علي اوعمو
كاتب من المغرب
في ظل الارتفاع المهول للأسعار، أسعار جميع الموادّ الضروريّة، أصبحت شريحة واسعة من المواطنين المغاربة يعيشون حياةً جدّ ُمزرية، فَمِن هذه الشريحة المُفقَّرة العاطلون عن العمَل و منهم موظّفون يتقاضون رواتب هزيلة و منهم مُتقاعدون قد تمّ تجميد معاشاتهم منذ عقود عديدة..
فعدد المواطنين المُعطَّلين عن العمل يُشكِّل نسبَة كبيرة، منهم حامِلو شهادات عليا في شُعبٍ علميّة متنوّعة، و لم يتمّ تشغيلُهم من طرف الدولة، و لم تعمل على إرغام الشركات الكبرى على توظيفهم، علماً أنّ العديد من هؤلاء المواطنين يشتغلون في هذه الشركات بالتعاقُد لمُدّة مُحدّدَة، و بعدها يُفسَخ هذا التعاقُد و يُطرد اولئك العُمّال أو يتم تجديد تلك العقود لفترة مُحدّدة، و الغاية من ذلك هي منع العُمال من الترسيم و حرمانهم من حقوقهم المشروعة، حقهم في شُغلٍ مُستَدام و حقهم في الاستفادة من التقاعُد، عبر تسجيلِهم في صناديق التأمين و التقاعُد، إنّ الشركات الكبرى هي، كما هو معلوم مملوكة لأثرياء المغرب الذين لا تخضع معاملهم و مصانعهم لأيّة مراقبة و لا محاسبة لكون معظم أربابها من النخبة المتنفِّذة في الدولة، و الذين هم في حِصنّ حصين و ليس في مقدور أيّة هيئَة مراقِبة التدخّل في محاسبَة هؤلاء المُتغوِّلين لإيقاف ممارساتهم تجاه العمال الذين يُشغِّلونهم متى شاءوا و يفصلونهم عن العمل متى شاءوا دون منحهم حقوقهم التي يُخوِّلها لهم القانون.
أما الموظّفون الصغار سواء في القطاع العام أو الخاصّ، فهم من المُتقهقِرين إلى الطبقة الفقيرة، نظراً لِضعف وهزالة رواتبهم التي لا تفي بقضاء الحاجيات الضرورية للعيش الكريم، بخلاف الموظّفين السامين و الوزراء و البرلمانيّين و مدراء الشركات و غيرهم الذين يتلقَّوْن أجوراً تفوقُ الخيال، هؤلاء الذين تُرفَع رواتِبهم باستمرار دون اللّجوء إلى ما يُسمى (الحوارات الاجتماعيّة). التي تستغلّها الحكومات السابقة و اللّاحِقة قصدَ المُماطَلة و رِبح الوقت فقط..
أما شريحة المُتقاعدين الصغار فهي تعيش أزمة معيشيّة حقيقيّة في ظلّ الإهمال العَمْدِ لمطالبهم في الزيادة في مَعاشاتهم الضّئيلة التي لا تُسمن و لا تغني من جوع، و التي تمّ تجميدها منذ عقود، هذه الطبقة من المجتمع المغربي المحرومة من حقوقها في العيش الكريم، خاصة في هذه الظروف العصيبة التي تعرف فيها أسعار جميع مستلزمات الحياة التهاباً لم يسبق لها مثيل في تاريخ المغرب، و ما يُدمي القلوب هو غضّ الحكومات المتعاقبة و كذا الجهاز التشريعي النظر عن مُعانات هذه الفئة التي أفنَت عمرها في خدمة وطنها بكل تفان و نكرانٍ للذات..
للإشارة، فإنّ المغرب يزخر بثروات طبيعية هائلة: فوسفات و معادن مختلفة ثروة سمكيّة هائلة، هذه الثروات التي تُدرّ على البلد ملايير مُمليَرة من الدراهم،
و رغم ذلك فهو في رتبة غير مشرفة في التصنيف العالمي، 123 على 189 دولة، حسب مؤشر التنمية البشرية، و هذا لا يحث على التفاؤل أبداً· والرقابة المالية هي السبيل الوحيد و الفعال لتجنب خطورة التبذير وسوء التدبير وتحقيق جودة استخدام المال العام بهدف خدمة المصلحة العامة ورفع القدرة الشرائية للمواطن ومستوى معيشته..
و بذلك يمْكن أن يقضيَ المغرب على العَطالَة بصفةٍ نهائيّة و يمحو أثر الفقر تماماً و يجعل الشعب المغربي يعيش حياةً كريمة و يُصبح الدخل الفردي من من أعلى الدُّخول الفرديّة في العالم..
عذراً التعليقات مغلقة