القائلون بنزاهة صدام حسين أمام حقيقة .. خليفة و فلوس ثمّ قطع رؤوس -شهادات

القائلون بنزاهة صدام حسين أمام حقيقة .. خليفة و فلوس ثمّ قطع رؤوس -شهادات

آخر تحديث : الثلاثاء 2 يوليو 2024 - 10:50 صباحًا

د .مناف حسن العلي

Screenshot 2024 06 23 at 00.38.55 - قريش

      استاذ جامعي ودبلوماسي سابق

الجزء الثاني

أشاد السيد إياد علاوي في المقابلة الاخيرة معه بنزاهة صدام حسين، اذ يقول لم نعثر على شيء بإسم صدام وكان كل شيءٍ مسجلاً بإسم رئاسة الجمهورية. ربما رغب السيد علاوي في هذا التصريح بإستمالة البعثيين الذين لا زالوا يعتبرون صدام حسين رمزاً لنضالهم، وجمعهم حوله كما حدث في انتخابات 2010 حينما أعطوه أصواتهم، لا سيما بعد أن فقد معظم مناصريه في حركة الوفاق.

كلا يا سيد إياد إنّ هذا ليس دليلاً على نزاهة صدام. لعلمك ولمن لا يزال يعتقد بنزاهة  صدام حسين، أقول لم يتصرف أحدٌ من ساسة العراق الذين سبقوا صدام في الحكم، بالمال العام كما تصرف به صدام. كانوا جميعهم أمينين على المال العام فلم تظهر لديهم أية ثروات منذ العهد الملكي حتى استلام صدام للحكم في تموز 1979.  إنّ صدام لا يؤمن بالمال العام بل يعتقد أن الحاكم له الحق بالتصرف بالمال العام كيف ما يشاء وعلى غرار الخلفاء والولاة السابقين.

أود أن أشير هنا الى ما كتبه صديق صبا وشباب صدام حسين الكاتب والإذاعي اللامع السيد إبراهيم الزبيدي في كتابه دولة الإذاعة عن نظرة صدام حسين للحكم وللمال العام، حيث يخاطب صدام حسين صديقه إبراهيم الزبيدي وفي سن مبكرة بما يلي:

“ألم يكن الملوك والخلفاء وولاتهم يأخذون ويعطون من أموال الأمة بإعتبارها أموالهم التي وهبها الله لهم؟ ألم يكن العباد كل العباد مُلك الخليفة الذي يُغني ويُفقر ويَقتل من يشاء ويعفو عن من يشاء؟   

ألم يكونوا يفعلون ذلك وهم في أتم راحة الضمير؟ الآن نحاكمهم ونقول إنَّ هذا الخليفة كان ظالماً وذاك كان عادلاً. حتى الظالم منهم كان يجد لظلمه عُذراً ومبرراً يقنعه بعدالته التي لا شك فيها، وبأن تدبير حياة الآخرين على هواه ووفق ما يراه ملك من أملاكه وحق من حقوقه”.

وعند محاولة صدام قتل المدرس الذي صفعه حينما كان طالبا في متوسطة تكريت يقول:

“إنه لا يعتبر نفسه خاطئا ومعتديا عليه، حتى لو قتله، إنها خطيئة ربما في نظر السلطة والمحكمة والقانون وحسب، وهذه كلها مؤسسات وضعية مستحدثة من إختراع الإنسان، والحقيقة هي أن القدر وضعه في طريقي ودفعني الى قتله، لحكمة لا يدركها عقل الإنسان.”

هذه فلسفة صدام حسين في الحكم والقتل والتصرف بالمال العام وهوفي شبابه وقد طبقها بحذافيرها حينما أستلم الحكم في تموز1979، حيث حسب إعتقاده أنَّ القدر وضع رفاقه الذين أعدمهم في طريقه لحكمة لا تدركها عقولنا ولم يطبق فلسفة حزبه في الحكم الذي كان هوقائده .

 وهنا أود ان أوضح للسيد علاوي لماذا لم يسجل صدام أي شيء بإسمه بل بإسم رئاسة الجمهورية

يقول صدام ويكررها دائما إننا جئنا لنبقى، لقد جئنا على الدبابة ومن يُريد أن ينتزع الحكم منا فليأتي على دبابة إن أستطاع. فهو كان متأكدا من البقاء في الحكم، وحسب فلسفة صدام فأنه يعتبر أن رئاسة الجمهورية ملكه وتابعة له ، ومن بعده لأبنائه حيث بدأ بإعداد قصي لتولي الحكم من بعده حينما عينًّه عضو قيادة قطرية وربط المؤسسات الأمنيه به ومن ضمنها وزير الدفاع. لذلك فهو ليس بحاجة لتسجيل ممتلكات بإسمه طالما بإمكانه التصرف بأموال الرئاسة والدولة كيف ما يشاء ومتى ما يشاء. لقد بنى صدام حسين له في كل محافظة دور ضيافة، لها حماياتها، يُطبخ بها الطعام يوميا خوفاً من أن يزور صدام تلك المحافظة فجأةً ودون سابق إنذار. كذلك بنى قصوراً له و لأولاده في منطقة الرضوانية وزينها بالبحيرات والحدائق الغناء بما لا يتصوره إنسان حتى في الخيال. 

حينما قتل أبنه عدي سائق الرئيس المفضل كامل حنا، ولكي يغيظ صدام إبنه عدي قام صدام بسكب البنزين على سيارات عدي المفضلة وأحرقها جميعها والتي تجاوزت المائة سيارة وكلفتها عشرات الملايين من الدولارات. أليست هذه أموال العراقيين أم ورثها من حسين المجيد !!!

Screenshot 2024 07 02 at 01.19.00 - قريش
كامل حنا مع صدام حسين

عندما هرب حسين كامل الى الأردن أتهمه صدام في خطاب له أنه كان يُهرب ملايين الدولارات هو وإخوانه وأعوانه الى خارج العراق ولكن صدام لم يمنعه من التهريب مع علمه بذلك، لكنه قتله بوحشية وقتل معه أخاه وأباه وأخته وأولادها حينما زاحمه حسين كامل على الرئاسة.

هلا تساءلت يا سيد إياد تحت أي بند أو أية مادة قانونية يهدي صدام آلاف السيارات الفارهة سنويا الى أعضاء القيادة القطرية وكادر الحزب المتقدم والقادة العسكريين والمدراء العامين والمحسوبين عليه من أقاربه أو أصدقائه والموالين له؟

ذهبت ذات مرة بعد عودتي من الدراسة في العام 1985 الى أحد معارض السيارات لأبيع سيارتي حيث لم أستطع دفع قيمة الكمرك التي كانت 6000 دينارا عراقيا، ما يعادل 20000 دولارا تقريبا آنذاك، وشاهدت بأم عيني سبع سيارات مرسيدس آخر موديل، كل واحدة منها معروضةً بربع مليون دينارا عراقيا أو ما يعادل 800,000 دولارا وحين سألت صاحب المعرض عن ملكية هذه السيارات أخبرني أنها تعود للقائد العسكري فلان. هكذا كان صدام يغدق على العسكريين دون حق أو سند قانوني ليضمن ولائهم وعدم التآمر عليه . لا غرابة حين يقول صدام أن جندياً موالياً على دبابة أهم عندي من حامل شهادة الدكتوراه.                

هلا تساءلت يا سيد إياد تحت اية مادة قانونية يهدي صدام حسين آلاف البيوت والشقق الفارهة والأراضي السكنية لمن يقررهو وحده دون وضع شروط قانونية ودون مساواة بين المواطنين؟

Screenshot 2024 07 02 at 01.19.51 - قريش
طاهر يحيى

وهنا تحضرني حادثة لرئيس وزراء العراق الأسبق طاهر يحيى رحمه الله، والذي شوه البعثيون سمعته وأذاقوه الذل والهوان وكل أنواع التعذيب في قصر النهاية سيء الصيت، حيث طلب ذات مرة من وزارة المالية تخصيص 50 دينارا شهريا بإسم مخصصات ضيافة لمكتب رئيس الوزراء، فرفضها موظف في وزارة المالية لعدم وجود سند قانوني لهكذا مخصصات وعلى رئيس الوزراء تحمل هذه النفقات من جيبه الخاص. قدم رئيس الوزراء الشكر لهذا الموظف الكفوء والمخلص، وطلب من وزير المالية منحه ستة أشهر قدم . واليوم يتقاضى رئيس الوزراء العراقي مرتب مليون دولار شهريا ما عدا المخصصات السرية. 

هل بإستطاعة أي مسؤول في الدولة العراقية أن يعترض على مصروفات صدام حسين؟ لم تتجرأ وزارة المالية ولا ديوان الرقابة المالية من الإعتراض على مصروفات صدام حسين. 

أقترح على من يتحدث عن نزاهة صدام حسين مشاهدة مقابلات السيد دحام عبد الرشيد رئيس ديوان الرقابة المالية وهو من أقاربه، حين سأل السيد دحام صدام حسين أنك تقدم الهدايا والأموال والسيارات هل من مالك الخاص أم من أموال الدولة؟ لم يعجبه هذا السؤال وطلب من السيد أحمد السامرائي إجابته والذي كان يرتجف من شدة الخوف كما قال السيد دحام. ويضيف السيد دحام يقول إن سياسة صدام في الحكم كانت “فلوس وقطع رؤوس”. وفعلاً فعل ذلك حتى مع أحد أقربائه وهو عمر الهزاع حينما قدم طلبا الى البكر للسفر خارج العراق لغرض العلاج فبعث له البكرخمسمائة دينار فقال هذه لا تكفي الا لشراء تذاكر السفر فلما سمع صدام بذلك أرسل اليه خمسة آلاف دينار مع تذاكر السفر وتكاليف الإقامة والعلاج تدفع من قبل السفارة، ولكن حينما أصبح صدام رئيساً قام بإعدامه مع ولديه وأمر بهدم بيت سكن عائلته.  

لقد أستحدث صدام عشرة مناسبات سنوية زائداً العيدين توزع بها الهدايا من أموال وسبائك ذهب وسيارات الى القياديين وكبار ضباط الجيش والموالين له  فأنشأ بذلك طبقة مترفة تحظى بإمتيازات خيالية وليذهب بقية الشعب الى الجحيم !!! 

كان يبني القصور الفارهة ويستورد من الخارج ما لذ وطاب من مأكولات وفواكه في اثناء الحصار بينما الناس تتضور جوعاً وتبيع كل ما عندها من غالٍ ونفيس لتسدد بها نفقات معيشتها.

هذا هو مفهوم صدام حسين لميزانية الدولة فكل شيء ملكه وله الحق في التصرف به كما انه لا ينوي ترك الحكم لغيره، فلماذا يسجل أملاكاً بإسمه والعراق كله ملكه. هذه هو مفهوم  إشتراكية صدام حسين لحزب البعث العربي الاشتراكي .

ومن المضحك المبكي أنه فيما كان الأمريكان يعدّون الخطط لإحتلال العراق وكيفية الوصول الى بغداد بأقرب وقت ممكن، كان قصي صدام حسين وهو الذي عينه أبوه مسؤولاً عن الدفاع عن بغداد حيث أن وزير الدفاع ورئيس الأركان مرتبطان به وحينما أخبراه أنه لا توجد لدينا خطة للدفاع عن بغداد أجاب هل تعتقدون أن الامريكان سيدخلون بغداد لكي نعد خطة للدفاع عن بغداد؟ انهم سيفعلون كما فعلوا في العام 1991 سيقصفون هنا وهناك ثم يرحلون وبالتأكيد كان قد سمع ذلك من أبيه. وبدلاً من إعداد خطة للدفاع عن بغداد، كان قصي منهمكا في عد صناديق المليار دولار التي استلمها من البنك المركزي ليلة الهجوم الأمريكي خوفاً من أن يقصف الامريكان البنك المركزي والتي بلغت 254 صندوقاً، حُملت بثلاث شاحنات طويلة. يا تُرى أين ذهبت تلك الأموال ؟

هل حاولت يا سيد إياد وأنت اول رئيس وزراء بعد رحيل صدام والرؤوساء الذين جاءوا من بعدك متابعة أموال النظام السابق خارج العراق لاسيما ال 5% وهي حصة مؤسسة كولبنكيان التي أُممت وأعلن صدام في إجتماع لكادر الحزب أن هذه الأموال ستكون بإسم الحزب ليستطيع الحزب في حالة سقوط حكمه من توظيفها والنضال للعودة الى الحكم مرة أخرى، يا ترى كم بلغت وأين ذهبت؟

هل حاولتم العثورعلى المجوهرات والمصوغات الذهبية التي تبرع بها آلاف المواطنين دعماً للمجهود الحربي، يا ترى هل صرفت على المجهود الحربي أم ذهبت الى ممتلكات أم عدي التي كانت هوايتها إقتناء الحلي والمجوهرات.

ربما أراد السيد علاوي أن يقارن نزاهة صدام حسين بسراق المال العام الجدد من السياسيين الذين جاءوا بعد 2003. هؤلاء السياسيون الجدد يعرفون جيدا أن وجودهم في مراكزهم مؤقتاً، لذلك فهم حريصون على تسجيل ما يحصلون عليه بغير حق بأسمائهم أوأسماء أبنائهم أو زوجاتهم بأسرع ما يمكن وقبل مغادرتهم مواقعهم أويُهَّربون ما أستطاعوا من أموال الى خارج العراق ليتمتعوا بعد ذلك بحياة مرفهة خارج العراق وليأمنوا من أي ملاحقة قضائية قد تطالهم.  لذلك نشاهد إختفاء كثير من الوجوه السياسيه التي ظهرت بعد العام 2003 من الساحة السياسية العراقية، إضافة الى ذلك إنهم لا يريدون إضاعة الوقت للبحث عن أموال نُهبت في فترة النظام السابق، حيث أن خزائن العراق فُتحت أمامهم بعد العام 2003 فعليهم إستغلال الوقت للإنتفاع من هذه الخزائن قبل فوات الأوان.

يا وجعي عليك يا عراق لم يرحمك أحد من الساسة الذين تناوبوا على حكمك بعد أن دخلتَ في حقبة الإنقلابات العسكرية ولا سيما الذين حكموك من تموز 1979 الى وقتنا الحالي.

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com