مزمار مسافر في طنجة
إسماعيل طاهري
أتأبط الحب كله من أقصى المدينة الى أقصاها
وعلى حين غرة تطوحني مهجتي الى صدرها
قد أقابل “الشطار” قرفصاء على عتبة باب المقهى الروحي
يروي للعابرين أيام العز
يفرك عينيه المغرورقتين بالذكريات
ويتقيأ النزيف تلو النزيف
وشظايا كلمات عن الخبز الحافي.
…
قد تبلل رجليك برغوة سبع موجات ساحرة في خليج المدينة
على شهب شمس تحتضر
ثم ترقص للأحلام.
قد تتغزل رسامات الحناء ب”العايلات”
هل يبعن في الهواء الطلق ظلال المدافع في “سور المعكازين”؟
تجذبك الأضواء الفاتنة
ومجاهدة الغاديات والرائحات في البحث عن الأنوثة الخالدة.
يخلبك احتراق العابرين حتى الشواء
بلهفة الأضواء الماجنة.
في الساحة الكبرى (موقف العبرات) سيحرمك الضجيج من سماع مظاهرة الآذان وأجراس البيع والكنائس
كما حرمتك طاحونة الحداثة وما بعدها من العشب الأخضر.
يستحيل “البوليفار” الى حية تسعى بغنج فاضح
تراودك “النصوص” في رصيف المساء
حين يدب السكون القاتل في كل الحدائق الخلفية
ممنوع في كل الاتجاهات
إيذانا بانطلاق حفلة العشاء الأخير.
تتبخر الساعة بين يديك
وتتقلص الموت الى درجة الصفر
ويصير الاتجاه واحدا بلا جدل:
- ادخل
- أو اخرج
الداخل مفقود والخارج مفقود.
خلف الزجاج الداكن بأورام الليليين تنطلق الحكاية فلا مكان للقصيدة هنا
جرر جارحة
وآهات صاخبة
تنقلك خطاك المنكسرة من أريكة الى أريكة
من ماء الى ماء
من كأس حنين الى كأس ناي حزين
حتى مطلع الفجر
وبعدها تشرع مدرسة تعليم صلوات زنقة الشياطين
تنفخ في البحر
بمزمار مسافر في طنجة.
…
طنجة 17 ماي 2024
خاص لصحيفة قريش -ملحق ثقافات واداب -لندن
عذراً التعليقات مغلقة