جلال كندالي
كاتب وصحفي من المغرب
في بالبداية لابد من الإشارة إلى أن التعديل الحكومي الذي طالما تم الحديث عنه، يبقى في آخر المطاف مجرد عرف سياسي، ويمكن أن يكون جزئيا أو موسعا. إذا ما قرأنا التشكيلة المكونة لحكومة عزيز أخنوش المعدلة،نلاحظ أن الهاجس المتحكم في ذلك، هو الإرضاءات والولاءات، وهيمنة رجال الأعمال للأسف على رأس القطاعات الاجتماعية، مع ملاحظة أساسية، هي أن هؤلاء المعينين لا تربطهم صلة من قبل بهذه القطاعات، وهو ما يعطي المشروعية للأسئلة المطروحة من طرف المتتبعين، حول الخلفيات المتحكمة في هذه التعيينات. المسجل في هذا التعديل ، هو أن المنطق الذي ساد في التخلي عن وزراء معينين واختيار آخرين، هو مدى القرب من رئيس الحكومة ، والقرب هنا يأخذ أكثر من بعد ،بما في ذلك ” الجورة ” أي أن تكون جارا في السكن لرئيس الحكومة، كما هو الشأن بالنسبة لأحد الوزراء، لكن الأمر طبعا أكبر من ذلك ،وبالتالي فإن هذا التعديل،قد تم تدبيره بمنطق الشركة، لعدة اعتبارات يعرفها الجميع،والأخطر أن القطاعات الاجتماعية ستدار بمنطق وعقلية الباطرونا. ماحدث في النسخة الثانية من الحكومة الحالية، يكرس عبثية النضال داخل الأحزاب بالمفهوم المتعارف عليه، فلكي تتقوى حظوظك في الاستوزار والتحكم في القرار، على المرء أن يكون من دائرة أهل الثروة، كل ذلك على حساب الاستحقاق النضالي والكفاءة ،وبالتالي هذا يبعث برسالة سلبية للمواطن بشكل عام،بل يكرس الصورة الدونية للعمل السياسي في المغرب. الملاحظة الأخرى، التي تؤشر على أن التعديل الحكومي تحكمت فيه الإرضاءات ” الحزبية ” ،هو تعيين كتاب دولة في نهاية ولاية الحكومة، رغم أن هؤلاء الملحقين لن يشكلوا أية إضافة، ماعدا ماسيكلفه تعيينهم من مصاريف ونفقات إضافية . في المقابل، نسجل تذمر رئيس الحكومة وشركاؤه من بعض الأسماء التي كانت على رأس العديد من المؤسسات الدستورية، والتي كانت أرقامها وكذلك قراراتها تغضب الحكومة وتنسف ادعاءاتها، لكن للأسف تم إبعادها من هذه المؤسسات، وربما سيتواصل هذا المسار ،ويتواصل مسلسل الانتقام في القادم من الأيام . لقد جاءت التشكيلة الثانية، بعد إحالة مشروع قانون المالية للسنة المالية 2025، وبالتالي نتساءل ماهي الإضافة التي يمكن أن يشكلها الوزراء الجدد وكتاب الدولة، وقانون المالية قد تم إقراره من طرف الحكومة في صيغتها الأولى، الشيء الذي يؤكد بشكل لالبس فيه ،أن التعديل ،يبقى مجرد ترضية للخواطر وخدمة للحسابات الشخصية، وتصريف ” الصراعات الحزبية الداخلية ” وحسمها خارج المقرات ،لتتبلور من خلال مهام وكراسي وجاه وبريستيج أيضا داخل الجهاز التنفيذي. حالة الغضب أكيد، ستزداد حدتها ،حيث لم تستطع الحكومة منذ ولادتها ، حل المعضلات الاجتماعية، والدليل على ذلك الاحتجاجات المتواصلة في الكثير من القطاعات ومن طرف المواطنين، مع ضرب القدرة الشرائية، وغلاء المعيشة، وتنامي البطالة، وفشل مخطط المغرب الأخضر الذي أصبح يطلق عليه مخطط المغرب الأخطر، لأنه استنزق الملايير كما استنزف معه الفرشة المائية ، مما أدى إلى ظاهرة التعبئة من طرف الشباب وللأسف الأطفال في مواقع التواصل الاجتماعي من أجل القيام بالهجرة السرية إلى الضفة الأخرى، بشكل جماعي وعلني، والقضاء أيضا على الطبقة المتوسطة وتأثير ذلك على التماسك والتوازن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، كل ذلك يسائل الحكومة عن مامدى نجاح شعار الدولة الاجتماعية المرفوع ،الذي يتجسد بالدرجة الأولى في مبلغ 500 درهم شهريا لفئة معينة، وهو المبلغ الذي لايسمن ولايغني من جوع ، مثل ” ثعلب الروائي محمد زفزاف، الذي يظهر ويختفي وفق المؤشر الذي لايخضع لمعايير موضوعية وواضحة.
مقال خاص لصحيفة قريش – لندن