اغتيال الفاروق ومشروع كسر الدولة

آخر تحديث : الإثنين 1 يوليو 2024 - 1:33 مساءً
اغتيال الفاروق ومشروع كسر الدولة

ربيع فيصل الحافظ

سيدنا عمر رضي الله عنه هو مؤسس حقوق الانسان ومؤسس نظام الرعاية الاجتماعية ومؤسس حقوق الأقليات ومؤسس النظام الاداري، بعبارة أخرى هو واضع أسس المجتمع المدني للبشرية وهو مؤسس الدولة في الحضارة الإسلامية.

استشهاد عمر رضي الله عنه في 26 ذي الحجة بعد خلافة دامت 10 اعوام و 6 أشهر جعل من خلافته خطة عشرية (بالمصطلح المعاصر) لترسيخ دعائم مؤسسات دولة كانت لا تزال غضة وهي مدة قصيرة جدا في اعتبارات علوم التخطيط.

الدولة التي أسسها عمر رضي الله عنه لم تسقط باستشهاده إنما دخلت مرحلة كانت وَلّادة لمنظومات ملل ونحل على مستوى الأفراد والجماعات ومتخصصة بزعزعة الدولة وزرع الفتن والتآمر وإشغالها عن الاستقرار وانتهاء بكسرها ثم الولوج الى داخلها والتمكن من مجتمعها.

عمر رضي الله عنه كان يدرك ان كسر هيكل الدولة يفتح بابا للفوضى ( تفكيك الدولة) لن يغلق أبدا وهو بالضبط ما تهدف اليه هذه المنظومات وآليتها في ذلك هي الفتن (الاضطرابات) لذلك صرف رضي الله عنه مفهوم الفتنة إلى اهتزاز الدولة ونظريته في الحكم هي أن حضارتنا تقاد من الأعلى (بالدولة) وتهدم من الأسفل (بالفتن).

عن شقيق* قال: سمعت حذيفة يقول: بينا نحن جلوس عند عمر إذ قال: أيكم يحفظ قول النبي ﷺ في الفتنة؟ قال: فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفّرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال: ليس عن هذا أسألك، ولكن التي تموج كموج البحر. قال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين إن بينك وبينها بابا مغلقا قال عمر: أيكسر الباب أم يفتح؟ قال: لا بل يكسر قال عمر: إذا لا يغلق أبدا قلت: أجل. قلنا لحذيفة: أكان عمر يعلم الباب؟ قال: نعم كما يعلم أن دون غد ليلة، وذلك أني حدثته حديثا ليس بالأغاليط. فهبنا (خشينا) أن نسأله من الباب؟ فأمرنا مسروقا فسأله فقال من الباب؟ قال عمر. البخاري (7096) ومسلم(144).

استشهاد عمر كسَر الباب وهز الدولة لكن المجتمع المسلم تدارك الموقف وأوجد مؤسسات استراتيجية حمت مفاصل الدولة التشريعية والعقدية والفقهية والأمنية واللغوية التي استهدفها مشروع تفكيك الدولة ومكنه من ذلك ثقافته (عقيدته) السليمة.

ما يحدث في بلداننا، مع الفارق، هو عملية كسر للباب والفوضى المفتوحة التي تليه وهيالعملية التي تم تنفيذها للمرة الأولى في عهد عمر رضي الله عنه بخنجر أبو لؤلؤة المجوسي.

“إنهيار الدولة” هو المصلح المرادف المعاصر “لكسر الباب” بكل أسبابه وتداعياته، والمجتمعات التي كسر بابها وغزتها المليشيات الشيعية والإيرانية امامها مشروع هو استعادة دولها وهي مهمة مقدور عليها شرط ان تقوم بغربلة ثقافتها (الوطنية الضيقة) واستحداث مؤسسات استراتيجية قادرة على مواجهة مشروع هدم الدولة وهذا هو الدرس المستفاد من حياة عمر رضي الله عنه ومن استشهاده.

*شقيق ابن أبي سلمة: أدرك زمن النبي  ﷺ ولم يره ولم يسمع منه ، وروى عن خلق من الصحابة، منهم عمر بن الخطاب.

كلمات دليلية
رابط مختصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com