، ووزير المالية بتسلإيل سموتريتش ، تدخل القضية الفلسطينية في مأزق خطير ، إذ تنصلت هذه الحكومة من كل الاتفاقات والمعاهدات ، وعينها على تحقيق المشروع الصهيوني برمته ، ودعوتهم للفلسطينيين إما الرحيل أو الخضوع والخنوع ، والموت خيار مطروح مسبقا ً من أول مجزرة ارتكبتها عصابات الهاغانا والشيترين في بدايات الاحتلال .
«إسرائيل» تخطئ خطأً كبيراً عندما تُقدم على خيار التدمير الممنهج ، وهي حالة يصاب بها كل مغرور ومتهور ، لأن كل هذه الوحشية والتمادي في القتل والترويع هي مجرد محاولة يائسة للتستر على حالة الهلع المستشرية في المجتمع الصهيوني في الوقت الراهن ، وأن زيادة الترهيب والترويع يقابلها من الجانب الفلسطيني بمزيد من الثبات والتصميم على نيل الحقوق المسلوبة بكل عزم وجسارة .
تُرجم حضور ‘‘الضمير الغربي’’ بتقاطر الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن ، وإعلانه الدعم المطلق وإعطاء الكيان الغاصب الضوء الأخضر بالقتل والتدمير … وطمأنته بعدم المحاسبة والمسائلة ، وحضر رئيس الوزراء البريطاني ريش سوناك للهدف نفسه والرئيس الفرنسي أيضا ً ، بينما تشهد عواصمهم مسيرات داعمة للقضية الفلسطينية .
زيارة الثلاثي الاستعماري الكلاسيكي ، زيارة ضرورية ، لأن مشروعهم في الشرق الأوسط أصبح في خطر ، هم من خططوا وصمموا ونفذوا ، وبالتالي لو زالت إسرائيل من المنطقة لن يقوم لهم قائمة ، فإسرائيل بتموضعها في قلب الوطن العربي تخدم الأطماع الاستعمارية ، حيث قال أحد السياسيين الأمريكيين ، الشرق الأوسط مهم لنا وحيوي ، لأن إسرائيل وموارد الطاقة فيه .
كل العالم وشعوبها تدرك بحق الفلسطينيين بأرضهم ، وأن الاحتلال الإسرائيلي مجرد حارس آمين للغرب ، وهذا مدون بتوصيات رئيس الوزراء البريطاني الأسبق كامبل بنرمان 1907 التي شرح وفصّل ووضع الأسس والخطط فيما يتعلق بتثبيت الكيان ، والآليات التي من شأنها قمع وقتل سكان الأرض الأصليين والدول العربية التي تعترض على هذا المشروع ، وبعدها توالت الاتفاقيات والوعود كاتفاقية سايكس بيكو 1916 ووعد بلفور 1917 .
إسرائيل تنزعج من مصطلح آخر احتلال Last occupation بالرغم من انخراط الفلسطينيين وبعض الدول العربية باتفاق سلام ومحاولة الوصول لحل نهائي ، كما أفرزته مبادرة الدول العربية في بيروت عام 2002 والتي تنص بحل الدولتين والقدس الشرقية عاصمة لفلسطين . وانزعاجها يتأتى بنسف الخرافات والأكاذيب التي أقاموا مشروعهم عليه ، وبمجرد ذكر آخر احتلال ، يعني ذلك بأنهم كولونياليون جاؤوا من أصقاء الأرض وبدعم من قوى عظمى ، وليس عن عبث محاولاتهم احتلال التاريخ والعادات والتقاليد الأصلية لأصحاب الأرض ونسب بعض المأكولات لهم ، ناهيك عن الحفر اليومي الذي يكذب ادعائتهم وزيفهم .
ختاما ً ، أتوجه للمطبعين أو للذين يريدون أن يطبعوا ، انظروا لهذا الكيان ، وأفعاله بحق الأبرياء العزّل ، يقتلون الأطفال بدم بارد ، يهدمون البيوت على رؤوس ساكنيها ، يحرقون الأخضر واليابس ، يتوعدون بمزيد من التدمير والقتل والتهجير ، يكذبون ويحرفون الكلام عن مواضعه ومعانيه ، يتشدقون باستخدامهم للأسلحة المحرمة دوليا ً ، يتباهون بالمساحات التي تسوى على الأرض ، يعانون من قمة الأخلاق التي التزم بها الشباب الفلسطيني المقاوم ، وشهادات المفرج عنهم من الأسرى بدأت تقض مضاجعهم والمعاملة الحسنة على منهج الإسلام السمح بعكس ما تروج له الصهاينة .
هذا هو العدو الصهيوني آخر احتلال فطبعوّا وأقيموا علاقات كيفما شئتم فالتاريخ لا يرحم .
عذراً التعليقات مغلقة