بقلم المراقب السياسي
ما أن أعلنت السلطات القضائية في العراق قبل يومين انها استجوبت زوجة زعيم تنظيم داعش -الدولة الإسلامية، الإرهابي القتيل أبو بكر البغدادي، حتى عرضت قناة “العربية” المعروفة في أوساط العراقيين باسم “العبرية”، دون سواها من القنوات، مقابلة خاصة معها، واتبعتها بمقابلة اخرى مع ابنته التي بدت كطفلة شغل حديثها ولعها بأفلام كارتون. من دون أن تكون هناك في المقابلتين اية فائدة أمنية للأجهزة المختصة التي توصلت الى المعلومات التي تريدها قبل ان تجيز بث المقابلتين.
ثم تبعتهما مقابلة ثالثة ، ساذجة من الناحية المهنية، وموغلة في نفس المسار من الناحية المبرمج لها، اذ اجرت القناة ذاتها مقابلة مع زوجة ثانية لتكون الاسئلة عن المشاكل الزوجية بين الزوجات الاربع ومشاكل الزوجة “ الحلبية”.
من المؤكد انّ قرار عرض المقابلات الثلاث هو قرار حكومي عراقي يرتبط بأهداف استخبارية صرف، وليس سبقاً إعلامياً للقناة التي يشكل اختيارها لهذه المهمة نوعاً من التوظيف السياسي الذي يشك المراقب في أن تدرك مراميه القناة الموجهة.
لنتأمل كيف تصرفت إيران سنوات طويلة مع زوجات وبنات وأبناء زعيم تنظم القاعدة أسامة بن لادن، وهو الاب الروحي لتنظيم داعش الإرهابي، الذين لجأوا الى أراضيها، وكيف منعت استغلالهم سياسياً، ولم تعرضهم في القنوات التلفازية، ولم تحقق مع النساء علناً بطريقة مهينة، فهي تدرك انهم نساء وأطفال لا علاقة لهم بفكر متطرف وخطط سرية للتنظيم او سواه، ومن المعيب استخدامهم في معارك سياسية او استخبارية أو للإنتقام الشخصي.
في العراق ، سبق أن قتل زعماء مليشيات معروفة عبر عناصرهم الدموية اكثر من ستمائة من شباب انتفاضة تشرين المقدسة في بغداد والجنوب ،في العام 2019، وبالرغم من انّ القَتلَة المنضوين تحت لواء المليشيات فوق الشبهات ” الشرعية والدستورية” في عراق العقول المظلمة والايدي الملوثة، وندرك جميعاً انّ المدعو عادل عبدالمهدي رئيس تلك الحكومة السيئة كان حاميهم ورافضا لمحاسبتهم، فهل كان العراقيون سوف يستسيغون عرض مقابلات مع زوجات القاتلين والمجرمين لو فرضنا انهم وقعوا بيد الأجهزة ” النظيفة” ، ليتحدثوا لهم عن حياتهم الشخصية في بيوتهم؟
انّ اللعبة مكشوفة، وانّ هناك تجريفاً مذهبياً طائفياً لا توقف له في البلد منذ عشرين عاماً، وهو أمر لا يعني السعودية صاحبة القناة أصلاً، بمعنى انّ هناك فئة في العراق تستغل ما نُسب الى مذهب اخر، ليكون التشهير بنسائه واطفاله أمرا مباحاً، بالصورة التي تظهرهم أذلاء مكسوري الجناح ومُهانين.
هذه هي الرسالة وقد وصلت، لكنّ الردّ عليها لم يظهر حتى الان، لأنّ الحكم العراقي الوطني المتوافر على شروط السيادة والكرامة والشرف غائب، ولا توجد فرصة” دولية وإقليمية” لوجوده وانبثاقه من قلب معاناة العراقيين مع وجود هذا الكم الهائل من التدليس والعمالة والتزييف وفقدان الشرف.
عذراً التعليقات مغلقة