جبار عبدالزهرة
- كاتب من العراق
العراق بلد تجاوز كل الخطوط الحمر في ميدان الفساد الوظيفي والإداري والمالي على المستويين الدولي والإقليمي فالفساد في هذا البلد ينخر في جسم حواضر الدولة على مستوى السلطة الحاكمة بدءأ من الوزارة ونزولا باتجاه المؤسسات والدوائر التابعة لها 0
ومن بين اهم الأسباب المؤدية الى ذلك واستفحاله بشكل غير مسبوق هو ان مسؤولين كبار كبار جدا ولا اريد ان اشير الى مسميات العناوين الوظيفية العالية التي يحتلونها منخرطين في هذا الفساد الواسع والمتعدد الأوجه والذي لا يمكن معالجته لأن الحل والربط بايديهم عبر القانون العام والقضاء والإجراء الإداري وهذا ينطبق عليه قول العرب (حاميها حراميها) 0
لذلك انعدمت القدرة على تفعيل دور هيئة النزاهة الإتحادية والمحلية في محاسبة الفاسدين وقد دفع هذا بكل فاسد الطبع انتهازي للفرص وميت الضميران يتحرك دون خوف من رقيب او حسيب على خلفية قولهم (من أمن العقاب اساء الأدب) نحو سرقة المال العام ونحو اخذ الرشى0
الرشوة وكل اعمال السرقة والسلب والنهب وأية طرق اخرى للإستيلاء على الأموال العامة او الخاصة هي اعمال غير مشروعة في القوانين الإلهية والقوانين الوضعية لأنها تهدد استقرار المجتمع وتقوِّض امن الناس 0
في قوانين الإسلام في القرآن والسُّنة النبوية الشريفة قد حرَّمت بشكل قاطع سرقة الأموال ففي القرآن قال سبحانه (ولا تأكلُوا اموالكم بينكم بالباطل ) وفي السنة النبوية الشريفة خصَّ النبي محمد صلى الله عليه وآله الرشوة تحديداً والمتعاطين لها بحديث فقال (ص) ) :- لعنَ الله الراشي والمرتشي والرائش الذي يمشي بينهما )0
وقال رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه و آله ايضا : إيّاكُم والرّشوَةَ فإنّها مَحضُ الكُفرِ ، ولا يَشُمُّ صاحِبُ الرّشوةِ رِيحَ الجَنَّةِ 0
ورشوة المسؤولين في الحكم امر خطير جدا لأنها تبطل الحق وتحق الباطل وتربك اصالة القانون ومساره الصحيح في اداء اعمال الحكومة على الوجه الصحيح وفي انجاز معاملة المواطن بما يحقق مصلحته وغرضه المطلوب المشروع منها 0
وقد ذم الإمام علي عليه السلام سلوكات كثيرة منافية للاستقامة المنشودة في سلامة السلوك الإنساني ومنها الرشوة فقال : وقد عَلِمتُم أ نَّهُ لا يَنبَغِي أن يكونَ الوالِي على الفُرُوجِ والدِّماءِ والمَغانِمِ والأحكامِ وإمامَةِ المسلمينَ البَخِيلُ … ولا المُرتَشِي في الحُكمِ فَيَذهَبَ بالحُقوقِ ، ويَقِفَ بِها دُونَ المَقاطِعِ 0
وقال الإمامُ جعفر الصّادقُ عليه السلام : الرُّشى في الحُكمِ هُو الكُفرُ باللَّهِ 0
لذلك فإن المسؤول الذي يأخذ الرشوة ويقوم باستغلال موقعه الوظيفي في تمشية معاملة وترويجها بصورة باطلة لأحد الناس لتأخذ طريقها القانوني فإنه بذلك يلحق ضررا فادحا بالمصلحة العامة ويزرع الناس المجرمين بين اوساط المجتمع ويوفر لهم الغطاء الإجتماعي المستساغ والقانوني البعيد عن اعين المراقبة القانونية 0
وقد سألت احد رجال الدين في النجف الاشرف عن تمشية وتمرير امور في مؤسسات ودوائر الدولة من قبل بعض العاملين فيها بشكل مخالفة لقانون المدني الوضعي هل هي حلال ام حرام ؟؟ 0
فأجابني الرجل :- الشرع مع القانون فيما يجيزه ويسمح به وكذلك في ما يمنعه ولا يسمح به هذا القانون فإن الشرع الإسلامي يحرمه ولا يسمح به ايضا بخصوص كل ما يسيء الى مصالح الناس ويلحق الضرر باي شكل من الأشكال بالمجتمع ويعطل القانون في تنفيذ المصلحة العامة 0
قد كتبت هذا على خلفية خبر وصلني من ان الجهات الرسمية قد القت القبض على (9) متورطين بأخذ رشاوى من البعض لأنجاز معاملات لهم مخالفة للقانون في محافظة نينوى 0
وهذا ليس بغريب في العراق وهو اكثر من مألوف في الوسط الرسمي العراقي واكثر من المعتاد فالوسط الحاكم في العراق الذي يسمح بتعيين محافظ لمحافظة نينوى من الحرامية المتورطين في سرقة القرن والتي بلغت حصة الواحد منهم (100) مليار دينار عراقي وهو الحرامي عبدالقادر دخيل بدلا من ان يحال الى القضاء ليأخذ جزاءه القانوني العادل جزاءا بما اقترفت يداه 0
ومن هنا ليس هناك امر غريب والذين تم إلقاء القبض عليهم سيطلق سراحهم بعد توفير فرص عمل لهم افضل من المواقع التي كانوا يشغلونها فالحرامي في العراق مقرب والشريف مبعد والعرب قالت في هذا الوضع النشاز ، (من البحرالطويل) :-
إذا كان ربُ البيتِ بالدفِ ضاربا — فشــيمـةٌ أهلِ البيتِ كلهم الرقصُ
عذراً التعليقات مغلقة