أ.د : أحمد محمّد القزعل
مرحلة الشّيخوخة هي العمليّة البيولوجيّة التي تتعرض لها الكائنات الحيّة مع مرور الوقت، حيث تتراجع الوظائف الجسديّة والعقليّة تدريجياً، ويمكن أن تتضمّن تغيّرات في المظهر الخارجيّ مثل ظهور التجاعيد والشيب وتراجع في وظائف الجسم كضعف العضلات والمفاصل وانخفاض القدرة على التّذكر والتّركيز.
ولايوجد سن محدد يمكن اعتباره سن الدخول في مرحلة الشّيخوخة، لكن جرى التّعارف على أنّ عمر 65 سنة هو العمر الّذي يشير إلى بداية سن الشّيخوخة، ولكن هذا العُرف لم يستند إلى أسس بيولوجيّة إنما هو عرف تاريخيّ، حيث جرى اختيار عمر 65 سنة كسن للتّقاعد في ألمانيا وهي أول دولة تضع برنامجاً للتّقاعد.
حقيقة فإنّ أهمّيّة العمر الزّمنيّ محدودة كمؤشر عام على الصّحة واحتمال الإصابة بالأمراض يزداد مع تقدم الشخص في السِّن، كما أن هذه الأمراض الصّحيّة تكون هي السّبب الرئيسيّ في تراجع القدرات الوظيفية للشخص، لكن العمر النّفسيّ يختلف عن العمر الزّمنيّ، فيمكن اعتبار شخص يبلغ من العمر 75 عاماً أكثر شباباً ممن يماثله في العمر من النّاحية النّفسيّة إذا كان يمارس عمله ويخطط لمهامه المختلفة ويترقب الأحداث المستقبليّة وينخرط في نشاطات متنوّعة.
ولا بدّ من التّعرف على مصطلح الشّيخوخة الصّحيّة أوالنّاجحة الّتي تؤدي إلى تأخير حدوث التّأثيرات السّلبية للشّيخوخة أو الحدّ منها على الأقل وذلك بالمحافظة على الوظائف الجسديّة والذّهنيّة للمُسن وتجنب إصابته بالأمراض والمحافظة على استقلاليته ونشاطه بالنسبة وتبنيّ عادات صّحيّة مثل: التزام نظام غذائيّ صحيّ غنيّ بالفيتامينات والمعادن و ممارسة التّمارين الرياضيّة بانتظام وتجنب تدخين السّجائر والحصول على قسط كاف من النّوم الجيد وإجراء الفحوصات الطبيّة المنتظمة تساعد في الكشف المبكر عن الأمراض ومعالجتها قبل أن تتفاقم…
ولقد دعا الإسلام إلى التّعامل باحترام وتقدير مع مرحلة الشّيخوخة ونوّه إلى إكرام كبار السن واحترامهم، فقال عليه الصّلاة والسّلام : “ليس منّا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقّه” (رواه أحمد والترمذي).
وشدد الدّين الإسلاميّ على أهمّيّة بر الوالدين خاصّة في مرحلة الشّيخوخة، فقال تعالى: [ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ] (الإسراء: 23).
حقيقة إنّ كبار السن في المجتمعات يعدّون مصدراً للحكمة ونوراً للمعرفة بما اكتسبوه من خبرة ومعرفة وتجارب قيمة خلال هذه الحياة، كما يعتبر التّقدم في السِّن فرصة للتقرب من الله عزّ وجلّ وزيادة العبادة والتّفكر، كما أنّ مرحلة الشّيخوخة هي مرحلة مليئة بالبركة والنّور، حيث تُكرّم وتُحترم التجربة الإنسانيّة والمعرفة المتراكمة على مرّ السّنين.