بقلم المراقب السياسي
واشنطن
الولايات المتحدة ترى ان الفشل في تطبيق القرار الدولي واتفاقيات استانا والاعتماد على روسيا وايران عوامل تقف وراء الانهيار الامني في مدن سورية
ما قاله رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو قبل اسبوع في انّ الرئيس السوري بشار الاسد يلعب بالنار في اشارة الى السماح بتوريد السلاح من ايران الى حزب الله ، كان اخر رسالة تصل في اصعب التوقيتات وتعبر عن فيض الكيل ، ويبدو انّ هناك مراهنة في مؤسسة الحكم بدمشق على الخيارين الروسي والايراني مع المناورة بالتطبيع مع السعودية وعموم العرب ، لكن القراءة تبقى ناقصة ولا تصل الى مقتربات ما يجري على واقع الارض وفي سياق تاريخ الحرب السورية الداخلية التي اندلعت في العام 2011 ولم تنته “بأي اتفاق سياسي او وضع دستوري جديد ،وقد جرى تذويب كل المشاريع السياسية ومباحثات دولية في “استانا” او “جنيف بما جعل الوضع في مؤسسة الحكم يصيبه نوع من الغرور السياسي والامني، وكان هذا نوعا من الامراض التي اصابت عددا من الانظمة السياسية في تاريخ العرب الحديث..
الفرص تأتي مرة واحدة ولا تتكرر في التاريخ ، الا في عهد حكم “حقبة الاسد” في سوريا ، فقد تكررت الفرص لانعاش النظام بشكل يعطيه اوكسجين الحياة حتى حين كان الحبل على العنق . لكن ذلك لم يتم تطويعه سياسيا ، وبقيت عقلية حكم فترة السبعينات والثمانينات سائدة في دمشق ، وهو الامر الذي يتنافى مع منطق التاريخ وسيرورة الاحداث.
بعيدا عن اي تسمية لتصنيف قوات المعارضة المسلحة التي سيطرت على كامل “ادلب” و”حلب” ودخلت ريف “حماه”، فإن هناك فجوة بين نظام الحكم والوضع الشعبي لاسيما بعد انتهت المرحلة الاولى من الحرب قبل خمس سنوات ولم ينتج عنها مشروع سياسي جديد لسوريا.
ما يجري اليوم هو فرض امر واقع بتأييد ضمني من توافقات دولية واقليمية ، ولم يعد اللاعب الايراني والمليشيات الشيعية المرتبطة بالحرس الثوري وحوزة النجف في موضع قوة للحسم، بعد الهزيمة التي لحقت بحزب الله وتقطع سبل التواصل بين اطراف محور ايران.
هناك تاريخ جديد في سوريا ، قد لا يشمل كل سوريا ، لكن هناك تغييرات اساسية في الواقع لا يمكن تجاهلها.
وفي وسط ذلك كله، لا يمكن حذف ما يمثله حكم الاسد ومعادلة “الساحل” في الامساك بخيوط اللعبة حتى لو خرجت احيانا عن الخطة.
هناك ساعات مهمة مقبلة وليست اياماً.
لكن اي تغييرات سياسية في دمشق لا تزال بعيدة جدا، بالرغم من تغييرات الميدان.