الكتابة طقس تعبدي تعربدي في حوار مع الشاعر المغربي المصطفى ناجي وردي

الكتابة طقس تعبدي تعربدي في حوار مع الشاعر المغربي المصطفى ناجي وردي

آخر تحديث : الجمعة 25 أكتوبر 2024 - 2:50 مساءً
Screenshot 2024 10 25 at 14.38.35 - قريش
المصطفى ناجي وردي

حوار: ميمون حرش

Screenshot 2022 10 30 at 01.09.04 - قريش
ميمون حرش
  • المغرب-    

  المصطفى ناجي وردي شاعر مغربي مرموق، علاقته بالشعر متينة، أشبه بتشبث طفل عنيد بلعبته، قرأت له في الشعر، وقرأت له روايته الصادرة حديثا ” دموع من ماس”، لكني أحببته شاعراً أكثر.. في الشعريحلق عالياً، يتفنن، ويترنم، لا يهدأ إلا حين  يرسو فوق القمم.
في هذه السلسلة نكتشف أسراراً مهمة، يميط اللثام عنها لها لأول مرة، فكونوا معنا. 

1.      ورطة، دُبرت لك عمداً، أو نسجتها الأيام لك، وكيف تخلصت منها؟،

لا أذكر من قائمة شريط الأحداث-الذكريات- التي بقيت عالقة راسخة في الذاكرة المتشظية، حيث هي كثيرة في حياة المرء، إلا ما أذكره بهذا الصدد بهذه السلسلة الرائعة من رائد أثير.

  حادث طريف ونحن في طريقنا من الناظور إلى الدار البيضاء، ونحن في كوكبة نقابية، إثر مشاركتنا  كمكتب محلي بفرخانة في المؤتمر الوطني للتعليم،(النقابة البديل- والبديل النقابي.. 2002دون ترميز(

في جو عائلي أخوي مرح،صادفنا سد الشرطة المرتبطة في مخارج مدينة فاس على الطريق الوطنية(عين قادوس( ،فاستوقفتنا الشرطة طالبة من السائق الإدلاء بأوراق السيارة في إطار تفتيش روتيني معتاد.

وما دمنا توقفنا حتى تنهي الشرطة عملها، ورحلت من السيارة أطلب قليلا من الهواء أشمه وأشتمه لأنعش رئتي، فوجئت بأحد رجال الشرطة ينادي ب “أستاذ من فضلك،هات بطاقة تعريفك وبلا تعنت خاوي”

والرجل هذا برتبة راقية وعالية، يجلس بالمقعد المحاذية للسائق في سيارة “فارجونيت” والسائق مطأطئ الرأس يغطي عينيه ب “كاسكيت” والوقت ليل..

تقدمت من العسكري، وتحدثت إليه بأدب زائد، بأننا رجال تعليم نمثل وفداً نقابياً، نشد الرحال- من الناظور إلى البيضاء- للمشاركة في المؤتمر الوطني، وأنني لم أتعنت ولم أتلفظ بكلمة حتى تثير غضب وحنق حضرتكم آ الشاف..

وخلال حديثي معه بهذا الأدب والأسلوب، زاد من وتيرة استفزازي وكال من مرادفات القاموس المخزني القمعي ما يكفي..(إليكم ما يلي):

  أنت تحرض على الفتنة وزعزعة النظام العام بالبلاد، وتساهم في خلق التوترات والخلل داخل المؤسسة وفي الشارع العام، وهذه ليست طريقة لرجال التعليم الذين عهدنا فيهم إشاعة الاستقرار واستتباب الأمن ووووو..وبين الفينة والأخرى يرمي السائق بكلمات استفزازية أبلغ ليصير غضبي ويخرجني من جبتي وجعبتي.

والغريب في الأمر، أنه كان دوماً يتحاشى النظر إلي مباشرة وبوجه مكشوف، بل يشيح يمنة ويسرة وبخفة ونزق.

أما المستفز الأول فكان يتوجه إليه تارة بهمساته كأنهما يتداولان في طريقة اقتيادي، فاسترقت”لا تكثر من الاستفزاز والتسلط على الأستاذ حتى لا ينهار أو يتعصب أو يصيبه أذىً.

أدركت أنني محاصر لا محالة، وأن هناك شيئا يدبر ويحاك  ضدي في الخفاء.

التزمت الصمت ولم أغالِ في الحديث لأستجمع أساليب المقاومة، لكن..قلت : “أنا الآن بين أيديكم، وأنتم الأقوى بتسلطكم، فاللي ليها ليها، واللي بغيتو نديروه..”

وفي لحظة ،نزل السائق من مقعده ولفّ جهتي، كمن يريد اقتيادي مصفداً..

وعانقني تضمني إلى صدره، وهو عريض الصدر حتى خلت أنه سيخسر عظامي وترقوتي.. قهقه الشرطي الأول وعلت ضحكاته، فأدركت حينها أني كنت محط نصب واحتيال، فضحكنا معا وتبادلنا أرقام الهواتف أملا في التواصل..

إنه صديقي وابن بلدتي الذي لم أره من مدة طويلة، أراد أن يخلق الحدث ويعتبر صبري وتجلدي دون أن يدري أنه أطار”حجلة من مرقدي” ههه.

2.      الكتابة، حين تواتيك، كيف تُلبي نداءها.. هل من طقس معين..

الكتابة طقس من الطقوس التعبدية أو العربدية..وإن قلت بأن لي طقساً ألزمه في الكتابة،ونمطاً معيناً أعتاده وأتبناه، فذاك ضرب من ضروب الخيال، ونهج لم أتخذه سبيلا.

  فمتى حضرني أو زارني الجن(الإلهام/جنيتي) أطرق رأسي وأخته للمنادي، فأكتب ما تيسر..وإن خمنت وفكرت في موضوع ما، فأرجئه وأترك يختمر في ذهني لمدة حتى أتمكن من جمع العدة وأعالجه حسب ما يقتضي الأمر وما ساعفني في ذلك من قريحة وقرحة.. عند ذاك تكون الكتابة…

 والكتابة لدي،لا تخضع لوقت معين أو لجو حيث السكينة والهدوء والانعزال عن الناس في ركن من الأركان أو..

ويحصل أن أكون في غطسة نوم، فتحوم حولي وتطرق رأسي  فكرة أو بيت من الشعر، فأقوم- وقلم الرصاص دوما يصاحبني على منضدتي- أخط ما تناهى لخلجاتي وأعود لما كنت فيه..

وجل كتاباتي تعود لوقت فجر، وربما هذا هو الطقس الوحيد الذي يحكمني ويربطني بالكتابة.

3.      موقف محرج 

أما عن الحرج الذي يعتري الإنسان، فهو حرج دائم ومستوطن فينا..هه

 نعيش أطواره باستمرار..

– حين يعترضك في الشارع شاب في مقتبل العمر وفي ريعانه، ويتوسل ويلتمس علبة حليب..

– موظف متقاعد يعيش آخر حياته لا يستطيع أن يتدبر أموره المادية بيسر، وهو يقترض لإكمال ما تبقى من أيام الشهر(هزالة في المنحة..ديون مترتبة على أكثر من واجهة…..)

–  مثقف لا يقوى على تذويب الصراعات، ولا يسعى لتقريب الهوة بين الناس وامتلاك القلوب والسجايا، بل يعمل جاهداً على توسيع الخلاف ودائرته(وهذا يحدث بين المثقفين أنفسهم).

–  وأنت ترى التنافر والتباعد  الحاصل بين أصدقاء تعزهم، وتحاول جاهداً أن تصلح ذات البين بينهم، فتجد تمنعاً وتعنتاً..كيف إذن..؟

   4.   أجمل أو أغرب، أو أسوأ تعليق عن “إبداعك”، سمعته من أحدٍ وجهاً لوجه، أو قرأته مكتوباً

     أغرب تعليق عشته(قرأته وأعدت القراءة لمرات عديدة)

تذوقته مليا:وأنا أجري حواراً كتابيا في سلسلة الكاتب والشاعر الجميل “رضوان بن شيكار” والسلسلة هذه تعرف انتشاراً واسعاً وصيتاً كبيراً من قبل فئة عريضة من المثقفين والقراء والمتتبعين.

كنت أنتظر التشجيع والتصفيق والمباركة بهذا الحدث الكريم، خصوصاً وأني أعتبر نفسي في بداية المشوار، صادفت في أول تعليق من رجل تعليم مفروض فيه أن يتحلى بأدب واحترام وترفع عن كل الدنايا، أو على الأقل أغلبها، يكتب-هذا رجل تعليم-:أنا أعرفه،هو عنصري يكره الناظور وسكانه…

بصراحة اندهشت وقلت ماشاء الله..!ألهذا الحد وصل التعليم ورجاله..؟

فماذا كان يلقن للتلاميذ،رجال الغد ورجال المستقبل الذين سينفثون في الخَلَف مبادئ الأدب وقيم المساواة والإخاء والتعاون وحب الآخر وتقبله والعمل على تذويب الخلافات وتقريب الهوة بين الشعوب والقبائل..؟

وهل كان هذا المخلوق أصلاً يقوم بواجبه اتجاه أبناء جلدته..؟!

ألم يقرأ أو يطلع على الحديث النبوي الشريف الذي يقول” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت/يصمت”؟!!

العقم لساني وتوقف حبل تفكيري عند كتابة أسفل تعليقه البيت الشعري التالي:

              كن ابن من شئت واكتسب أدبا …  يغنيك محموده عن النسب.

ومضيت لا ألوي على شيء.-

5. أمر تكشفه، لأول مرة،  وتميط اللثام عنه لمحبيك،

بعد الحصار الذي ضربته ميس كورونا، وبعد فترة الإقامة الجبرية ونفاذ الصبر والعين وانقطاع الأهل والأحباب عن الزيارات وتبادلها، وصعوبة الوقوف على أحوال الرعية، وقطع الأنفاس، وانتظار الموت في أية لحظة، والموتى صرعى في الطرقات والمعازل، والبكاء بين جدران أربعة دون المشاركة في عملية  التشييع والدفن والتأبين، انكشفت الأوضاع وتعرت، وأصبح كل ذي قيمة لا قيمة له…

6.      كلمة أخيرة.

  ختاما وأخيراً وليس أخيراً.. تشكراتي وامتناني بالتوفيق والسداد للقاص “ميمون حرش” على دعوته الكريمة وأثرته الفائقة وهو علم من بين عدد كبير من أعلام مدينة الناظور الأبية التي أهميتها من شبابي ودمي وعمري لما يربو على 42 سنة…

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com