الاهتمام الخليجي بالانفتاح على المثقفين المغاربة، هو مفتاح كل العلاقات الأخرى
جلال كندالي
كاتب من المغرب
رغم أن القرب الجغرافي، يشكل حافزاً أكبر ومعطى موضوعيا، ليكون هناك تقارب وتعاون بين البلدان، اقتصاديا، فنيا وثقافيا، وعادة ما يكون التاريخ والمستقبل المشترك لشعوب هذه الدول المجاورة، دافعا لذلك، حيث في الغالب هذه الشعوب تجمعها خصائص وحدة اللغة ، والتاريخ والتراث ، والدين والمصير المشترك.
لكن القرب الجغرافي، ليس دائماً شرطا أساسيا لتحقيق هذا المبتغى، والدليل على ذلك، العلاقة التي تربط المغرب بدول الخليج، فرغم وجود هذا البعد الجغرافي، إلاّ أن العلاقات تتجاوز المصالح المشتركة، إلى علاقات أخوية، تعكسها بالأساس المواقف المتطابقة لهذه الدول بخصوص العديد من الملفات والقضايا، في عالم يزداد تعقيدا اليوم في كل المجالات، ولعبت فيها أيضا العلاقات الشخصية بين ملوك المغرب وزعماء دول الخليج أيضا دورا أساسيا، بخلاف مايحدث اليوم بين المغرب وبعض جيرانه في المغرب العربي.
ماهو سياسي هو المفتاح للعلاقات بين الدول، ويكون له تأثير مباشر على المجالات الأخرى، ولاننسى أن المغرب ودول الخليج ، معا تبنت كدول ذات سيادة، سياسة متوازنة اتجاه الدول الأخرى قائمة على قواعد القانون الدولي المتسمة باحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وازدادت رساخة العلاقات بين المغرب ودول الخليج، في الدفاع المغرب عن القضايا التي تهم دول الخليج، كما الأمر بالنسبة لهذه الأخيرة، التي ساندت المغرب فيما يتعلق باسترجاع أقاليمه الصحراوية واستكمال وحدته الترابية.
ولمعرفة هذا الاهتمام الخليجي بالانفتاح على المثقفين المغاربة، كان لابد من تسليط الضوء على المدخل السياسي، الذي هو مفتاح كل العلاقات الأخرى.
وكما أشرنا إلى ذلك، فالأمر أيضا يعود إلى التراث الثقافي المشترك،حيث يشترك المغرب ودول الخليج في تراث ثقافي عربي إسلامي غني، وهذا يوفر أرضية مشتركة للحوار والتبادل الثقافي،كما أن المغرب يتميز بالتنوع الثقافي ، مما يجعله مصدرا غنيا للإلهام والإبداع، وهذا يثير اهتمام المثقفين الخليجيين،كما يسعون إلى تحقيق التنوع الفكري والثقافي، ويرون في المثقفين المغاربة إضافة نوعية لهذا التنوع.
هناك أسباب ودوافع كثيرة أيضا، منها دور المغرب في الحركة الثقافية العربية، حيث ساهم المثقفون المغاربة في إثراء المشهد الثقافي العربي بأفكارهم وإبداعاتهم. زيادة على سعي دول الخليج إلى بناء جسور التواصل الثقافي والحضاري مع الدول العربية الأخرى، ويشكل المغرب شريكا استراتيجيا في هذا السياق، زد على ذلك البحث عن وجهات نظر جديدة بغية الاستفادة من الخبرات والمعارف التي يمتلكها المثقفون المغاربة، خاصة في المجالات الثقافية والفكرية، و تبادل الخبرات والمعارف،مما يؤدي إلى إثراء المشهد الثقافي في كلا الجانبين، وتعزيز الهوية العربية المشتركة و الوعي بالهوية العربية المشتركة والقيم المشتركة.
المقال خاص لصحيفة قريش – لندن