علي اوعمو
كاتب من المغرب.
أوردت جريدة “هسبريس” يوم الإثنين 02 دجنبر 2024 خبراً تحت عنوان (الحكومة توافق على الإعفاء الكلي لمعاشات المتقاعدين من ضريبة الدخل)، و مِمّا جاء فيه ما يلي: “استجابة لمطلب اجتماعي ظَلّ مرفوعا بالمملكة، قبلت الحكومة تعديلات تقدّمت بها فرق ومجموعة الأغلبية والاتحاد العام لمقاولات المغرب بخصوص الإعفاء الكلي للمعاشات والإيرادات العمرية المدفوعة في إطار أنظمة التقاعد الأساسي من الضريبة على الدخل.
وفي هذا الصدد، أفاد فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، بأن القيام بذلك سيكون على دفعتين 50 في المائة سنة 2025، و50 في المائة سنة 2026.
وقالت مجموعة فرق الأغلبية، في مقترحها لتعديل المادة 57 من المدونة العامة للضرائب، إن التعديل “يهدف إلى الإعفاء الكلي للمعاشات والإيرادات العمرية المدفوعة في إطار أنظمة التقاعد الأساسي، باستثناء تلك المدفوعة في إطار أنظمة التقاعد. كما يقترح التنصيص على تخفيضٍ نسبتُه 50 في المائة من مبلغ الضريبة المستحقة التكميلي، ابتداء من فاتح يناير 2026″…
• للإشارة، فإنّ راتب الموظّف المغربي يخضع للخصم على أساس الضريبة على الدخل، منذُ بداية مُزاولته لعمله، و بعد حصوله على التقاعُد و إنهائه لمهامّه يستمِرّ الاقتطاع من أُجرتِه، مِمّا يُعتبر حيْفاً في حقّ هذا الموظّف، خاصةّ عندما يتعلّق الأمر، بالموظّف الصغير الذي يتقاضى أجراً هزيلاً لا يُسمن و لا يُغني من جوع، و في ظلّ ارتفاع أسعار جميع الموادّ الضروريّة للحياة..
• عرفت معاشات الموظفين جموداً و رُكوداً، منذ عقود عديدة، و لم تَلتَفِتِ الحكومات المُتعاقِبة إلى هذه الفِئة المُهمَّشة من الشعب المغربي التي أفْنَت عُمرَها في خدمة وطنِها، و في ظلّ تجميد رواتب المعاشات و عدم الزيادة فيها أصبح المُتقاعدون يعيشون حياةَ بُؤس و عُسر و ضنْكٍ، بحيث لا يقوَوْن على تلبية حاجيات أسرهم الضروريّة، الشيء الذي يدفع العديد منهم إلى البحث عن عمَل يدعَمون به معاشَاتهم الهزيلة، و غالباً ما يكون هذا العمل شاقّاً يفوق طاقتَهم الجسديّة المُهترئة الضعيفة، تلك الطاقة التي أفنوْها طيلة مُدّة عملهم كموظّفين للدولة.
• إنّ فترة التقاعُد هي فترة نَقاهَة و راحة و استراحة، يجب أن يتمتّع بها المتقاعدون من خلال الأسفار و الرحلات و الترويح عن النفس..
• إنّ التخفيض من الضريبة على الدخل بالنسبة للمتقاعدين البُسطاء هَزيلي الرواتب المَعاشيّة لا يُمكن أن تحلّ مشاكلهم الحياتِيّة المُعقّدة التي تُرهِق كاهِلَهم، فهذه الشريحة تحتاج إلى حلولٍ حقيقيّة تُنهي معاناتِهم و ذلك عبر وضع سُلّم مُتحرّك لمعاشاتهم يضمَن لهمُ الرفع من رواتبهم بِنسبَة مُعيَّنة كلّ سنة، و بشكلٍ تَصاعُديّ من أجل مواكبة الارتفاع المُهوِل في الأسعار الذي تعرفه جميع الموادّ الأساسيّة، مِمّا يستحيل معه ضمان العيش الكريم لهذه الشريحة العريضة من الشعب المغربيّ، التي تستحقّ من الدولة كلّ الاهتمام و الرعاية، عِرفاناً بالخدمة الجليلة التي أسدَتْها لِوَطنِها، فعلى الحكومة الحالية أنْ تُوليَ اهتمامها للمتقاعد و ترفَعَ من شأنه و تَمنحه المَكانة اللّائقة التي يستحقّها داخل المجتمع المغربيّ..
للتذكير، فقد كان المُتقاعد المغربي فيما مضى يندرج في إطار الطبقة المتوسطة، التي تُعتبَر الركيزة الأساسية في ديناميّة الاقتصاد، و اليوم أصبح مُتقهقِراً إلى الطبقة الفقيرة يعيش حياةً مُزريةً يندى لها الجبين..
بدل أن تُناقش الحكومة الزيادة في مُرتّبات المُتقاعد، دأبت إلى الحديث عن التخفيض من الضريبة على الدّخل، الذي لا يمكن أنْ يكون إلّا حلّاً ترقيعيّاً للأزمة المتفاقِمة لِمُدّة عقودٍ…