علي او عمو
كاتب من المغرب
يتطلب تحديث المدرسة المغربيّة، و بكُل إلحاح، إلى إعادة النظر في دور هذه المؤسّسة العمومية في اتجاه تقوية إشعاعها وإبراز مكانتها، من خلال إصلاح شامل للمنظومة التربويّة و التعليميّة المُهترئة و المُتجاوَزة و الباليَة، وإذا ألقينا نظرةً على بعض الدول الأسيوية التي شهدت نهضة حديثة كبيرة، مثل كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة، سَنجد أنّ القاسِم المشترك بيْن هذه الدول جميعِها هو اهتمامها بالتعليم وتعديل مناهجها الدراسية بشكل جعلها تواكب الحداثة والنهضة العِلميّة العالمية…
و بِما أنّ المعلم هو العُنصرُ الرّئيسيّ والعُضو الفعّال في المنظومة التعليمية و نظراً لِدوره الرئيسي في المؤسسة التربوية، يمد مدرسته بالرؤية والأفكار و يعمل بكل جهد لتحقيق ورفع مستوى المتعلمين من خلال اطّلاعه الواسع ثقافيّاً وفي مجال تَخصُّصِه العلمي و إدراكِه الشّامِل لِلاِتجاهات العالميّة واستراتيجيات التعليم والتعلُّم فَلا بُدّ من الاعتراف بهذا الدور و بِهذه الخِدمة الجليلَة التي يُؤَدّيها من أجل الرُّقي بِبلَده و مُجتمعِه، و إيلاء هذا الرجل العظيم كلّ الاهتمام و الرّعاية، و ذلك بالسّعيِ إلى تحسين أوضاعِه المادِّيّة و المَعنويّة لأداء رسالته النبيلة والجسيمة المُلْقاة على عاتِقه، لِكوْنِه يُمارِسُ أصعبَ مهمّة و أخطرَها داخل المُجتَمع. مَهمّة تربية النشْء، لِيُصبحوا عناصرَ فعّالةً و نشيطةً ومُندَمِجةً داخل مُجتمعِها، إضافةً إلى تكوينِهم لِيُصبِحوا تِلْك الأجيال المُستقبليّة التي يُعوِّل عليها المجتمع في تنمية البَلد و تقوِيَّةِ هياكِلِه و بِنائِها على أُسُسٍ صلْبَةٍ مَتينةٍ تُؤَهِّلُه لِيكون في صَدارَة الدول التي قَطعت أشواطاً كبيرة في هذا المَجال الحيويّ و المَركزيّ الذي ساهَم في ازدهار بُلْدانِها و ترْفيهِ شُعوبِها و إسعادِها..
و من واجب السلطات في المغرب أنْ تَسهرَ على تطوير هذه المَدرسة و تحديث أساليب عملِها قَصْدَ تمكينِها مِن إنْجابِ خيْرةِ الأجيال المُتسلحةِ بالمعارف الحديثة، المُعتَمَدة على مختلَف صُنوف العلوم المُتطوِّرة و التكنولوجيات العصريّة، بُغيةَ مُسايَرة ركْب الأمم المُتبَوِّئة للمراتِب العُلا في مُختلف الصّناعات و التكنولوجيّات، في الطبّ و الهندسة الصناعات المُتنوّعة و الاكتشافات و الاختراعات، التي تُيسِّرُ انخراط النّشء في الحياة العامة والإسهام في عملية تنمية بلدهم في كلِّ مَناحي الحياة المُعاصِرة، وذلك من أجل ضمان ربْح الرِّهان في عالم اليوْم الذي لا يعرِف الثَّبات على حال و المُتغيِّر باستِمرار، عالم مُتجدِّد، يسير بوثيرة سريعةٍ جدّاً في ميْدان التحديث و العصْرَنة و التجديد…
خُلاصَة القوْل: إنّ المغرب في حاجةٍ ماسّة إلى مَدرسة عمومية تُعيد الثقة للأسر المغربية، بتحديث أُطُرِها التربويّة و التعليميّة من خلال تكوينِهم تكويناً حداثيّاً وِفقَ ما تتطلّبه المَرحلة الرّاهنة، رِجال أكفاء قادِرون على أداء مهمّتهم على الوَجه الأكمَل. و العمل على جعل هذه المَدرسة فضاءً جذّاباً مُستقطِباً للتلميذ، تتوفّر على بنيات تحتية جيّدة، مدرسة خاليةٌ من كلّ الإكراهات والصعوبات التي يُعاني منها نظامنا التعليمي منذ عقود (الهدر المدرسي، الرّسوب، الاكتظاظ ، التكرار الأمية…) .