محمد واني
لم تكن الصدفة وحدها هي التي خدمت الاحزاب الشيعية وميليشياتها للقفز على السلطة في العراق ولا القرار الطائش من رئيس الولايات المتحدة “جورج بوش الابن”عام 2003 القاضي بغزو العراق واسقاط نظامه ردا على قرار آخر اتخذه رئيس النظام صدام حسين بغزو الكويت عام 1991 في لحظة غباء!
فلا الاصرار العراقي على غزو الكويت واحتلالها كان عفويا صادرا من شخص هوائي متقلب المزاج ولا القرار الامريكي كان عشوائيا يعتمد على معلومات استخباراتية خاطئة.. بل قرارا”عمدا مع سبق الإصراروالترصد!”
لم تكن العقول غائبة عن الوعي عند اتخاذ القرارات المصيرية في ظل وجود العشرات بل المئات من مراكز التخطيط والبحوث الاستراتيجية الدولية المنتشرة في ارجاء امريكا واوروبا ، ومهما قيل عن غباء “صدام” في عمله الارعن باجتياح الكويت ، فانه لم يكن غبيا لدرجة ان يجازف بنظامه والعراق من اجل نزوة عابرة او قرار ارتجالي متسرع ، بل كان يدرك تماما عواقب فعلته ولكنه مع ذلك غزا الكويت وضمها الى جمهوريته! ورفض كل المحاولات الدولية والاممية لثنيه عن قراره وسحب قواته منها اصر على موقفه المعاند بشكل يثير الشك والريبة ، وكأن قوة قاهرة تجبره على الاستمرار في موقفه الجنوني لحين تحطيم ألته العسكرية وانهاء دوره السياسي في العراق والمنطقة ، تمهيدا للغزو الامريكي لبلاده ونسف نظامها السياسي واعادة تشكيله من جديد ومن ثم تسليم الحكم للاحزاب الطائفية الموالية لايران( محور الشرّ) .
ارى ان كل شيء جرى وفق اتفاق دولي واقليمي مسبق وبتخطيط مدروس ، فلا القرار العراقي بغزو الكويت اتخذ بغفلة من الزمن وخارج التخطيط والارادة “الدولية” ولا قرار”بوش” بغزو العراق جاء لوقف نشاط العراق النووي! هذا كله اكاذيب اعلامية واستخباراتية لتضليل الرأي العام العالمي بما تريده وتسعى اليه القوى العظمى بقيادة الولايات المتحدة الامريكية لاجل احداث تغيير جيوسياسي شامل في المنطقة”العربية السنية تحديدا” طبقا لمشروعها الفوضوي “الخلاق” ، على ان تكون لايران ومحورها الشيعي القدح المعلى في الهيمنة على المنطقة .
والنتيجة التي نراها الان واضحة ؛ العراق وسوريا واليمن ولبنان وقع تحت النفوذ الايراني المباشر وغير المباشر من خلال وكلائها المعتمدين ، ولكن جزء من هذا البلد ظل عصيا على الرضوخ ، حجر عثرة امام مده في المنطقة ، وهو اقليم كردستان الذي تعرض لابشع انواع القمع السياسي والاقتصادي والعسكري منذ 2014 من قبل هذا المحور عقوبة لتمرده وعدم رضوخه لسياساته الثورية ، ورغم هذه العقوبات القاسية ظل واقفا على قدميه يلعق جراحه امام انظار المجتمع الدولي و الخليجي و تركيا ، دون ان يحركوا ساكنا ، ماخذين دور المتفرج .
وقد حاول القادة الكرد رفع الحصار والعقوبات الانتقامية التي يتعرض لها الشعب الكردي من خلال تكثيف جهودهم الدبلوماسية والسياسية نحو عواصم القرار العالمي .. و الزيارة التي قام بها رئيس الاقليم ” نيجيرفان بارزاني” المعروف بنشاطه الدبلوماسي المكثف على الصعيدين الدولي والاقليمي الى طهران تعتبر اهم هذه الزيارات واشدها تأثيرا على مستقبل اقليم كردستان ، كون ايران تقف موقفا سلبيا للغاية من سياسات الاقليم وصل الى استهداف مدنه بالصواريخ وحث وكلائها وميليشياتها في بغداد على تشديد الحصار وتجويع اهله وضرب منشئاته الاقتصادية ..وقد احرز “بارزاني” في زيارته نجاحا في تذويب الجبل الجليدي بينها وبين الاقليم .
وفور عودته من ايران ، توجه نحو بغداد ليواصل جهوده السلمية مع المسؤولين ووضع حد للازمات القائمة..
*الحقيقة ان المحاولات الكردية المستمرة لوضع امور العراق في نصابها الصحيح وفق الدستور والاتفاقات السياسية ، تقابلها دائما محاولات من الطرف الشيعي المهيمن على مفاصل الدولة التنصل من الاتفاقات والاستحقاقات الدستورية وفرض الارادة بالقوة القهرية والعمل وفق اجندات دينية وسياسية وافدة!
عذراً التعليقات مغلقة