«إسرائيل» هيستريا وخبط عشواء 

آخر تحديث : الخميس 30 مايو 2024 - 8:47 مساءً
«إسرائيل» هيستريا وخبط عشواء 

د.محمد عياش

– كاتب وباحث فلسطيني 

   على بعد عمليتين على غرار الكمين المحكم الذي نفذته كتائب المقاومة الفلسطينية شمال غرب قطاع غزة ( جباليا ) وأوقعت المعتدين بين قتيل وجريح وأسير، كافية لإعلان الهزيمة النكراء بهذه العصابة التي فقدت البوصلة الردعية في السابع من اكتوبر الماضي.

على الفور قرر مجلس الحرب الصهيوني إرسال وفده التفاوضي مدعياً بمنحه بعض الصلاحيات من شأنها أن تحدث اختراقاً يعود على الكيان الصهيوني ببعض الانتصارات التي تحفظ له ماء الوجه السياسي سواء ً على المستوى الداخلي وهذا ما يهمه بالمقام الأول، والخارجي على نحو أقل .

في الماضي كانت الاعتداءات المتكررة على قطاع غزة المحاصر، تُبرر بالخطر الوجودي الذي تسوقه للعالم وللداخل وللإفلات من المحاسبة والغضب الدولي، سيما أن الكيان الصهيوني يرفض بالمطلق الحديث عن الحلول النهائية لهذا الصراع هادفاً بتصفية القضية الفلسطينية واستكمال الاحتلال .

ما حدث ويحدث الآن من الجلجلة الغزّية، التي ساهمت بتعرية هذا الكيان الغاصب ووحشيته الغير مسبوقة، وإماطة اللثام عن الأكاذيب والأراجيف التي تغنى بها لعدة عقود، والتي حرّكت المياه السياسية الراكدة، وأحدثت تعاطفا ً دوليا ً مع القضية الفلسطينية بدءاً من الاعتراف بالدولة الفلسطينية ومرورا ً بتغيير بعض الدول موقفها من الكيان، وانتهاءً بالاحتجاجات الطلابية، التي يعدها الكيان الصهيوني بالأخطر من هجوم السابع من أكتوبر .

حالة الهيستريا التي أصابت الكيان الصهيوني المجرم، تجلّت بالهجوم الوحشي على خيام المدنيين الأبرياء غرب مدينة رفح؛ وذلك لعجزه المطلق أمام ضربات المقاومة التي مرّغت أنفه وأنف من يدعمه. وأجزم أن هذا القصف الصاروخي على خيام الأبرياء العزّل ما هو إلا ‘‘خبط عشواء’’ لعل من بين المدنيين قادة ومقاومين، وذلك لعجزهم واستخباراتهم بتحديد مكان وتواجد المقاومة ومقاتليها . 

معركة ‘‘طوفان الأقصى’’، سيكون لها الأثر الأعظم والطريق لانعتاق العالم من الأحادية الأمريكية، إذ شكلت حافزاً لانتقاد الكيان الصهيوني سواء ً بالمحاكم أو بمواقف الدول التي تصوت مع الحق الفلسطيني، وسنشهد مع قادم الأيام تجرؤ وربما الدعوى لعمل عسكري مشترك ضد الكيان باسم الأمم المتحدة .

الصورة الذهنية التي تقوم عليها دولة الاحتلال، باعتقادي لم تعد تُرهب العالم وأما عن أدواتها وآلياتها الجاهزة والمظلومية، تحطّمت تحت أقدام المقاومين في غزّة، والعالم أصبح منفتحاً على القبول والاعتراف بالدولة الفلسطينية .  

«إسرائيل» وضعت نفسها موضع خطر عندما قررت الهجوم البري على قطاع غزة كردة فعل، وفي حساباتها أنها حرب سريعة وخاطفة كالمعتاد، معتقدة أن المقاومة وتهديدها بالهجوم البرّي الشامل ستستسلم وترفع الرايات البيضاء، الأمر الذي جلب لها النتائج الوخيمة التي لم تستطيع دول أن تجنيها من الحروب الماضية، فضلاً عن إذاقة المستوطن الصهيوني طعم اللجوء والتنقل بحثا ً عن الأمن والأمان .

يعترف قادة الكيان الصهيوني، ليس بوسعهم تحقيق النصر وإرغام المقاومة على الاستسلام، وبالتالي فإنهم ماضون بغيهم وهيستريتهم وفقدان وعيهم من الصلابة التي تحلّت بها المقاومة سواءً بإدارة المعركة أو من خلال المصداقية الإعلامية التي وجدت لها جماهير حتى من قلب الكيان الصهيوني .

ستتجرع «إسرائيل» كأس السم، وتلهث وراء وقف إطلاق النار، لأن سقف المقاومة ارتفع أكثر فأكثر فبدلاً من المطالبة بدولة فلسطينية على حدود  67 وعاصمتها القدس الشرقية ، تطلب تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، ولن أكون مبالغاً، لأن هناك مرتسمات ومتغيرات تفرض نفسها على الأرض، وما عجزت عنه إسرائيل بالعمل العسكري لن تأخذه بالسياسة والمراوغات والتلاعب بالألفاظ وما شابه . 

 إن حالة النفور الدولي التي تتزايد يوما ً بعد يوم من التوحش الصهيوني، وما يرافقه من عجز تام عن تحقيق أيً من الأهداف التي وضعتها عصابة الإجرام والقتل، سينعكس على المضي والإيغال بدماء الأطفال والنساء والمدنيين العزّل مصحوبة بجنون وفقدان للأعصاب والخطط والاستراتيجيات، لأن الكيان ومن يدعمه فقدا ورقة الوقت، وسيعلم العالم بأن المشروع الصهيوني مشروع نيكروفيلي عاشق للموت والدمار بالمقابل الحق الفلسطيني البيوفيلي المحب للحياة والتسامح والاندماج مع العالم .

حالة الهيستريا التي تصيب الكيان تمهد لارتكاب مجازر فظيعة لأنها كما تزعم تتعرض لأزمة وجود، وبالتالي فالخطر كل الخطر أن يصمت العالم، أو يهادن ويتماهى مع الدعاية الصهيونية. وفي حال إذا خرجت «إسرائيل» من هذه المحنة من دون مسائلة ومحاسبة سيكون بمثابة إخضاع العالم برمته لهذه السياسة الصهيو- نازية .      

كلمات دليلية
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com