الأمل .. وقَسم  صديقي – نبيل بوزيان

الأمل .. وقَسم صديقي – نبيل بوزيان

آخر تحديث : السبت 2 نوفمبر 2024 - 8:36 مساءً

الأمل 

نبيل بو زيان ( الوعل)

IMG 20241102 WA0052 - قريش

كاتب من المغرب

يُقسم صديقي العزيز الذي أحب أن أناديه “الشبح” والذي لا أبدله أبدًا، أن زهرة الياسمين التي دهست فكسرت بحديقة حينا بحواف جواد طائش، أنها ستنجو وستزهر من جديد. إنه يقسم بأغلظ الإيمان بأنها ستحيا. أما عني، فأرى أن الكسر عميق وفوق كسور قديمة، وهذه الزهرة قاومت بما استطاعت وأكثر. فلن تنجو، والآن يمكنها أن ترحل بجدارة بعد كل هذا الذبول.

لطالما كان ممتلئًا بالأمل، عاشقًا حقيقيًا للحياة، كان مسالمًا ووديعًا حد الفجيعة. إنه لا يشبه أبناء قريته ولا أبناء جيله الذين كانوا يغبطونه لتفوقه عليهم في المدرسة، أما هو فكان لا يأبه بهم، إنه يصارع خارج معارك الآخرين، يصارع النسخ القديمة من شخصه، فيتفوق عليها دائمًا. أما أنا فكنت أغبطه لشيء واحد ووحيد: إفراطه في الأمل. أمله الجارف الذي يصيبني بالارتباك كلما تحدثنا.

لقد كان حديثنا في أغلب الأحيان عن الأمل واليأس. إنني وإياه خطان مستقيمان لا يلتقيان، وهذا كان يطعم حديثنا ويمده كلما لفنا الصمت. هو له روح تفيض بالأمل، وذاكرة لا تحفظ من التاريخ إلا القصص الرابحة التي ينتصر أبطالها دائمًا في الأخير. أما أنا فكنت أغمره بالقصص الخاسرة، بآلام كل بطل قرأت عنه في رواية أو قصيدة شعر. كنت أثقله بمقاطع شعرية للمظفر النواب، محمد الماغوط، غوتيه، لوركا، كونديرا، وكثير ممن اتخذوا من تحدي الألم بالكتابة والشعر والرواية مهنة.

ذات يوم كنت في محك تجربة أخيرة في الحصول على وظيفة. كنت أستعد لها بالتزام وعمل جاد، وهو كان يعرف هذا، لأنه كلما جاء إلى فاس إلا وتفقد استعداداتي للظفر بما كان يظن أني أستحقه. كنت أفعل كل شيء للحصول على وظيفة، لكن كان ينقصني شيء واحد: “الأمل”، الأمل الذي كان يأتي به صديقي الشبح محملاً به، يفيض من عينيه، فيرميني به كلما يئست. وفي ديسمبر من العام الماضي انتصر الشبح، وحقق ما كان يخبرني به دومًا. نجحت في التجربة وخرجت منها منتصرًا رابحًا، لكن خسرت الرهان مع الشبح، كوني لم يكن لي الأمل في الانتصار، ولم أراهن على نجاحي، ولكن هو فعل! راهن علي فانتصر، وانتصر الأمل، وانتصرنا جميعًا في الأخير.

كلمات دليلية
رابط مختصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com