نتانياهو.. معركة كسر العظم مع “دولة” الاجهزة الامنية والحربية

آخر تحديث : الأحد 19 نوفمبر 2023 - 5:58 مساءً
نتانياهو.. معركة كسر العظم مع “دولة” الاجهزة الامنية والحربية

د. عماد الدين الجبوري 

كاتب في لندن

مع استمرار الحرب في غزة تزداد خسائر ” العدو الصهيوني” بالأرواح والمعدات أكثر فأكثر، إضافة إلى تداعياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خاصة موجات المغادرين المتواصلة إلى أوطانهم الأولى. وما يجري على المستوى الداخلي لا يقل شأنًا عما يعصف بالكيان الصهيوني من تنديد ورفض عالمي جراء المجازر للأطفال والنساء وعموم المدنيين، التي فاقت كل انواع الوحشيَّة.
ومن بين مخاطر التصدع المتنامي انتقاله من الخفاء إلى العلن، لا سيما بين أطرف” الدولة” نفسها، والاتجاه نحو تحميل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتناياهو مسؤولية الفشل والاخفاق في منع حدوث عملية “طوفان الأقصى” من ناحية، وتعاظم السخط الشعبي عليه من ناحية أخرى. وبالقدر الذي يعني أن نتنياهو لا مستقبل سياسي ينتظره، ما يخلق اندفاعًا داخل حزب الليكود لخلافته، وانعكاس ذلك على خسارة أصوات الناخبين، وعلى كتلة اليمين المتطرف في آن. فإنَّ مجمل هذا التصدع له نتائجه السلبية في ضعضعة الكيان الصهيوني غير المتجانس أصلًا.
وبالرغم من أن العقيدة الصهيونية عنصرية ودموية تجاه البشرية عمومًا، والعرب خاصة، لكن نتنياهو الذي يتعمد التصعيد في هذه الحرب، ليس حرصًا في تنفيذ هذه العقيدة المنحرفة فحسب، بل ليدفع بعجلة الحرب من أجل الحفاظ على منصبه الذي يوفر له الحماية والتحرك في إلغاء محاكمته بملفات الفساد. ومن هنا، يحاول نتنياهو التنصل من تحمل مسؤولية الفشل والإخفاق تجاه نجاح المقاومة الفلسطينية في عملية “طوفان الأقصى”. فوفق تقرير رئيس قسم التحقيقات والتقارير الاستقصائية في صحيفة “هآرتس” غادي فايتس، أن أحد كبار أعضاء الليكود والمقرب من نتنياهو يعمل على جمع المواد والوثائق، التي من شأنها أن تلقي ضوءًا سلبيًا على رئيس شعبة الاستخبارات “أمان” أهارون حاليفا. كما أن نتنياهو لم يتوقف صراعه مع رئيسيْ: هيئة أركان الجيش هرتسي هاليفي، وجهاز “الشاباك” بروتين بار.
وعلى هذا الأساس، يرى فاتيس أن نتنياهو يعتزم أن يفعل برؤوساء الأجهزة الأمنية والعسكرية ما فعله بالمحققين والمدعين العامين في ملفات الفساد التي يُحاكم عليها. إذ شكك في مهنيتهم وقدراتهم، وحمّلهم مسؤولية تقديمه للمحاكمة لدوافع سياسية. وبحسب رأي كاتب التقرير، أن نتنياهو والفريق من مقربيه سيواجهون صعوبة في التنصل من مسؤولية الإخفاق في منع أحداث “السبت الأسود” في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لأن نتنياهو على عكس سابقيه يواصل محاولة شق طريق للتنصل من المسؤولية والهروب من أي اتهامات قد توجه له مستقبلًا من لجنة التحقيق، وذلك عبر التخزين القسري لوثائق أمنية وعسكرية سرية.
في الحقيقة، يمكننا ملاحظة هذا التصدع بين الجانبين السياسي والعسكري من خلال المؤتمر لسير الحرب في قطاع غزة، فالوجوه الثلاثة لرئيس الوزراء ووزير دفاعه وأركان الجيش متقاطعة بلا انسجام، وسرعان ما ينتهي المؤتمر يتباعد عنهما أو العكس. وهذا يدل على هبوط يعانيه الكيان الصهيوني، كما أنه مؤشر على تفككه أيضًا. وإلا كيف نفهم قول محلل الشؤون الإستراتيجية والأمنية في موقع “واللا” أمير أرون، أن نتنياهو مرتاح لاستمرار الكابوس الأمني، فقد يستغل إطالة أمد الحرب على غزة والمعارك بهذه الوتيرة للبقاء على كرسي رئاسة الوزراء، وبغية أن يكون طوق نجاة له من ملفات الفساد التي تلاحقه، وأيضًا للتنصل من مسؤولية الفشل والإخفاق الاستخباري بأحداث السابع من أكتوبر الماضي. وبحسب تصوره، ستستمر الحرب إلى نوفمبر (تشرين الثاني) ٢٠٢٤، إذا لم تتم إقالة نتنياهو والإطاحة به.
صفوة القول، أن تنامي التصدع داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي، والضغط الدولي على الصهاينة، والمظاهرات المنددة بهم حول العالم، لن تنتهي إلى لاشيء، وإنّما لها نتائجها حاضرًا ومستقبلًا تجاه هذا الكيان المصطنع على أرض فلسطين، الذي تكشفت اوراقه الوحشية، وكذلك تعرّت أكثر إزدواجية المعايير الغربية الداعمة لهذا الكيان اللقيط.

كلمات دليلية
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com