بقلم المراقب السياسي
الفشل في حسم وضع اليمن بشكل سلمي وتعايشي وبمشاركة داخلية باتت نتائجه تظهر على نحو مزعج في المحيطين الإقليمي والدولي، ومن خلال الملف الذي تتربص به إيران وهو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ولا أقول الإسرائيلي العربي، لأنّ العرب الآن هم في منطقة أخرى رمادية او تطبيعية.
الضربات الامريكية البريطانية على اهداف داخل اليمن ، بمساعدة دول منها كندا واستراليا وهولندا والبحرين يمكن ان تضعف بعض القدرات التسليحية لكن البحر مفتوح امام اهالي اليمن ولهم فيه خيارات غير محسوبة دايما عند القوى الكبرى .
الحوثيون، هم العامل الذي لم تحسب له إسرائيل حساباً مناسباً في موازين القوى في الصراع الدموي الوحشي الدائر في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، وهو نفس الخطأ الذي وقعت فيه السعودية عدة سنوات قبل أن تمسك بأطراف الحقيقة اليمنية وليس المكوث عند الحدود الحوثية، واتخذت قرار التفاوض للسلام في اليمن برغم من عدم تحقيقه حتى الساعة.
الحوثيون يمتلكون خبرة في استهداف المواقع البعيدة وقد كان ضرب بعض الأهداف داخل السعودية دليلا على امتلاكهم أسلحة ذات مديات بعيدة من الممكن ان تؤذي عدوها. وهنا كان دائما الدعم الإيراني حاسماً في منح هذه الأسلحة الى حكّام صنعاء الجدد، لاسيما انّ عمليات النقل البحري في السنوات الأولى من حرب السعودية -اليمن كانت لا تخضع لرقابة أمريكية ودولية فاعلة، وتمتلك إيران اسطولا بحريا كبيرا استطاعت من خلاله الوصول الى السواحل اليمنية بسهولة، وحدث ذلك حتى بعد تشديد الحصار بحسب قرار مجلس الامن.
قانون الحروب في اليمن مختلف تماما عما سواه في بقاع أخرى من العالم، فماذا تستطيع أن تفعل اية قوة عالمية في الأرض سوى قصف اهداف داخل اليمن كأقصى مواجهة، وقد فعلت السعودية ذلك بعنف شديد سنوات طويلة، والنتيجة هي ان الرد اليمني” الحوثي” حسمَ الحرب باتجاه هذه الهدنة التي اضطرت لها السعودية بعد تهديد أمنها ونفطها بشكل جدي وهو الامر الذي لا توجد استعدادات داخلية له.
المسألة لم تعد صاروخا مارقا ، وانّما هناك سيطرة على سفن عملاقة وسط البحر، هذا تطور خطير .
ايران التي تنازل أعداءها عبر وكلائها دائماً، منذ ان انتهت الحرب مع العراق العام 1988، تجد نفسها امام أداة سهلة الاستخدام وعصية على الأعداء، وهم الحوثيون الذي يجيدون أداء الدور بعد ان اكتسبوا خبرات مطعمة بالدعم المستمر من ايران وحزب الله وبعض مليشيات الشيعة في العراق.
يبدو أي رد إسرائيلي على اليمن غير مجد، فالضربات لن تكون فاعلة بحكم المسافة الطويلة والطبيعة الجبلية التي تخفي الأهداف المعنوية المهمة. كما ان انشغال تل ابيب في حرب الورطة في غزة يغنيها عن التوسع نحو اليمن وهي التي لم تأمن الجبهة الشمالية مع جنوب لبنان، وهي جبهة قد تشتعل مادامت احدى الأدوات الإيرانية ايضاً.
حتى الرد الأمريكي لن يكون أكثر من اعتراض الصواريخ والمسيرات المنطلقة من اليمن باتجاه الأهداف الإسرائيلية.
من هنا قد يستطيع الحوثيون فرض واقع خطير ومغاير في البحر الأحمر، وهي الرسالة الإيرانية القوية في أن هذا البحر هو ساحة إيرانية ،كما عبّر عن ذلك قائد عسكري إيراني اليوم.
استنادا الى هذا المُعطى اليمني الجديد وأمن البحر الأحمر، تكون الولايات المتحدة معنية أكثر من إسرائيل في ضرورة إيقاف الحرب على غزة، لاسيما ان هناك انسياقا اسرائيليا وراء مجهول في هذا القطاع المكتظ.
إنَّ وصول مستشار الأمن القومي الأمريكي ساليفان الى تل ابيب ورام الله يصب في اتجاه واحد هو متى تكون نهاية هذه الحرب.
عذراً التعليقات مغلقة