بقلم: المراقب السياسي
واشنطن
ما قاله أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد حين حلّ البرلمان وعطّل أبرز بنود الدستور وأحالَ صلاحيات السلطات كلها الى “ارادته”، يوحي انّ عملية انقلاب من نوع ما احبطها لتوه وتصدى لها في الوقت المناسب وسط” تماسيح “سياسية متربصة، و كادت تودي بالنظام السياسي القائم في أساسه على ” اسرة آل الصباح الحاكمة” منذ عقود بعيدة، والعلاقات المالية والنفطية لدولة الكويت مع مراكز مهمة في العالم، واضيف في العقدين الأخيرين ، الدور الأمني المتمثل في القاعدة الامريكية الجوية والتسهيلات اللوجستية لاية قوات برية أو بحرية تشاء ان تهبط او تقيم في رأس الخليج، حيث الجزء الشمالي من الكويت المتاخم للعراق والذي شهد انطلاق أول هجوم للتحالف الدولي – الأمريكي في عملية غزو العراق وانهاء نظامه العام 2003.
السؤال المهم كيف تفاقمت الأوضاع في الكويت الى درجة انه لم يبق خيار امام اميرها سوى تعطيل الحياة النيابية والسياسية والانفراد بالسلطات، التي كانت دائما بيد الأمير، لكن عبر” تخريجة” الديمقراطية والحياة النيابية.
ثمة حقيقة لا يمكن تجاوزها تفيد بأنّ النواب في حملاتهم الانتخابية السابقة او بعض الشخصيات ذات الكلمة المسموعة في الديوانيات، يجمعون على ان تركز السلطات القيادية لمناصب الدولة بيد “آل الصباح” حصراً ، هو تكريس لمشاكل البلد وللفشل المتكرر، مع وجود كفاءات عالية يجري تجاهلها. هذا الكلام تجاوز الحد المسموح به بحسب السلطات الامنية اولا قبل الديوان الاميري. هذا توصيف لجانب من الحال .
لكن في الوقت ذاته، ماهو مقدار النجاح للوزراء الذين كانوا في مناصبهم من خارج اسرة “آل الصباح”، انهم كثر ولكن اداءهم لم يكن افضل من سواهم ، وهي الحقيقة التي يتجاهلها المنتقدون.
مصادر” قريش” في واشنطن
تقول انّ الأمير مشعل الأحمد ابلغ السعودية ومصر والولايات المتحدة بخطوات سيتخذها من اجل الحفاظ على استمرارية الحكم.
ولكن يجري التكتم على” شخصية العدو” الذي خشي الأمير منه على سلامة ومستقبل الكويت.
هل يمكن ان يحدث انقلاب في الكويت؟ الإجابة لها مسار واحد فقط، هو ماذا تريد واشنطن من هذا الانقلاب المفترض لكي تسمح بوقوعه؟ ماعدا ذلك لا يوجد اية فرصة لاي جهة لخطف الحكم من الأمير الحالي او عائلة ال الصباح، وان الشيء الوحيد المتاح هو عملية “اغتيال “ ناشزة او مبرمجة قد تخلط الأوراق وتفرض الامر الواقع امام واشنطن للقبول بالبديل من الاسرة ذاتها ايضاً.
الفساد في الكويت طاول جميع المؤسسات، وان الشعب الكويتي الصغير ينظر الى أسماء في الاسرة الحاكمة او المتحالفين معها في مرمى الفساد، وان هذه الحقيقة لا يستطيع الأمير الحالي تغييرها، لسببين ، الأول هو انها متوارثة عبر ثلاثة أمراء سبقوه، والسبب الثاني هو ان التركيبة القبلية الداعمة لآل الصباح لا يغامر احد بالمساس بها وتعريض ” حالة تحالفية تاريخية” للخطر .
لكن هذا لايمنع امير الكويت من تقليم اظافر عدد من المتنفذين ماليا وسياسيا، على طريقة قطع الاصبع الخايس لضمان استمرار صحة سائر الجسم. وهذه مجرد فرضية تقوم على أساس ان بقية الجسم تخلو من الخياسة.
انَّ الكويت، جغرافيا تهم الامريكان من نواحي النفط والمال والأمن، لكن أهمية الكويت اليوم ليس كأهميتها قبل عشرين عاماً حين احتاجتها الإدارة الامريكية لترتيب وضع الهجوم البري لغزو العراق، كما ان النفط لم يعد بتلك الأولوية قبل ثلاثين عاما، والاهم من ذلك هو ان البيت الأبيض غير مستعد لاضطرابات في الكويت قد تنتقل بطريقة ” العدوى” الى حلفائها في بلدان الخليج الأخرى.
الامريكان لم يُعلقّوا ولم يستاؤوا من تعليق الحياة الديمقراطية النيابية أربع سنوات قد تطول اكثر، لأنهم يعرفون أساس اللعبة البرلمانية في الكويت او سواها من البلدان.
الأمير تحدث عن القرار الصعب للحفاظ على الكويت، لكن الآتي بعد ذلك هو تطبيقات عملية، تحتمل المفاجآت.
غير انّ هناك حقيقة يجب الا تغيب وعلينا المصارحة بها ، وهي انّ البرلمان الكويتي متعدد الولاءات ، فقسم تحت الراية الايرانية فعليا ، والقسم الاخر موال للاخوان المسلمين، وسبق لبعضهم ان تضامن مع صعود داعش والنصرة في العراق وسوريا تصريحا او تلميحا، وهناك اعضاء اخرون ضائعون، و لعل أداء الديوانيات أفضل من ادائهم ، لذلك ليس هناك كبير أسف على اربع سنوات من دون مجلس الامة.
عذراً التعليقات مغلقة