د.محمد عياش
– كاتب وباحث فلسطيني مقيم قي سوريا
يقول كازانتازاكيس- روائي – “إن القاعدة الغامضة في مسار التاريخ البشري لا تخطئ: في البداية، الشر هو الذي ينتصر، وفي النهاية خسارته حتمية. لكن ما بين الخسارة والانتصار، الطريق طويل، وشاق، ومليء بالعذاب والألم والدماء، وأكفان الأطفال البيضاء، التي ترشح منها الدماء”.
يقول المؤرّخ الإسرائيلي إيلان بابيه إن “فهم جوهر الصراعات يكمنُ في التاريخ ، لأنه يوفّر الفهم الحقيقي غير المتحيز للماضي”، كما أن تشويه التاريخ أو التلاعب به “يؤزّم المشهد ويجعله أكثر تعقيدا وبعيدا عن الحل”. ويقرّ بأن تشويه التاريخ “يشجّع على انتشار الاضطهاد ، ويحمي نظام «إسرائيل» الذي يصفه بالاستعماري والاستيطاني . ليست هذه الشهادة الوحيدة لكبار المؤرّخين اليهود.”
إذا أردنا أن ندرك ماهية الأسباب التي ولدت في الماضي ، وأدت إلى النتائج التي نعيشها ونخبرها اليوم ، لاسيما ما يتعلق منها بالوضع الدولي السيء والوضع الداخلي القلق للأمم ، فإنه يجب دراسة التاريخ لأن التاريخ يكرر نفسه دوما ً ، لأن هدف الصراع المستمر ما انفك أبداً هو نفسه منذ أزمنة سحيقة ، ونعني به الصراع الدائم القديم بين قوى الخير وقوى الشر للسيطرة على العالم .
الذي حدث هو أن كلا من قوى الخير والشر انقسمت بدورها على جهات عديدة – ولا تزال – وهي تتوزع بين هذه الجهات التي تصارع كل منها جهة من الفئة المعاكسة ، وتعمل على حده في سبيل بلوغ الهدف الذي تسعى إليه الجبهة التي تنتمي إليها .. تتناهى إلى الجماهير هذه الخلافات في الرأي بين هذه الجهات المختلفة عن طريق أجهزة الدعاية والإعلام ، ولكن يغلب في هذه الأجهزة أن تستعمل لإلقاء أكاذيب أو نصف حقائق إلى الجماهير عوضاً عن أن تنقل إليها الحقائق الكاملة غير المزيفة أو المنمقة المتعلقة بأية حادثة وبأي موضوع .
مناسبة الحديث عن التاريخ وتسليط الضوء عن الأيادي الخفية التي تحرك وتحبك المؤامرات ليل نهار بنيامين نتنياهو ، دون أن يرتدي ( الكيباه ) على رأسه كما يفعل الكثير من الصهاينة المتشددين .
بالعودة للتاريخ.. قفزت للذاكرة جماعة متمردة على رسالة موسى وهم جماعة «العجل الذهبي» ، هذه الجماعة التي ما التفتت في يوم من الأيام إلى شريعة موسى وظلوا على عهدهم القديم بتأجيج المؤامرات وبث الفرقة في المجتمعات التي يسكنون بينها ؛ إلى أن وصلت بهم الأمور وبالتحديد إلى القرن السابع عشر ، حيث كان رجل دين مسيحي وأستاذ لعلم اللاهوت في جامعة ( انغولدشتات ) الألمانية ، بيد أنه ارتدّ عن المسيحية ليعتنق الالحاد وتقمصت فيه روح الشر الالحادية بشكل خبيث ( آدم وايز هاوبت ) .
وجد كبار المرابين في ألمانيا بغيتهم ، حيث كلفوه بمراجعة بروتوكولات حكماء صهيون القديمة وإعادة تنظيمها على أسس حديثة والهدف وضع خطة للتمهيد للسيطرة على العالم عن طريق فرض عقيدة الالحاد والشر على البشر جميعاً ، أو على الأصح على من يتبقى منهم في حالة نجاح المؤامرة في تدمير المجتمعات والشعوب والأمم وإثارة المجازر والمذابح والثورات التي تنتويها وإقامة الأنظمة الإرهابية الدموية وتخريب الحكومات القائمة على مبادئ الخير والعقائد الصحيحة .
نتنياهو يعتبر نفسه وريث وحامل راية الخير بوجه العالم الذي يشك أو بمجرد التفكير بأحقية «إسرائيل» في العيش ، وبالتالي فإن النظرة للحوييم ، تبقى ثابتة من وايزهاوبت إلى نتنياهو ، ولا أبالغ أن الصهيونية العالمية استطاعت استيلاد الشيوعية مقابل النازية وهي وآلتها الإعلامية من روّجت للالحاد الأحمر ( الشيوعية ) والأزرق ( النازية ) بعد أن تشربوا من تعاليم وايزهاوبت ووصاياه المدونة في كتب كثيرة .
يعنّ ذلك أن نتنياهو ( لوسيفر ) حامل الضوء أو النور باللغة اللاتينية ، وعليه فإن العالم بأمس الحاجة إليه في الوقت الراهن لأنه ‘‘المخلّص’’ والمنقذ من الشر القادم من الشرق ، وأدواته معروفة مسبقا ً المعاداة للسامية ، وأعداء الحضارة مع بروز مصطلح ، ‘‘الحيوانات البشرية’’ التي وصف قطاع غزة ، مع توجيه النصائح للدول الأوروبية بمساندته ودعمه بالقضاء عليها لأنها ستصل واشنطن ولندن وباريس في حال انتصرت حسب زعمه .
عذراً التعليقات مغلقة