أيها الشعر
هشام عبدالكريم
شاعر من العراق
عندما احترقنا
بنار الشعر
كنّا فرحين
فرحين جدا ً
مردّدين لبعضنا
ها نحن
على طريق الشعر سائرون
لم نفكر في حينها
إلاّ بقراءة شعر البحتري
وأبي تمام والمتنبي
وشعراء المعلقات
حسبَ توجيه أساتذتنا
الذين قدّروا مواهبنا
بعضُهم نصَحني بتمزيق
كلَّ الوريقات التي
كتبتُ عليها
بدموع قلبي
فمزقتها بمرارة
خشيةَ أن لا أصبح شاعرا ً
كنّا نكتب
وأساتذتنا الشعراء
يسموننا
( الشعراء العَجايا ) !
وعلى الرغم من مرارة التسمية
بقينا نكتب ونكتب
وأخيرا ً
وبعد جهد جهيد
غادرنا
مرحلة ( المعْجَيَا )
حسب ظنّنا
وأصبحنا
محلقين
في سماوات الشعر الواسعة
كنا فرحين
ونحن نقطف
نجومها
كتبنا
قصائد غزل
في حبيباتنا
وقصائد حزن
عن خيباتنا
ويوما ًبعد يوم
بدأت
فضاءات الشعر تضيق
والنجوم تبتعد
وغربان الظلام
تحوم علينا
كنا نصرخ :
يا ناس يا عالم
حاذروا
من جنود الظلام
لكن الناس
(وضعوا أصابعهم
في آذانهم)
بل ضحك بعضُهم
في سره علينا
ولما صهر اليأس
أرواحنا
تحول ابن عواد
إلى صعلوك جميل
فهاجر ولم يعد
ورحلت طيور إلى سماء الرب
ومات كمدا ً
صديقي الشاعر الجميل
مزاحم
أجل مات كمدا ً
وهو يحدّق
في جراحات الوطن
ويحاول رتقها
لكننا
لم نتخل
عن جادة الشعر
ولم نجعل من أبياته
سلالم
كي توصلنا
لقصور السلاطين
كنا نحب الشعر
لأنه شعر
لم ننزعج عندما أدركتنا
( حرفة الأدب )
وقادتنا إلى دروب
عتمتها المخيفة
بل اخترنا
أن نحترقَ بقصائدنا
ونحن نرى
إلى ما يفعله السفهاء
والمطبلون
أيها الشعر
مالذي صنعناه
كي تفعلَ كلَّ هذا بنا ؟
أنتَ من أغويتنا
ونحن لسنا أنبياء
تعاملنا معك
بطيبة النبلاء
فدفعنا أرواحنا ثمنا ً
لانشغالنا بك
ولم نقطف
منك إلا ثمار
الوجع والألم
فهل هناك أمل
بالتحرّر منك
والعودة
إلى ذواتنا المعذبة
أم أننا سنبقى
رهنَ اعتقالِك َما حيينا ؟
الموصل
٥ / ١٢ /
٢٠٢٣
القصيدة خاصة لصحيفة قريش -ملحق ثقافات واداب -لندن
عذراً التعليقات مغلقة