بغداد – مهدي علي حسين
في جناح الثقافة الذي تغافل عن لوحاتٍ للتشكيل العراقي المتميز، وقف وزير الثقافة العراقي، أحمد الفكاك، يتباهى بجولته الفنية، ولكن لم يكن الجدل الذي أثاره محطّ السخرية والاستغراب فقط بل كان محطّ انتقادات حادة. رافق فعالية الوزير، الضجيج المتزايد للمتابعين، حيث كان يرتدي ابتسامة مُرتبكة، ويحتضن لوحات “سوقية”، لا تتبادر منها أي معاني تعكس الهوية الفنية العراقية، بل تتماهى مع تصنيف لوحات الذكاء الصناعي، وتركيبات الهواة، وما يتسلى به الاطفال في المدارس الابتدائية.
اللوحات التاريخية التي وثقت أحاسيس الفنانين العراقيين وتجاربهم الفنية، لم تكن وجهة اهتمام الوزير، بل بدا مندهشا باللوحات التي تخلو من الروح الفنية الحقيقية، ويبادلها بتصريحات الثناء التي تبدو وكأنها مُجاملةٌ فارغةٌ لمن تقبلوا اللوحات كهدايا على استحياء.
وفي عالم الفن العراقي، حيث تحتضن الأمة تاريخًا عريقًا من الفن والتشكيل، كان من المفترض أن يكون الوزير أكثر حساسيةً تجاه التراث الفني العريق وتقديرًا للتعبير الفني الأصيل.
الوزير المعروف في اوساط الوزارة بلقب “حجة الله فكاكي” نسبة الى التسمية الايرانية لشدة ولائه للمليشيات واطارها، أهدى اللوحات البعيدة عن جماليات التشكيل العراقي لفنانين، فيما أضاع فرصة تقديم هداياٍ تذكارية تحمل بصمة الفن العراقي الأصيل، بدلًا من ذلك فضّل اللجوء إلى التشكيلات الاستعراضية التي تبدو وكأنها من صنع الحاسوب والفوتوشوب، مما أثار التساؤلات حول معرفة الوزير ومستشاريه لتاريخ التشكيل العراقي وفنونه المتميزة، أو ربما كانوا يعيشون في عالمٍ موازٍ، من الامتيازات والرواتب الدسمة التي تعمي أبصارهم عن جماليات الفن الحقيقية لصالح السخرية والاستهزاء.
المراقبون لشؤون الثقافة والسياسة بالعراق، لاسيما أداء وزارة الثقافة لم يستغربوا، من سقطة الفكاك، ففي الأسبوع الماضي، ألقى أحمد فكاك، بظلال من الشكوك حول مصداقيته، ليس كوزير ثقافة بل طبّال للحكومة العراقية التي هو احد أعضاءها، فقد أثارت تصريحاته الغريبة التي أكد فيها أن 99.99% ممّا ينشر حول الحكومة هو كذب، ردود فعل متباينة بين الضحك والاستياء.
وقال مراقبون لشؤون الثقافة في العراق، ان هذا التصريح، الخارج عن الواقعية، يُعتبر تجاوزًا على المصداقية، واعتداء فاضحا على المثقفين في العراق الذين يمثلهم وزير منفصم عن الواقع ، بوصفه حكومة السوداني، وكأنها حكومة ملائكة.
وقال شاعر عراقي معروف فضل عدم ذكر اسمه، ان الترويج بهذه الطريقة “البشعة” يبدو أمرًا غير مقبول ولا يُصدق، حتى في البيئات السياسية الأكثر استبقاءًا.
واستدرك في ان الوزير الذي سبقه لم يكن افضل حظا منه ابدا.
إن هذا التصريح يلقي الضوء على مدى غياب الواقعية والتقييم العلمي من قِبل الوزير ورعونة في المسؤولية، ويعكس نقصًا في القيادة الواعية التي تتفهم تداعيات التصريحات الارتجالية.
وعلى الرغم من أن التصريح قد أثار الضحك والتندر، إلا أنه يجسد بشكل واضح الانفصام والجهل، ويكشف عن البعد الهزلي في بعض التصريحات السياسية التي تبعث على السخرية بدلاً من الاحترام والثقة.
وبدلا من أن يعمل الوزير “” فكاكي” على بناء الثقة من خلال الشفافية والواقعية في التصريحات والأفعال، فانه يختار التملق والتبجيل للقوى التي يخشاها من ان تفتح ملفاته.
وبحسب مصادر مطلعة، فأن التملق الذي يبديه الوزير البدراني، يعود إلى محاولته اليائسة لتجنب الابتعاد عن منصبه في حالة حدوث أي تعديل وزاري مرتقب، أو إذا تم تمديد فترة الحكومة الحالية. ووفق المصادر فان الوزير “البدراني” فكاكي” يخشى فتح ملفات فساد وإرهاب ( اخوه عضو مهم في داعش) له علاقة بها بشكل او بآخر، الامر الذي يجعله ضعيفا امام قوى الاطار.
أحد هذه الملفات يتعلق بشقيق الوزير، الذي كان عنصرا مهما في تنظيم داعش بالموصل، إضافة إلى ملف آخر يتعلق بتورط الوزير في فضيحة فساد تتعلق بإعمار الجامع النوري الكبير في الموصل ومنارة الحدباء. فبحسب المعلومات، فأنه تورط في عمليات سمسرة لبيع عطاءات المقاولات الجزئية لمقاولين يمتلكون صفقات سابقة في المنطقة، وذلك بالتعاون مع أفراد آخرين في اللجنة المشرفة على الإعمار.
ومن بين الأشخاص المشتبه بهم، ابن الوزير نفسه، الذي شغل دورًا محوريًا في عمليات السمسرة والتلاعب بالصفقات. وكيف أنه أصبح “صندوق أسرار” تلك الصفقات، وإنه سهل عمليات التحايل والفساد في مشاريع الثقافة والسياحة والآثار.
كما ان تاريخ الوزير “” فكاك” مرتبط بخيانة الواجب الوظيفي وشرفة مهنة التدريس لمنحه شهادات جامعية مزورة حين كان عميدا لكلية السياسة في جامعة الموصل حين تواطأ مع بعض اركان عمادة الكلية في اصدار شهادات تخرج، لعدد من الضباط والوجهاء من دون ان يلتحقوا ويداوموا ويمتحنوا في اي مادة دراسية.
وتشهد على ذلك العقوبة التي نزلت بحقه والموجودة في ارشيف جامعة الموصل.
وبالنظر إلى هذه الاتهامات الخطيرة، يتعين على الحكومة العراقية فتح تحقيقات شفافة وجادة في هذه القضايا، لان التملق على ما يبدو، وسيلة مفضوحة للتغطية على تلك الملفات الخطيرة.
عذراً التعليقات مغلقة