الانسان المستذئب ولوحة “الصرخة” .. وجه واحد

آخر تحديث : السبت 10 فبراير 2024 - 8:36 صباحًا
الانسان المستذئب ولوحة “الصرخة” .. وجه واحد

هناء الديوري

الإنسان المستذئب هو أحد الشخصيات المشهورة في روايات الفانتازيا و هي شخصية من نسج الخيال ؛ لكن معنى هذا الاسم عميق إبتدعه مؤلفو هذا النوع من الروايات ليشيروا إلى أفراد يعيشون بيننا في المجتمع يحملون نفس صفات الإنسان المستذئب ؛ و هؤلاء الأفراد إن لم يتحكمو في ضبط أعصابهم سيصبحوا هم بدورهم من هذه الفئة أي بشر مستذئبون ؛ فبكل بساطة الإنسان المستذئب هو ظهور الجانب المظلم و البربري للإنسان عندما يتم التنمر عليه أو استفزازه أو احتقاره أو السخرية من أرائه و أفكاره أو ظلمه بصفة متكررة ؛ مما يؤدي به إلى الخروج عن طوعه و تعصبه بطريقة قد تصل إلى حد القتل في حالات كثيرة عبر العالم ، و لا يدرك الشخص القاتل هول فعلته فقط بعد عودته إلى الحالة الطبيعية و من منا لم يشعر بالرعب في حظور مثل هذا النوع من الأشخاص عندما يخرجون عن طوعهم و يتحولون بالضبط كالإنسان المستذئب.

 ومن بين طرق علاج هذه الحالة حسب علماء النفس هي أبسط مما تتصورون فإذا كنتم تعرفون فردا في محيطكم يصل إلى هذه الحالة فأهم شيء هو ضم هذا الإنسان بحنان عندما يبدأ هذا الإنسان الدخول في هذه الحالة عندها سيهدأ، و للإشارة فبنفس الطريقة يتم تهدئة الأطفال عندما يبدؤون بالصراخ و لا يستطيعون التعبير عن أنفسهم بالكلام و خاصة أطفال التوحد.

و أيضا لأن بعض المخرجين والممثلين في عالم السينما يدرسون علم النفس صورو مشهدا لأحد الفتيات المستذئبة في هذا النوع من أفلام الفانتازيا و هي تتوقف عن التحول إلى ذئبة بعد أن ضمها صديقها بمجرد أن انتبه أنها تتحول إلى ذئبة بسبب التعصب.

وتنجح هذه الطريقة للعلاج لأن هذه الفئة من المجتمع تفتقر إلى الحنان و الحب منذ الطفولة و كذلك ربما قد تعرضت لتنمر و الظلم و التحقير مما جعلها تشعر بالوحدة و عدم الأمان؛ لذلك تكون الطريقة الوحيدة التي تدافع بها عن نفسها هي التحول إلى ذئب، يظهر من خلاله الظلمة و الغضب التي بداخل كل إنسان يعاني من هذه الحالة.

ولوحة الصرخة لمونش من اللوحات العالمية التي تحاكي الروح البشرية ؛ فمن منا لا يحمل غضبا و ألما في داخله يرغب في تفريغه عن طريق الصراخ في مكان منعزل عن العالم، أو محاولة تفريغه بطرق أخرى كالرسم أو الكتابة أو إبداعات فنية آخرى لأن الفن في حد ذاته صرخة في وجه الظلم والقهر و المعانات الحياتية ؛هذا إذا كان هذا الإنسان متوازنا نفسيا .

لكن للأسف هناك من يخزن هذا الغضب و الألم و يفرغه بطريقة ظالمة على محيطه و أقربائه أو على أناس لا يمتون له بأي قرابة و التنمر هو أحد أوجه التفريغ السلبي للغضب و الألم. لذلك على الإنسان أن يحذر من كمية الغضب و الألم التي يحملها في داخله؛ ويدرك خطورتها مع مرور الوقت لأنه إن لم يعمل على تحريرها بطريقة إيجابية أو استشارة طبيب أو محلل نفسي؛ فسيتحول الغضب و الألم إلى كره و حقد و قد تصل إلى الإنتقام من المجتمع عن طريق ارتكاب الجرائم.

فبالنهاية لا يوجد طفل يولد شرير و آخر يولد خير ؛إنها ظروف الحياة و كيفية تعاطي الإنسان مع هذه الظروف و وعيه بسلامته النفسية هي ما تجعل منه خيرا أو شريرا؛ و مهما كانت هذه الظروف سيئة فلن تكون لديها الكلمة الأخيرة؛ فلنا دائما حرية اختيار التشافي و التسامح مع صدمات الطفولة، أو لعب دور الضحية و التشبت بالغضب و الألم و الحقد و الكره و الإنتقام.

كلمات دليلية
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com