عمَّان- قريش
يتناول كتاب “بندر عباس في ذاكرة عُمان السياسية.. 1207-1292هـ/ 1793 – 1875م” لمنال بنـت حمـد القطيطيـة تاريخ بندر عباس، أو جمبرون كما كانت معروفة في وقت سابق لقيام البندر الجديد في عهد الأسرة الصفوية.
وجاء الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن ضمن منشورات الجمعية العُمانية للكُتَّاب والأدباء، في 352 صفحة من القطع المتوسط، ملقيًا الضوء عبر فصوله الأربعة على الأبعاد الجغرافية والتاريخية لبندر عباس، وكذلك ظهور بندر عباس الجديدة والتنافس الدولي عليها، كما تطرَّق إلى بندر عباس في سياق التاريخ العُماني الحديث والمعاصر، ثم علاقة عُمان ببندر عباس بعد عام 1856م.
وتقول منال بنت حمد القطيطية كذلك في المقدمة: «لقد كان للسلالات الفارسية الحاكمة دورٌ بالغ الأهمية في تحديد مستوى الأمن والاستقرار الداخلي للمناطق التابعة لها، بدءًا بالحضارات القديمة كالأخمينية والباراثية والساسانية، وانتهاءً بأسرة بهلوي، الأسرة الحاكمة الأخيرة لعرش فارس أو إيران كما عُرفت في ذلك الوقت، إذ إن الخلل والفوضى السياسية التي تدبُّ بين الفينة والأخرى، كانت سببًا رئيسًا لتسرُّب القوى الخارجية على مستوى المناطق الفارسية، وهذا ما حدث فعليًّا عند وصول الوجود العُماني إلى بندر عباس، إذ لم تكن في أفضل أحوالها حينئذٍ، لا سيما بعد خروج الوكالات التجارية الأوروبية منها، وبعد سقوط الأسرة الصفوية الحاكمة، التي نَمَتْ وازدهرت بندر عباس في كنفها ورعايتها، وفي ظل عناية خاصة من الحاكم الصفوي عباس شاه، وفي سياق آخر كانت السيادة الشرعية عليها بيد أسرة قاجار الحاكمة، التي كانت قد سلَّمتها في وقت سابق إلى قبيلة بني معين العربية مقابل مبالغ مالية سنوية تُدفع لصالح هذه الأسرة».
وبحسب الباحثة فإن بندر عباس الاستراتيجي وتوابعه كان منذ اللحظة التاريخية الفاصلة ما بين عامي 1792 و1793م يتبع ما عُرف في الوثائق البريطانية بحكومة مسقط في فترة السلاطين البوسعيديين، غير أن الحكومة الفارسية آمنت إيمانًا راسخًا أن بندر عباس جزءٌ لا يتجزأ منها، وأن وضع البندر مختلفٌ تمام الاختلاف عن مسألة السيادة الشرعية لصالح حكومة مسقط، وإنما هو أمرٌ مُتعلق بالاستثمار والمنفعة لا أكثر، وأيًّا يكن الأمر في هذه القضية، فلا يمكننا إنكار أن حكومة مسقط وُضعت في مواقف ضغط دولية ذات عمقٍ كبير، بل إنها امتدت لتؤثر في قضايا أخرى، كمسألة ترسيم الحدود الجغرافية في منطقة بلوشستان، بين كل من عُمان وفارس وبريطانيا، فأصبحت بذلك مسألة بندر عباس مسألةً ذات رهانات مُتجددة، وبؤرةً لنزاعات دائمة الحدوث بين كل من حكومة مسقط والحكومة الفارسية، فالأولى تؤكِّد حقها في هذه المنطقة وتوابعها بموجب عقود الإيجار الموقَّعة مع فارس، والثانية تتعلق بتأكيد سيادتها الرسمية عليها وبين ضغطها المستمر لزيادة رسوم الإيجار على حكومة مسقط، إن كان لديها رغبة في البقاء والاستمرار.
يذكر أن منال بنت حمد القطيطية باحثة عمانية حاصلة على شهادة الماجستير في تاريخ عُمان الحديث والمعاصر من جامعة السلطان قابوس، شاركت في العديد من الدورات التدريبية.
عذراً التعليقات مغلقة