تطوان – قريش
ناقش خبراء وإعلاميون في ندوة وطنية بتطوان موضوع “تجربة التنظيم الذاتي للصحافة المغربية.. أية حصيلة وأية آفاق؟ وأبرز في هذا الإطار ، الأمين مشبال، عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام، في كلمة له بالمناسبة، أن اختيار موضوع الندوة ذو راهنية وأهمية باعتبار التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة بالمغرب يعد مكسبا، رغم الصعوبات التي تعرفها المهنة، مشيرا إلى أن الندوة تشكل محاولة للإجابة على مجموعة من الإشكاليات المرتبطة بالموضوع.
وعرفت هذه الفعاليات مشاركة محتات الرقاص، رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، ومحمد الوافي، المنسق الوطني للجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والإتصال، وكريم بوخصاص، الصحافي الباحث الأكاديمي في الصحافة والإعلام .
من جهته ، تطرق الإعلامي المخضرم محتات الرقاص إلى التنظيم الذاتي وأهميته في مهنة “تعاني من اختلالات كبيرة، وعدة مشاكل وحيث هناك قضايا كبرى تفرض على الصحافيين والصحافيات الانشغال بها” وقال الرقاص في مداخلته “لكن مع الأسف تم جرنا إلى نقاش عقيم يرتبط بالأشخاص، وتركنا التصدي للتفاهة والعمل والانكباب على تطوير الجودة في المنتوج الصحفي”.
وشدد على أن “التنظيم الذاتي ليس مسألة قطاعية تهم الصحفيين فقط، بل هو له مدلول ديمقراطي يهم المجتمع، هذا النقاش ليس وليد اليوم وليس سنة 2018، بل بدأ سنوات قبل ذلك حيث جرت مجموعة من النقاشات وتجارب نقابية وحقوقية ومدنية، حول النزاهة والدفاع عن أخلاقيات المهنة، ومناظرة الصخيرات سنة 2005، والحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، وتشكلت لجنة علمية قادها الخبير القانوني المشيش العلمي، وتشكلت لجنة ترأسها الراحل العربي المساري، وهو ما أفضى إلى هذه التجربة التي لم يكن المغرب الوحيد الذي عمل عليها في العالم، وكان علينا اختيار تجربة تتلاءم مع الواقع المغربي، والوصول إلى إحداث المجلس الوطني للصحافة على قاعدة الانتخاب عن فئتي الناشرين والصحفيين”.
وسجل أن المرحلة الأولى للمجلس “بدأت سنة 2018، وكان يجب أن تنتهي سنة 2022، والتي كانت بشكل عام إيجابية على الأقل في السنوات الثلاث الأولى، لتبدأ الالتباسات في السنة الرابعة تحيط بالعملية لأن طرفا في المهنة لم يرد العودة إلى الزملاء وإجراء الانتخابات وهو كان منسجما مع هوى الوزارة، ليبدأ العمل باللجنة المؤقتة والتمديد مما جعل الحكومة في ورطة بعد انتهائه وما تلا ذلك من مقترح قانون يدعو إلى اعتماد التعيين بدل الانتخاب في تشكيل المجلس، قبل سحبه، وقرار الحكومة بتشكيل اللجنة المؤقتة”.
وأضاف “نحن في الفيدرالية رفضنا القرار إلى جانب الاتحاد المغربي للشغل، واعتبرنا أن هذا التوجه لم يكن حلا لأنه يخالف مبدأ التنظيم الذاتي أو ما يعرف بقضاء الزملاء، ومع تشكيل اللجنة المؤقتة وجدنا أنفسنا أمام قضاء الوزراء لكون الحكومة هي من عينت اللجنة المؤقتة لسنتين وبجميع الصلاحيات”.
ورأى أن “الحل هو العودة إلى القاعدة الديمقراطية عبر الانتخاب ولا يمكن إحداث تجربة غير مسبوقة في المغرب ونمضي فيها 4 سنوات ونعاود انتزاع حق الصحافيين في تدبير شؤونهم”.
وشدد على ضرورة استعادة الجسم الصحفي الثقة في نفسه، والانكباب بشكل جماعي على معالجة اختلالات المهنة التي تعاني مشاكل وصعوبات كثيرة من حيث المداخيل والتكوين وغير ذلك.
تجدر الإشارة أن تنظيم الندوة يأتي في سياق احتفاء الجريدة الالكترونية “بريس تطوان” بالذكرى الـ15 لتأسيسها، وضمن الأنشطة التي دأبت النقابة على تنظيمها، وتفاعلا مع النقاش الوطني حول تجربة التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والإشكالات التي تواجهها.
بدوره أكد سهيل العماري، رئيس تحرير جريدة بريس تطوان، على أهمية الشراكة مع المكتب المحلي للنقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام والتي أثمرت في وقت سابق تنظيم مجموعة من اللقاءات التكوينية المشتركة في مواضيع مرتبطة بالممارسة الصحفية.”
وأوضح العماري في كلمة بالمناسبة أن الجريدة الالكترونية المحلية -بريس تطوان- تراهن على “تجويد العمل الإعلامي على المستوى المحلي، وتطوير كفاءة الصحفيين في ممارستهم المهنية.”
وقال العماري أن ذلك يتطلب “تحصين الجانب المرتبط بأخلاقيات المهنة كما هي متعارف عليها دوليا، ومن جهة أخرى يقتضي التوفر على مؤسسات تنظيمية للمهنة بامكانها ضمان نجاعة الفعل الصحفي وتحصين استمرارية المقاولة الصحفية.”
من جهته، قال محمد الوافي “نحن في الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال والفيدرالية المغربية لناشري الصحف نتقاسم عددا من المواقف، وأساسا حول قضية المجلس الوطني للصحافة والتنظيم الذاتي للقطاع بالمغرب”.
وذكر بأن “الاتحاد المغربي للشغل سار في اتجاه مطلب المهنيين بعد عدة محطات نضالية منذ سنة 1993، وصولا إلى تشكل المجلس سنة 2018، حيث كان للاتحاد المغربي للشغل ملاحظات نقدية لاسيما وأنها تعتبر نفسها النقابة الأكثر تمثيلية في القطاع على غرار النقابة الوطنية للصحافة المغربية مما يستوجبه الأمر من احتكام إلى مدونة الشغل التي تحدد الضوابط، والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال حصلت في انتخابات سنة 2015 على أغلبية المناديب في المنابر الإعلامية المختلفة”.
وأوضح أنه “تم اثر ذلك فتح الوزارة الوصية حوار مع الاتحاد المغربي للشغل وموقف الجامعة كان واضحا بعد لقاءات مختلفة ليتقرر عدم الطعن وعرقلة تشكيل المجلس الوطني للصحافة على أساس فتح النقاش مع الفرقاء لتعديل القوانين المرتبطة بالقطاع، ليتم الاتفاق مع النقابة المغربية على تعديل القانون المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة”.
واعتبر الوافي أن هناك نتائج إيجابية لعمل المجلس الوطني للصحافة ومنها ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة وإنجاز مجموعة من التقارير وغير ذلك من محطات تحسب للمجلس، في مقابل مجموعة من النقائص ومنها العراقيل التي يواجهها الصحفيون في الحصول على بطاقة الصحافة وصعوبات إطلاق المواقع الالكترونية والمس بالحق في ممارسة المهنة وغير ذلك.
وانتقد المتحدث ذاته “عدم إصدار المجلس لتقارير سنوية باستثناء سنتي 2019 و2020، وغياب حصيلة شاملة لعمل المجلس تسمح بالوقوف على النقاط الإيجابية لتثمينها والسلبية للعمل على تجاوزها، وضعف التكوين والمصاحبة للمقاولات الصحفية رغم الميزانيات المرصودة، وضعف الاهتمام بالصحافة الجهوية”.
أمام محمد كريم بوخصاص فقد ذهب إلى أن موضوع التنظيم الذاتي للصحافة “ليس موضوعا للترف أو متجاوز، بل بالعكس هو موضوع يهم كل الجسم الصحفي، ومهم للغاية باعتباره أفضل طريقة لضمان حرية الصحافة وتعزيزها”.
وأبرز أن “المغرب يكاد يكون التجربة العربية الوحيدة التي خطت خطوات في اتجاه التنظيم الذاتي للصحافة، وهو ما يحسب للمنظمات التمثيلية والنقابية التي ترافعت منذ عقود من أجل إقرار هذا التوجه، وصولا إلى سنة 2016 التي كانت مهمة جدا باعتبارنا وصلنا إلى إخراج قانون إحداث المجلس الوطني للصحافة كتعبير عن التنظيم الذاتي للصحافة، وقبل ذلك ما قدمه دستور 2011 وما كان ينبغي تجاوزه في إحداث اللجنة المؤقتة لتدبير قطاع الصحافة وهو الفصل 28 من الدستور، الذي يمنع تدخل السلطة التنفيذية في تدبير شؤون الصحافة”.
وأضاف أن “المغرب بمجرد صدور هذا القانون في الجريدة الرسمية في أبريل 2016، دخل قائمة الدول التي لها تنظيم ذاتي للصحافة رغم التأخر والإكراهات التي واجهتنا”.
وأشار في هذا الصدد إلى تجربة السويد والمسار التشريعي بخصوص قوانين الصحافة، واستلهام المغرب لتجربة الدنمارك في ما يتعلق بمجلس الصحافة وإن كان عدد الأعضاء أقل مقارنة مع المغرب.
وتابع بالقول إن “الجسم الصحفي المغربي استبشر خيرا بتجربة المجلس التي ما إن أنهت مرحلتها الأولى دخلت إلى النفق المظلم وهذا إشكال حقيقي لأن التجربة التأسيسية الأولى كان ينبغي البناء عليها من أجل تفعيل كل ما جاء في قانون المجلس الوطني للصحافة”.
وتابع بقول إنه “من معالم هذا النفق يكفي أن نذكر أننا أصبحنا أمام تعيين ثلاثة أعضاء من جانب رئيس الحكومة وهو ما يتعارض مع فلسفة التنظيم الذاتي للصحافة، الذي يرتكز على القرار التلقائي للصحفيين لتنظيم ذاتهم بذاتهم دون تأثير من أي من السلط الأخرى”.
واقترح في الأخير، ولأجل تجاوز عناوين الفشل في التنظيم الذاتي للصحافة أن ذلك “يشترط ثلاثة أشياء قوية ومتماسكة وهي أن يكون الصحفيون مستقلون، وأن تكون مقامات للدفاع عن الاستقلالية وحرية الصحافة وأن يتم تثمين دور الصحفي في المجتمع”.
عذراً التعليقات مغلقة