عزيز باكوش
كاتب وصحفي من المغرب
جيلنا أكثر ذكاء من الذي سبقه، قالها مارتن كوبر مخترع الهاتف المحمول. وأضاف منبها ” اتركوا هواتفكم وعيشوا !” عذرا سيد كوبر، وصلتنا رسالتك. لكن يبدو أن لا أحد منا قادر على تلبية طلبك وتنفيذ نصيحتك الغالية؟
مارتن كوبر لمن لا يعرفه،هو مخترع الهواتف المحمولة،كان ذلك قبل 50 عاماً مضت .و لعل من أقوى الملاحظات التي أبداها هذا العالم المهندس وهو حي يرزق أن الهاتف المحمول أصبح اليوم امتدادا للشخص ويمكنه تنفيذ مهام حياتية وخدماتية في القادم من الأيام،أكثر بكثير مما هو عليه الأمر اليوم ويتوقع كوبر “أن يكون هذا واقع التواصل عبر الهواتف الجوالة “مجرد بداية”..
ويرجع تاريخ أول استخدام، بالأحرى أول مكالمة أجراها مارتن كوبر عبر اختراعه المذهل إلى 3 إبريل 1973، وكانت مع منافسه في شركة “بل سيستم” الدكتور جويل إنجل. وجاء ذلك بعد ثلاثة أشهر من العمل المتواصل حيث تمكن فريق كوبر من ابتكار الهاتف الجوال DynaTAC “داينا تاك.”
وفيما يعيش مارتن كوبر حتى هذه اللحظة حياة مفعمة بالراحة والسؤال. وهو في 95 عاما من حياته ، فقد صرح مؤخرا لوكالة فرانس برس من مكتبه في ديل مار بولاية كاليفورنيا نقلته أورونيوز “اليوم أرى أناساً فقدوا عقولهمالأمر كذلك تماما سيد كوبر ”
وفي نفس التصريح يروي كوبر نقتطف من حواره الأول: “قلت له: جويل، أنا مارتن كوبر، أتحدث إليك بواسطة هاتف محمول لكنه ” ليس الضخم الثقيل ” هاتف محمول حقيقي وشخصي ويمكن إمساكه باليد”. ويضيف كوبر أن “صمتا ساد على الطرف الآخر من الخط، أعتقد أن جويل إنجل كان يصرّ على أسنانه”
خمسون عاما و بضع سنوات مضت على هذا الاختراع المدهش الذي شكل منعطفا حاسما في تاريخ البشرية على جميع أصعدة الحياة. لقد غيرت الهواتف المحمولة الشكل الاجتماعي للبشر على الأرض، وستغير باضطراد نمط حياتهم في هذا العالم في القادم من الأعوام. اليوم كل ما يمكن تخيله في عالمي الاتصال التواصل بات ممكنا المشكلة، مسألة وقت فقط، فكل خيال أصبح ممكنا تحقيقه فعليا.
وحسب هذا العالم الجليل، فإن المشكلة اليوم في هذه الأجهزة المحمولة الفائقة الذكاء، لا يمكن حصرها في الإدمان، أو تمضية الناس معظم أوقاتهم معها، وإنما في لا محدودية قدراتها الابتكارية المذهلة، وطاقتها الشديدة في الاكتشاف وخياراتها الكامنة، بما في ذلك الخدمات التطويرية الآتية، والابتكارات المذهلة، والخيارات البالغة الذكاء التي لا تكف عن السيلان لإسعاد البشرية وتدفق الرساميل رقميا في أقاليم الأرض.
وإذا كنا لا نشك أن التقدم التكنولوجي الفائق السرعة سيجعل الهواتف المحمولة الذكية قادرة على مساعدة الإنسان، ليس في تحسين حالته الصحية والوقاية قدر الإمكان جزئيا من الأمراض النفسية وأوبئة العصر فحسب، وإنما الكشف عنها مبكرا، وتشخيص مقدماتها وأعراضها، فإن ما يصدم مارتن كوبر هو فقدان الناس لعقولهم. فتراهم يعبرون الشارع وعيونهم مسمرة على شاشات هواتفهم المحمولة غير عابئين ولا مكترثين. فقط “عندما تدهسهم السيارات سيفهمون ،وربما سيقدرون خطورة أفعالهم .
يقول مارتن كوبر الذي ما يزال يقتني أحدث موديلات الهواتف الجديدة ،حتى 2023 ويتعمق في اختبار قدراتها أن ملايين التطبيقات المتاحة تجعل المرء يشعر بالدوار. ويضيف «لن أتمكن أبداً من معرفة كيفية استخدام الهاتف المحمول بالطريقة التي يستخدمها بها أحفادي وأبناء أحفادي”.
ويتوقع كوبر “أن يُحدث الهاتف المحمول في المستقبل ثورة في مجالَي التربية والتعليم والصحة”، ويضيف في السياق ذاته “أعلم أنني قد أبدو وكأنني أبالغ، ولكن خلال جيل أو جيلين سنهزم المرض” ويضيف موضحا ” بالطريقة نفسها التي تراقب بها الساعة نبض الكائن ، سيتم توصيل الهواتف المحمولة يوماً ما بأجهزة استشعار بدنية سترصد الأمراض قبل حدوثها.”
وحسب كوبر دائما فإن” إدمان البعض على استخدام هواتفهم، واقع سيتغير، وزاد متوقعا أن يكون كل جيل أكثر ذكاء من الذي سبقه، وسيتعلم الناس استخدام الهواتف الذكية بكفاءة أكبر”.فالبشر، في رأيه، “يحققون دائماً تقدماً في نهاية المطاف، عاجلاً أم عاجلا”
عزيز باكوش منذ 9 أشهر
شكرا جزيلا لطاقم الصحيفة الغراء قريش