قصة قصيرة
هشام عبدالكريم
العراق
* ندم *
لم تعد الحلوى تعجبه ولا تلك الدراجة التي اشتراها له ولم يعد يحتمل تواجده معه في مدينة الملاهي ، على الرغم من الابتسامات العريضة التي كانت مرسومة على وجه ابيه.
أما ابوه فقد بدأ يحس بتحول غريب لإبنه الذي أحبه لأنه رأى فيه خُلاصة بل نهاية لمرحلة الإنجاب بعد أن تجاوز عمره الخمسة والسبعين عاما ً ، ساورته كثير من الشكوك حول ابنه هذا ، فهل هناك من يعبؤه ضده ؟ إنه لم يفعل معه إلا ما يرضيه ، وهو لم يقدم لأولاده من المرحومة زوجه إلا القليل جدا ً قياسا ً لما قدمه له ، فهو المدلل والأثير لديه .
قال لوالدته ذات يوم :
– لماذا تزوجت ابي الذي يبدو شيخا ً كبيرا أمامك ؟
صرخت بوجهه قائلة :
– إياك أن تُسمع اباك هذا الكلام !
كانت ردة فعلها قوية لدرجة أن جسدها كله بدأ يرتجف . اعتذر منها وقال :
– إنه اختيارك وابتلاؤك لي ، انظري إلى آباء أصدقائي يبدون كأنهم اشقاؤهم . تصوري أحدهم قال لي لماذا دائما ً يرافقك جدك في المتنزهات؟ ولما أجبته بأنه أبي راح الجميع يضحكون علي ويقولون ظنناه جدك يا سعيد .
عندما قال لها هذا الكلام ، راحت تستعرض وجوه زملائها في الكلية وكان كل واحد فيهم يتمناها لا سيما وهي الأجمل من بين طالبات مرحلتهم ، أحست بأشياء تنسحق داخلها بينما راحت عيناها الدامعتان تنظران إلى شابة متأبطة ذراع شاب وهما يعبران الشارع إلى الجهة الثانية .
بقيت صامتة حتى اقترب سعيد منها فاحتضنته واخفت رأسه بين نهديها لكي لا تفضحها دموعها التي تلألأت على خديها الناعمين.
لم تنم تلك الليلة في حين أدار لها زوجها ظهره مطلقا لشخيره العنان .
لأول مرة بعد سني زواجهما بدأت تشعر بأنها قد راهنت على حصان خاسر وأن هذا الابن الذي فرحت به عند ولادته ما هو إلا ضحية من ضحايا شبق زوج لم يفكر إلا بإطفاء نيران شهوته من خلال التهامه لجسدها أياما ً معدودات وبعدها هاهو ينام بجانبها كجثة هامدة .
– لقد فات الأوان يا غبية !
هذا ما قالته في سرها وهي تحدق في سقف الغرفة الذي كانت تشعر بأنه يوشك على أن يطبق عليهما في تلك الليلة القاتمة.
خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات واداب -لندن
عذراً التعليقات مغلقة