استشراف المستقبل لوكالات الأنباء

آخر تحديث : السبت 27 يناير 2024 - 7:52 مساءً
استشراف المستقبل لوكالات الأنباء


استشراف المستقبل لوكالات الأنباء الإفريقية.. وجدلية التشبيك المادي والمعنوي

أنابيب الخبر والطريق السيار للمعلومة والسكك «الحديثية» للتواصل!

عبد الحميد جماهري

كاتب وإعلامي  ومحلل سياسي من المغرب

راقتني جدا تلك الجدلية اللطيفة التي توافق عليها الحاضرون في الدورة السابعة لجمعية الفيدرالية الأطلسية لوكالات الأنباء الإفريقية (فابا)، في الجمع بين أنابيب النفط والغاز، والطرق والسكك الحديدية في تشبيك القارة الإفريقية، وبين اللوجستيك ذي الصلة بالخبر والمعلومة والمنتوج الإعلامي عموما.

وهي بهذا المعنى جدلية في التشبيك المادي، كمُقوِّم لابد له من تشبيك معنوي، ذهني وعقلي وتواصلي، يكمِّله، وهما معا يشكلان، في سياق اللحظة وفي استشراف المستقبل، مقومات سيادة قارية مطلوبة.

ولقد شاء ذكاء الصدفة أو مهارتها في التسديد أن يكون النسيج الإعلامي سابقا زمنيا عن النسيج المادي الاقتصادي الطرقي والبترولي الغازي، باعتبار أن الفدرالية الأطلسية، تم إحداثها في 14 تشرين الأول/ أكتوبر 2014 بالدار البيضاء. (مدينة المواعيد التاريخية الإفريقية بامتياز)، قبل انطلاق العديد من المبادرات السياسية والدبلوماسية ذات نفس التوجه، أي الأفرو أطلسي!

وتلتقي موضوعيا وسياديا في نفس التوجه الذي أعلن عنه ملك البلاد في الذكرى 48 للمسيرة الخضراء للسنة التي ودعناها.

ومن حسن الوعي الإفريقي اليوم أن المشاركين في لقاء fapa الفابا، يدركون مركزهم كجمعية في النسيج الإعلامي الدولي، فهي تضم 30 وكالة أنباء وتجمع مهني، وهي عضو ملاحظ في رابطة وكالات أنباء البحر الأبيض المتوسط، واتحاد وكالات أنباء آسيا والمحيط الهادي، واتحاد وكالات أنباء أمريكا اللاتينية، واتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي، واتحاد وكالات الأنباء العربية. وهي مواقع دولية بالنسبة للوكالات لإسماع صوت إفريقيا، ولا سيما توضيح رهانات المبادرة المغربية في صناعة فضاءات جيو ستراتيجية، تعد في صميم بناء السيادة بكل مستوياتها، وفي قلبها السيادة الإعلامية.

ومن حسن الوعي كذلك أن المغرب دافع على لسان وزارة الاتصال ووكالة أنبائه الرسمية عن المبادرة الملكية باعتبارها “رؤية حضارية متكاملة”، لا تقتصر على وظيفتها كممر لوجيستي، ونافذة جيوسياسية، وتحالف سوسيواقتصادي، بل تتعداه إلى تشييد “فضاء للتواصل الإنساني” و”الإشعاع القاري والدولي”.

راقني أيضا، دقة القاموس المستعمل في تقريب الجمعية من شركائها، سياسيين وإعلاميين وأكاديميين واستراتيجيين، كما قرائها وأبنائها، مما اعتبرته »الرهان السيادي الإعلامي.

ولعل السيد مدير وكالة الأنباء المغربية كان موفقا للغاية في اختيار الجدلية الثانية، عندما قرن» استعادة السيادة بتطوير حقيقي للخطاب الإعلامي»، ولعل في كلمة استعادة مخزون تعبوي كبير يدفع إلى الصراحة مع الذات ( نحن لا نستعيد سوى ما نحن مهددون بفقدانه أو فقدناه) وتحديد إجبارية التطور كشرط وجوب في عملية الاستعادة وربح الرهان السيادي!.

ولن يفوت المتتبعين تسجيل الثنائية الرفيعة كذلك، في علاقة الحرية والسيادة، في أدبيات هذا اللقاء، الذي يهم في منطق التوزيع الدولي للإعلام المنابر الرسمية ذات الوظيفة المرتبطة بالدولة في كل بلاد.

ومن هنا قيمة ما تم تدارسه وما قد يصدر من أدبيات وخطط عمل ومن فلسفة.. إفريقية في تدبير الإعلام. نحن نتكلم عن عقل الدولة ويدها في تحقيق هويتها الإعلامية في عالم صار موجودا بشكل غير مسبوق في القنوات والوسائل التواصلية، وفي مقرات الأخبار ومراكزها وردهاتها، وفي هيئات تحرير المعلومة…

في القارة تتحقق هذه الجدليات الطازجة بشكل مشترك، أي حرية وسيادة مشتركة بين الدول، في إطار عام يكون فيه الإعلام مشبعا بهما، ومشبعا بالروح الجماعية لقارة دخلت الطريق السيار لتطوير ذاتها وتملُّك سيادتها وحريتها معا…

مقال خاص لصحيفة قريش  – لندن

كلمات دليلية
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com